لم يستسلم الشاب الغزي محمد الدلو (21 عاماً) لمرض ضمور العضلات الذي لازمه منذ ولادته، فقرر تحدي إعاقته بريشة ألوانه وورق الرسم ليصنع معرضه الأول للأنميشن في قطاع غزة. وتحت شعار #الانمي_حياتي كان المعرض الأول للفنان الدلو حيث اختار له أصدقاؤه إقامة المعرض في اليوم الذي ولد فيه، ليكون بمثابة ولادة أخرى سليمة له في عالم الفنون التشكيلية. وقد لاقي المعرض الذي نظم على مدار يومين قبولاً كبيراً، سيما أنه ولأول مرة يقام في فلسطين معرض خاص للأنميشن. وتحدث الدلو ل "هافينغتون بوست عربي" عن تجربته قائلاً، "اليوم حقق أصدقائي حلمي بإقامة معرضي الأول. كنت دوماً أتمنى عرض جميع لوحاتي في معرض خاص، بدلاً من وجودها متراصة فوق بعضها داخل غرفتي". وتابع، ”لم أتوقع الإقبال الكبير على زيارة معرضي، ظننت أن الحضور سيقتصر على المهتمين وذوي الاحتياجات الخاصة فقط دون عامة الناس. أريد أن أرسل رسالة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة بأنه يمكنهم النجاح حتى لو كان جسدهم مريضاً، فالأساس هو العقل". وأوضح الدلو أنه رغم كون المعرض مخصص لعرض وبيع لوحاته، فإنه يوافق على بيع كل لوحة على مضض، “فكل لوحه تجسد حالة عشتها، لذا يصعب علي بيعها”، واصفاً لوحاته قبل اندماجه بالمجتمع قبل ثلاث سنوات بالحزينة، لكن بعدما خرج للمجتمع عن طريق إحدى الحملات الشبابية بات الفرح يطغى على اللوحات. ويبيع الفنان الفلسطيني لوحاته بسعر يتراوح بين 30 إلى 40 شيكل، أي أن ثمن اللوحة الواحدة لا يتجاوز ال 10 دولارات، ف “أنا لا أحتاج للمال كثيراً كون والدي يتولى شؤوني المادية بعيداً عن المؤسسات الخاصة أو الحكومية”. الاندماج في المجتمع رغم الإعاقة النجاح الذي حققه الفنان الفلسطيني الشاب في الآونة الأخيرة دفعه للتقدم لامتحانات الثانوية العامة التي كان أجلها سابقاً بسبب سوء وضعه الصحي، ليلتحق بمعهد الفنون التشكيلية. ويروي أنه كان قبل اندماجه في المجتمع يخشى الاحتكاك بالآخرين خشية تعليقاتهم ونظراتهم الساخرة، لكنه حالياً لا يأبه لأحد فهو يشعر أنه الأقوى بنشاطاته داخل مجتمعه، معتبراً أن الرسم هو وسيلة لكسر الخوف والاندماج مع الأسوياء. وطيلة أيام المعرض كان الدلو يجلس على كرسيه بابتسامة هادئة مستقبلاً زائريه لتهنئته بنجاحه، "الجميع أصدقائي تعرفت عليهم منذ بدأت التطوع ضمن فريق شبابي لتقديم المساعدات للأسر الفقيرة، وكذلك الزيارات الميدانية التي كنت أقوم بها لتفقد أحوال ذوي الاحتياجات الخاصة". ويذكر أن وجوده ضمن الفريق التطوعي ليس شكلياً، بل يساعدهم في طرح الأفكار التي تخدم مشاريعهم الخدماتية. ويطمح الدلو أن يثبت نفسه في مجال "الأنميشن"، وأن يؤسس شركة تكون حاضنة لمواهب ذوي الاحتياجات الخاصة، لافتاً إلى أن الكثير من ذوي الإعاقة لديهم مواهب يخشون إبرازها. وفي نهاية حديثه، وجه كلمة إلى الشباب بأن الإرادة والعقل هما الأساس في الإنسان السليم وليس الجسد، فالإنسان الطموح يمكنه الوصول حيث يشاء. والدته هددته برمي لوحاته أما والدة الدلو التي كانت ترافقه منذ اللحظات الأولى للمعرض، فتصف شعورها قائلةً"أشعر وكأنه يوم زفاف ابني، فالجميع جاء ليشاركنا الفرحة، تعبي طيلة السنوات الماضية لم يضع، فقد أثمر أخيراً". وتابعت، "منذ الساعات الأولى ازدحم المكان بالحضور، وقتئذ رحت أنظر إلى كف محمد، فهي الوحيدة التي تعمل في أطرافه الأربعة رغم وجود كسر في كتفه”، متسائلةً “كيف له أن يرسم تلك اللوحات الجميلة ويتحدى مجتمع بأكمله غالبيته ترفض ذوي الاعاقة". وتشير إلى أنها كثيراً ما كانت تمازح ابنها قائلة، ”سألقي لوحاتك في الخارج كونها تحدث زحمة في البيت"، لكنها اليوم، رغم مشاهدته إياه وهو يرسمها، فهي تراها وكأنها المرة الأولى. تجدر الإشارة إلى أن بيانات الجهاز الفلسطيني للإحصاء المركزي ذكرت أن أعداد ذوي الإعاقة وصلت إلى حوالي 113 ألف فرد، أي 2.7% من مجمل السكان منهم 75 ألف في الضفة الغربية، يشكلون 2.9% من مجمل السكان في الضفة الغربية، وحوالي 38 ألف في قطاع غزة، أي 2.4% من مجمل السكان في قطاع غزة، كما بلغت نسبة الإعاقة بين الذكور 2.9% مقابل 2.5% بين الإناث.