يتذكر الأثريون الكارثة التي وقعت عام 1899م، والتي سردتها الكتب والمراجع العربية والأجنبية لمعبد الكرنك، حين أدى الفيضان الجارف لسقوط صالة الأعمدة بالكامل، وهو السقوط الذي تم وصفه بأنه كان يشبه زلزالا عنيفا. الكارثة التي حلت بمعبد الكرنك منذ أكثر من 100 سنة، لم تعادلها أي كارثة أخرى حتى الآن، وقد كلفت ميزانية الدولة المصرية مئات الجنيهات حينذاك، التي كانت تعادل ملايين الجنيهات في وقتنا الحالي، كما يؤكد الباحث الأثري فرنسيس أمين. وأضاف أمين أن سبب الكارثة كانت مياة الفيضان التي غمرت الأساسات بالكامل، مما أدى للانهيار الذي جعل الترميم يستمر لمدة 10 سنوات متصلة، حتى تم إعادة صالة الأعمدة لحالتها قبل انهيارها بالكامل. الجدير بالذكر أن صفحات موقع التواصل الاجتماعي، الفيس بوك، نشرت عدة صور وصفتها بالمهزلة في ترميم الأعمدة بالأسمنت في معبد الكرنك، الذي أدى، حسب الصور المنشور، إلى طمس النقوش بالكامل. ويضيف أمين أن معبد الكرنك شهد علي مدار تاريخه الكثير من الترميمات البارعة على أيدي المصريين، قبل الباحثين الأجانب، مثل العم عبده، الذي استعان به الفرنسيون في ترميم معبد الكرنك في ستينيات القرن الماضي، بالإضافة للعم علي، الذي كان أحد رؤساء عمال الحفائر في المعبد، الذي يمثل تاريخ مصر وكافة حقبها التاريخية. وقال أمين إن تسمية إطلاق اسم الكرنك على المعبد يعود لأصل عربي، لافتا إلى أن معبد الكرنك كان له عدة تسميات في العصر الفرعوني ومنها "تا أيبت إيسوت" وهو يعني "درة المقاصير والمعابد". العم عبده الذي يعيش في الكرنك حاليا (70 سنة) هو ابن عم محمد محمود، الذي قام بترميم المقصورة الشهيرة في المعبد، وهو أحد أصدقاء الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، والذي يتقن اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وكتابة الهيروغليفية دون الكتابة بالعربية. وأوضح عبده أحمد طه ل"بوابة الأهرام" إنه قام بكتابة اسم ملكة الدنمارك باللغة الهيروغليفية، لافتا إلى أنه لا يتقن الكتابة أوالقراءة باللغة العربية؛ لأن والده توفي وكان حديث السن، مما اضطره للعمل بالآثار والاحتكاك بالبعثات الأجنبية، مشيرا إلى أنه قام بترميم البالون بالمعبد، كما قام برسم المعبد للبعثات الأجنبية. وأضاف عبده أنه وجد في تراب المعبد خاتمين من الذهب، وجعرانا مذهبا، وتمثالا صغيرا، قام بتسليمهم للآثار، لافتا إلى أنه كان يستخدم الألوان لوضعها علي النقوش، بالإضافة لاستخدامه "حمرة الطوب الأحمر القديمة" بجانب الأدوات الحديثة في الترميم، بداية من الأسمنت، الذي يغطي الأماكن التي ليس بها نقوش، ومرورا بالأسمنت الأبيض، والأدوية التي يتم وضعها للحفاظ على معبد الكرنك. وأشار إلى أنه رغم خدمته الكبيرة في معبد الكرنك، فإن الحكومة لم تقم حتى بتعيين أبنائه الخريجين في معبد الكرنك، أسوة بما كان يحدث في العهود السابقة، حسب قوله، حيث كان الأبناء يتشربون من الآباء اتقان مهنة الحفائر والمساعدة في الترميم. وأكد فرنسيس أمين أن أدوات الترميم الجديدة في معابد مصر الأثرية جيدة جدا، لأنها، حسب قوله، تسمح للحجر بالتنفس، مشيرا إلى أن الأسمنت الأبيض يمكن إزالته بسهولة، دون ترك تأثير على الحجر، بالإضافة إلى أن ترميم الأعمدة والأماكن التي ليس بها نقوش ستمنع دخول الحشرات الضارة إلى الشقوق، مشيرا إلى أن ماتم تدواله من صور حول استخدام أساليب غير صحيحة في الترميم لمعبد الكرنك لا أساس له من الصحة. في سياق متصل قال أمين عمار مدير آثار الكرنك، في تصريح ل"بوابة الأهرام" إن الترميم في معبد الكرنك يكون من خلال قواعد علمية متبعة ولجان مكونة، لافتا إلى أن قطاع الترميم يسير وفق الأدوات المستخدمة حسب قانون اليونسكو، الذي يعطي الأفضلية للترميم بالأسمنت الأبيض والحيبة، والجير للأماكن التي ليس بها نقوش. وأضاف عمار أن ماينشر على صفحات التواصل الاجتماعي، غالبا لايعتد به، بخاصة أن للترميم قواعده، نافيًا أن تكون قد حدثت ترميمات في صالة الأعمدة بمعبد الكرنك، مشيرا إلى أن الترميم الوحيد كان للتمثال ستي الثاني، وهو تمثال ليس به نقوش، وأن الضجة التي أثيرت حوله لم تكن صحيحة، داعيا الصحفيين ووسائل الإعلام لزيارة معبد الكرنك، واستطلاع الأمر بالمشاهدة الدقيقية لكافة الترميمات في المعبد.