يبحث العدد (121 – يوليو/تموز 2016) من كتاب مجلة الرافد الصادرة عن دائرة الثقافة والإعلام في إمارة الشارقة، بعنوان "مقارعة المستحيل – دراسات في ترجمة الشعر" وهو من تأليف الناقد والدكتور المغربي حسن بحراوي - في ترجمة النصوص الشعرية وإمكانياتها. معتبراً أن هذه الآلية ستظل مثار جدل دائم وحاد بين زمرة المشتغلين بالترجمة وعلى مر العصور واختلاف الثقافات والأدوات. وب 144 صفحة من القطع الصغير، يتطرق بحراوي إلى الترجمة، وعلى الرغم من قدمها التاريخي، بوصفها إشكالية أدبية وثقافية وإنسانية في الوقت نفسه. وباعتبارها حاجة وضرورة ملحة للانتقال والتواصل الثقافي والحضاري بين الشعوب. إلا أن مشاكلها لم تعد تخفى على أحد اليوم، خاصة وإن كانت تعاني ضعفاً في اللغة أو في الأسلوب أو في المعنى. وفي افتتاحية عنوانها "إشكالية ترجمة الشعر"، يقول في محاولة الإجابة عن "لماذا علينا ترجمة الشعر الأجنبي؟" في ظل صعوبات المسألة من الألف إلى الياء: "إننا نفكر في الواجب الإنساني الذي يفرض علينا ألا نظل منغلقين على أنفسنا.. فالعلاقات بين الشعوب هي من الاختلاف بحيث تنسينا التشابه القائم بينها في التطلعات والمعاناة، وتحملنا على التفكير في إمكان الاستعانة بتجارب بعضنا بعضاً.. خاصة في مجال إنتاج الثقافة الكونية التي تغذّي المعرفة المشتركة بين الناس.. أليس الشعر هو تلك التجربة التي بوسعها تحقيق الإغناء والتواصل؟". وينوّع بحراوي في موضوعاته متناولاً مجموعة من النقاط الأساسية في عملية الترجمة الشعرية، منها: "مصاعب ترجمة الشعر نثراً"، "طرائق ترجمة الشعر"، "الطريق الصعب إلى ترجمة الشعر عن العرب"، "رهان الترجمة الحرفية للشعر". ويستحضر عدداً من الأمثلة على التجارب العربية المعاصرة في ترجمة الشعر، وفي ترجمة الشعر العربي إلى اللغة الإنجليزية. ويختتم بتجربة ترجمة أدونيس إلى الفرنسية: آن واد مانكوفسكي. ويقول في بحثه: "لقد كانت المشكلة الحقيقية في ترجمة النص الشعري باعتباره خطاباً خاصاً تكمن في تعدد مكوناته الفنية والجمالية تحديداً.. فإذا أمكننا ترجمة البنى اللغوية والتركيبية بكل اليسر الذي تتيحه لنا المعرفة اللسانية الضرورية لعمل المترجم، فكيف سنفعل في مواجهة البنى الوزنية والأسلوبية والشعرية.. وهي العمود الفقري لكل إبداع شعري؟". ويشير إلى أن اللسانيات الحديثة قد مهّدت للجواب، بالانطلاق من أن بنية ما لا تكون لها فائدة إلا إذا توفرت لها وظيفة. وعليه فإن عملية ترجمة الشعر تقتضي ليس ترجمة شكل بشكل أو بنية ببنية وإنما ترجمة الوظيفة أو الوظائف الشعرية للنص. أي الأثر أو الآثار التي تنتج عن ذلك النص. ويبدو لنا بالنظر إلى خاتمة البحث، أن بحراوي وإذ سعى للحصول على إجابات واضحة للأسئة المعلنة والشرعية حول إمكانية ترجمة الشعر وآلياته، إلا أنه وضع أسئلته الخاصة كختام لدراسته. خالصاً إلى أنها أسئلة لا تنتظر أجوبة ناجزة وجاهزة للاستعمال العمومي. فالمترجم النابه وحده بإمكانه أن يقترب منها مستعيناً بفطرته ودهائه ولم لا عبقريته.