-المجلس القومي لشئون الإعاقة ديكور فقط جملت به الدولة وجهها - لا يوجد قانون يضمن لذوي الإعاقة حقوقهم -«بدران في البرلمان» يسلط الضوء على تهميش ذوي الإعاقة ويطالب بحقهم في مجلس الشعب أحيانًا يتآمر علينا الكون لنحقق أحلامنا، تتعقد حياتنا وتشدد صعوبة، ولا تجد منا إلا مزيدًا من الإصرار على النجاح، فهناك فنان تشكيلي ورسام كاريكاتير، أحب الألون والرسم منذ نعومة أظافره، وشهدت جدران قصر ثقافة سيدي جاير بمدينة الأسكندرية – مسقط رأسه- أولى أعماله الفنية، ولأسباب غير معروفة انقطع عن إقامة معارض فنية لفترة طويلة، ليفاجئه القدر في مطلع شبابه بإصابته بمرض نادر، انضم على إثره إلى فئة ذوي الإعاقة وصار الكرسي المتحرك صديقًا له، فيقرر العودة إلى عالم الرسم بالألوان ويقدم لنا نفسه في لوحات، أنه «سفير التحدي» الفنان التشكيلي كريم النجار. التعامل مع عراقيل الحياة ونظرتنا إليها تختلف من شخص لآخر، كتصالح «كريم» مع إعاقته التي قبلها بنوع من التحدي الصارم، وحاول بقدر استطاعته توصيل رسالته ودوره في الحياة، فأقام عدة معارض فنية خاصة ليطرح من خلالها أفكاره ونفسه، أيضًا حاول تطويع كل مستحدثات العصر لخدمة فكره وتوصيل رأيه، وهو ما عبر عنه بقوله «استخدمت الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لعرض رسوماتي وأفكاري، فحققت انتشارًا على مستوى العالم، وحصلت على لقب سفير التحدي عام 2010 في المسابقة الدولية "معًا لتحدي الإعاقة"، وبدأت في عمل معارض خاصة بي على أرض الواقع منذ 2011، عبرت من خلالها عن ثورة يناير وماتبعها من أحداث، وعن عالم الإعاقة والواقع الذي أعيشه وما به من قضايا اجتماعية وإنسانية». نظرة المجتمع ل«النجار»، لم تعد ذات قيمة لديه، لاسيما بعدما رفضه المجتمع لمجرد أن أصبح فردًا من ذوي الإعاقة، قائلًا: «لم أعبأ يومًا بتعامل المجتمع معي، كان وقع الإعاقة عليا شديد، وكان أمامي خياران؛ إما أن تنتهي حياتي أو أن أكمل مشواري، فاخترت الثاني، واعتبرت الإعاقة نوعًا من الاختلاف، وما علي إلا أن أكيف حياتي مع قدرات حركية أقل، واكتشاف القدرات الكامنة بداخلي، وهذا ما جعلني أصطدم بثقافة مجتمع وصورة سلبية ترسخت في ذهنه عن الأشخاص ذوي الإعاقة، فلا أحد يستطيع أن يعيش وحده، فكان علي أن أفرض وجودي سواء تقبلني المجتمع أم لم يتقبلني، وهذا لا يمنع وجود بعض الأشخاص الإيجابين في حياتي وإن كان عددهم قليل». يتابع كريم: لاشك أن حياتي تغيرت تمامًا بعد الإعاقة، وتغيرت معها اهتمامتي وأفكاري وطموحاتي، فحاجز المكان الذي يمنعني عن ممارسة حياتي بشكل طبيعي، فتح لي عالم آخر انطلق به بأفكاري وخيالي إلى لوحاتي، وتغيرت نظرتي للحياة إلى نظرة أكثر عمقًا ودائمًا ما أرى أحلامي حقيقة، إلى أن تتحقق رغم وجود العقبات والإحبطات، لكن دائمًا أحاول وأحاول حتى اصل إلى ما أريد. إرادة «كريم» قهرت العديد من الصعوبات، لكن لا تزال هناك عوائق لا يملك حيلة أمامها، كالمشاكل التي يواجهه عند إقامة معرض فني على نفقته الخاصة بالقاهرة، وهو ما أخبرنا عنه بقوله: قبل الإعاقة كان الأمر سهلًا، لكن اختلفت الأمور كثيرًا مع الإعاقة واستخدامي لكرسى متحرك واحتياجي لمرافق، فلا يوجد مواصلات مناسبة ولا بيئة مهيئة للتنقل، فأنا الذي انفق على تكاليف رسوماتي وأجد صعوبة في إقامة معارضي، فلكي أنت تتخيلي أني انتظرت أربع سنوات كي أقيم معرضًا بالقاهرة، ورغم كل الصعوبات فأنا استمر إلى أن تحين الفرصة لإقامة معرض، وقد اقمت منذ 2011 معارض خاصة بي، ولي 4 مشاركات مع صالون الفن الخاص وجمعية الفن الخاص جدًا، كل هذا وتظل أكبر مشكلة هى نقل لوحاتي وتنقلاتي الخاصة». كلنا نعلم أن ذوى الإعاقة من الفئات المهمشة في المجتمع المصري، وهو ما أكده "كريم": ذوي الإعاقة مهمشين في مصريوحقوقهم مهدرة، فلا يوجد تأهيل مناسب ولا وظائف ولا سكن ولا مواصلات مناسبة، بالإضافة إلى حرمان فئات منهم من التعليم الجامعي أو بعض التخصصات، فلا يوجد قانون يضمن لذوي الإعاقة حقوقهم، كما أن هناك سلبيات كثيرة في ثقافة المجتمع تجاه الشخص من ذوي الإعاقة، فهناك من يعتقد أنه يحتاج للشفقة أو أنه غير قادر على إنجاز شئ ما، أو أنه عالة، وفي حاله نجاح الشخص ذوى الإعاقة ينبهر به المجتمع ويعتبره شخص خارق للعادة أو سوبر مان، وهذه كلها أفكار مغلوطة، فذي الإعاقة شخص طبيعي يدير حياته بشكل مختلف عن أقرانه الأصحاء. «مجلس بلا صلاحيات ولا يستطيع أن يحل مشاكل ذوي الإعاقة، ولم يحقق أي إنجاز، فهو ديكور فقط جملت به الدولة وجهها»، هكذا وصف الفنان، المجلس القومي لشؤون الإعاقة، فهو لا يراه ذا قيمة تذكر، ورغم كل هذه السلبيات، لايزال ذوي الإعاقة يحلمون بالتغيير متطلعين إلى غد أفضل، يتحقق بمشاركتهم داخل البرلمان لينتزعون حقوقهم بأنفسهم، وهو ما عبر عنه سفير التحدي قائلًا: لاشك أننا ننتظر برلمانًا يأتي بعد ثورتين يحقق آمال فئات كثيرة من الشعب المصري بما فيهم ذوي الإعاقة، بما يصدر عنه من قوانين وتشريعات، كما أن وجود أعضاء من ذوي الإعاقة داخل البرلمان هو استحقاق وحق طبيعي تأخر طويلًا رغم وجود كثير من العقبات وشراسة المنافسة، لكن صدور قانون يضمن حقوق ذوي الإعاقة يحتاج إلى إرادة سياسية وتوافق جميع أعضاء البرلمان». حلم انضمام ذوي الإعاقة للبرلمان لم يقف عن حاجز الأمنية، إذ يستعد "النجار" حاليا لإقامة معرض كاريكاتير اسمه "بدران في البرلمان"، ليسلطت الضوء على الأشخاص ذوي الإعاقة ومدى اهتمام الدولة بهم، والمطالبة بتمثيلهم في البرلمان. في النهاية يحمل «كريم» ثلاثة رسائل؛ الأولى يوجها إلى الأشخاص ذوي الإعاقة «لا تيأسوا، أنتم قادرون على فعل الكثير بالإرداة والعزيمة والإصرار»، والثانية إلى المجتمع يقول لنا فيها «إننا متواجدون على أرض الواقع ولنا حياتنا وعلى المجتمع أن يغير ثقافته وأن يتعلم كيف يندمج مع الأشخاص ذوي الإعاقة»، وثالثًا رسالة إلى القيادة السياسية «آن الأوان أن يكون هناك إراداة حقيقة للإلتزام بحقوق الإشخاص ذوي الاعاقة»، وأخيرًا رسالة شكر إلى أمه وكل من دعمه ليخطو نحو النجاح.