إجازة عيد الأضحى المبارك 2025 في مصر للقطاعين الخاص والحكومي والبنوك    صعود عالمي جديد.. كم يسجل سعر الذهب اليوم الاثنين 2 يونيو 2025 وعيار 21 الآن؟    محافظ قنا يتفقد المخابز والأسواق للتأكد من جاهزيتها استعدادا لعيد الأضحى المبارك    محافظ قنا يتفقد المخابز والأسواق للتأكد من جاهزيتها قبيل عيد الأضحى    وزيرا الاتصالات والتضامن يعلنان دعم 3000 مهنى بقيمة 200 مليون جنيه    كاتب أمريكى: أوكرانيا أعادت كتابة قواعد الحرب مع روسيا بهجوم "شبكة العنكبوت"    إيران تطالب ب ضمانات من الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    ريفيرو يعقد جلسات تحفيزية مع لاعبي الأهلي استعدادًا للمونديال    خالد مرتجي ممثلا للأهلي وهشام نصر للزمالك فى اجتماع اتحاد الكرة    ترتيب الكرة الذهبية بعد فوز باريس سان جيرمان بدوري الأبطال.. مركز محمد صلاح    إنتر ميلان يضع مدرب فولهام ضمن قائمة المرشحين لخلافة إنزاجي    وزير التعليم يعلن مضاعفة أعداد مراقبي لجان امتحانات الثانوية العامة هذا العام    «الداخلية»: ضبط 7 أشخاص بتهمة الاتجار في المخدرات بأسوان ودمياط    ميراث الدم.. تفاصيل صراع أحفاد نوال الدجوى في المحاكم بعد وفاة حفيدها أحمد بطلق ناري    الحكم على المنتجة ليلى الشبح بتهمة سب وقذف الفنانة هند عاكف 23 يونيو    تامر حسني رقم 1 في شباك تذاكر السينما بالسعودية    "الإغاثة الطبية" بغزة: الاحتلال يستهدف كل شىء بلا تمييز ولا مكان آمن بالقطاع    الأربعاء.. قناة الوثائقية تعرض الجزء الثاني من فيلم «الزعيم.. رحلة عادل إمام»    دعاء للأم المتوفية في العشر الأوائل من ذي الحجة «ردده الآن» ل تضىيء قبرها    وزير الصحة: زيادة ميزانية الطب الوقائي بدلا من الاعتماد بشكل كامل علي العلاج    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    وزيرة التنمية المحلية توجه بتوفير اللحوم بأسعار مخفضة في عيد الأضحى    استعدادا للعيد.. تعقيم المجازر ورش وتجريع الماشية في المنيا    محافظ المنوفية يأمر بصرف مساعدات مالية ومواد غذائية لحالات إنسانية    البنك المركزى يعلن عطلة البنوك لعيد الأضحى تبدأ الخميس وتنتهى الإثنين.. فيديو    الكشف عن موعد عرض مسلسل "فات الميعاد"    المدير التنفيذي: أنجزنا 99% من مشروع حدائق تلال الفسطاط    تفاصيل مظاهر احتفالات عيد الأضحى عبر العصور    محافظ القليوبية يكلف رؤساء المدن برفع درجة الطوارئ خلال إجازة عيد الأضحى    السعودية: أخرجنا أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بلا تصريح    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو    الخانكة التخصصي تنقذ حياة رضيعة تعاني من عيب خلقي نادر    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    المخابرات التركية تبحث مع حماس تطورات مفاوضات الهدنة في غزة (تفاصيل)    الإصلاح والنهضة: صالونات سياسية لصياغة البرنامج الانتخابي    إدارة ترامب تواجه انتقادات قضائية بسبب تضليل في ملف الهجرة علنًا    حكم الأخذ من الشعر والأظفار لمن أراد أن يضحي؟.. الإفتاء تجيب    منافس الأهلي.. بالميراس يفرط في صدارة الدوري البرازيلي    التضامن: انطلاق معسكرات "أنا وبابا" للشيوخ والكهنة لتعزيز دور القادة الدينيين في بناء الأسرة    رئيس التشيك: نأمل في أن تواصل قيادة بولندا العمل على ترسيخ قيم الديمقراطية    ذا صن: «بي بي سي» تلغي حلقة محمد صلاح وجاري لينكر خوفا من الحديث عن غزة    موعد عودة الموظفين للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    مجلس الأمن الأوكرانى : دمرنا 13 طائرة روسية فى هجوم على القواعد الجوية    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    بركات: بيكهام مكسب كبير للأهلي ووداع مستحق لمعلول والسولية    4 أبراج تتسم بالحدس العالي وقوة الملاحظة.. هل أنت منهم؟    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«كافيه فيروز» رواية الهاربين من الواقع
نشر في نقطة ضوء يوم 22 - 11 - 2015

في «كافيه فيروز»، الرواية الأولى للكاتب والفنان التشكيلي العراقي علي شاكر، نحن إزاء خمسة فصول متعاقبة يحمل كل منها اسم الشخصية التي تتمحور حولها أحداث الفصل، فتكون لكل شخصية حكايتها التي نادراً ما تتقاطع مع حكايات الشخصيات الأخرى. والعلاقة بين الفصول هي علاقة تجاور، في الشكل، وتزامن في الزمان، وتماكُن في المكان، في الشق الوقائعي، على الأقل. أما العلاقة بين الشخصيات الخمس الرئيسة فتقتصر على علاقة فردية مباشرة بين إحداها، نادين صاحبة المقهى الذي تحمل الرواية اسمه وكل من الشخصيات الأربع الأخرى التي لا يوجد علاقات مباشرة بينها، لا سيّما أنها متعدّدة الجنسية والاهتمام، ولكل منها حكايتها وجرحها وتطلعاتها. بهذا المعنى، لا يمكن الكلام على حكاية محورية واحدة في الرواية. فالكاتب يكسر وحدة الحكاية لمصلحة تعدّد الحكايات، ويكسر وحدة الحبكة لمصلحة الحبكات المتعدّدة التي تتفاوت في تعقيدها بين حكاية وأخرى، وينسف انخراط الشخصيات الرئيسة في أحداث مشتركة، ما يجعلنا أمام روايات قصيرة أو قصص طويلة عدة في رواية واحدة.
ذكريات
في المقابل، تجمع بين الحكايات حدوث وقائعها في الفترة الزمنية نفسها في كانون الثاني (يناير) 2013، بعد عامين اثنين من انطلاقة الربيع العربي. ويجمع بينها حصولها في الإطار المكاني نفسه، مقهى «كافيه فيروز» الصغير في شارع «الرينبو» بعمّان، وإن كانت الذكريات المستعادة بواسطة الراوي العليم أو الشخصية تمتد على سنوات طويلة، وتدور رحاها في أماكن متفرّقة من العالم.
لكل شخصية من الشخصيات الأربع فضاؤها الروائي الخاص بمعزل عن الأخرى. وحدها شخصية نادين ارتبطت بعلاقات مع الشخصيات الأخرى، وغالباً من موقع الشاهد، المستمع، المراقب، لا من موقع الفاعل المؤثّر في مجرى الأحداث. تلتقي الشخصيات، وتقوم بينها علاقات غير مباشرة.
يشكّل المقهى الحجري الصغير المكان الذي تدور فيه الوقائع الروائية، فكل من نادين اللبنانية الأم، ووليد الفلسطيني الأردني، وربى السورية، ومحمود المصري، وعلي العراقي، يأتي إلى المقهى لإدارته، أو العزف فيه، أو الإصغاء إلى أغنيات فيروز وموسيقى الرحابنة، أو للكتابة، وفوق هذا كله لارتشاف القهوة.
تشكّل زيارة المقهى مناسبة لاسترجاع الذكريات، وتلعب تفاصيل المكان دورها في هذا السياق، فرؤية صورة معيّنة على الجدار، أو الاستماع إلى مقطوعة موسيقية، أو ارتشاف فنجان قهوة، أو اللقاء بشخصية ما، تفتح كوى على الماضي، ذاك الذي تحمله كل شخصية في داخلها ولا تستطيع التحرر منه. يحضر الماضي بحلوه ومرّه، فتستعيد الشخصية توازناً مفقوداً أو تتحرّر من لحظة ضاغطة أو تنفّس عن كرب مقيم.
غير أن المفارقة في هذا السياق هي أن مكان الوقائع محدّد بمقهى صغير وزمانها محدود بوقت قصير فيما تمتد الذكريات زماناً ومكاناً. وبالتالي، أنّى لجلسة قهوة في مقهى استيعاب هذا الكمّ من الذكريات الذي يشمل حياة كاملة؟ ثمة اختلال في التوازن لمصلحة الماضي، إلّا إذا كانت ثمة جلسات متعدّدة للشخصية الواحدة، الأمر الذي لا يبدو واضحاً في حالة بعضهم. بهذا المعنى، نحن إزاء شخصيات ماضوية، ولعلّ السبب يعود إلى ثقل وطأة هذا الحاضر وكثافة وقائعه الخارجية الضاغطة.
بالدخول إلى ماضي الشخصيات، نرى أن لكل منها معاناتها وجرحها الغائر الذي ينتمي إلى الماضي والبلسم الذي تتطلّع إليه وينتمي إلى المستقبل، ما يجعل الشخصية منفصمة بين الزمنين، ويكاد يطيح الحاضر.
تاريخ الشخصيات
نادين، المصوّرة والصحافية، هي ثمرة علاقة غير شرعية بين طالبة لبنانية وآخر فرنسي هو زميل دراستها، حتى إذا ما اكتشفت الأم حمل ابنتها تقوم بعزلها حتى تضع مولودها، وتعهد بتربيتها إلى ممرضة مقابل المال، ثم تتدبّر أمر تزويج الطالبة بأمير خليجي، لتصبح الأميرة ندى. هكذا، تتموضع نادين بين ماما جميلة الممرضة التي ربّتها ولم تنجبها، والأميرة ندى التي أنجبتها ولم يُسمح لها بممارسة حق الأمومة.
أما وليد، العازف الفلسطيني الأصل، فتتدخّل المصادفة في حياته لتحدّد مساراته وخياراته. ينخرط في علاقة غرامية مع ديبرا، المعلمة البريطانية المهتمّة بالتأمّل والروحانيات، ويعيشان معاً في شقّتها اللندنية، حتى إذا ما اكتشف هويّتها الأخرى، الإسرائيلية، تستيقظ فيه هويّته الأصلية بكل عذاباتها، فيقرّر الرحيل بذكرياته الجميلة وجرحه الطري قبل أن يعرف أن ديبرا ترفض السياسات الإسرائيلية وتنشط على خط الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وأنها، وهذا هو الأهم، حامل منه، وتنوي إطلاق اسم جدّه على المولود وتعليمه العربية وشراء أرض له في القدس، في حلٍّ فردي يريح ضميرها من ارتكابات قومها.
ربى هي موظّفة سورية تعيش منذ الصغر خلافات أسرية ناجمة عن زواج غير متكافئ بين والديها اللذين ينشغلان عنها بالسفر وتسلّق سلّم السلطة والمال بأساليب ملتوية. وحين يصلان بفعل تقرّبهما من النظام، يتدبّران أمر تهريبها إلى عمّان تمهيداً للالتحاق بها وإعلان انقلابهما على النظام. غير أن ربى التي تحتك بمآسي النازحين السوريين هناك، تنقلب على والديها بتوزيع ما يصلها منهما من أكياس الألماس المهرّبة على النازحين. وبذلك، تعلن انحيازها إلى أبناء شعبها المقهور، وتصفّي حساباً قديماً مع والديها.
محمود، رجل أعمال مصري أميركي، يموت والداه، تهتم به عمّته ألفت المتزوجة بإيطالي، يتزوّج بلارا الإيطالية، ليفاجأ لاحقاً أنها مريضة نفسيّاً، تخدعه وتأخذ ابنتهما الوحيدة فيروز وتسافر، وتذهب عبثاً محاولاته للعثور على ابنته، فيمضي أيامه باحثاً عن قلبه الذي لم يعد في مكانه.
وعلي، الكاتب العراقي، يحمل غربته وذكرياته العراقية الثقيلة، ويلجأ إلى المقهى للكتابة وسماع الموسيقى لعله يتخفّف من الماضي ويتصالح مع الحاضر.
يتخذ علي شاكر من الراوي العليم قناعاً له في روي حكايات الشخصيات الأربع الأولى، ويُسفر عن وجهه حين يروي حكاية علي، يعهد إليه روي حكايته بنفسه، وتزول المسافة في الفصل الأخير بين الروائي والراوي ويسقط القناع، وهنا، يغادر حقل الرواية إلى حقل السيرة الذاتية، ما يفسّر العنوان الفرعي على صفحة الغلاف: «رواية باستثناء فصل واحد»، فيسقط قناع الراوي، ويظهر الروائي بوجهه الحقيقي.
يكتب شاكر روايته بلغة أنيقة، سلسة، تزينها التشابيه المبتكرة والاستعارات الجديدة من دون الغرق في وحول البلاغة والإنشاء، ولم يقلل من جمالية هذه اللغة سوى الأخطاء النحوية المتناثرة في النص. وهو ينتقل بين الوقائع والذكريات بسهولة ويسر ما يوفّر للنص الطلاوة السردية والمرونة، ويضفي تطعيمه بكلمات الأغاني الفيروزية عليه مسحة جمالية ورومنطيقية محببة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.