#أحمد_عبدالخالق يتفاعل على "التواصل" .. ناشطون: إذلال وابتزاز للوسيط أم تضحية بالأكثر نشاطا    أسعار الخضروات اليوم 24 مايو في سوق العبور    وكيل بحوث القطن: طفرة في المساحات المزروعة هذا العام بزيادة 46%    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 24-5-2024 بالصاغة    حملات توعية لترشيد استهلاك المياه في قرى «حياة كريمة» بالشرقية    وزير العمل يشهد تسليم الدفعة الثانية من «الرُخص الدائمة» لمراكز تدريب مهني خاصة    «الجيل»: التشكيك في المفاوضات المصرية للهدنة هدفها استمرار الحرب وخدمة السيناريو الإسرائيلي    وزير الخارجية يتوجه إلى العاصمة الفرنسية باريس    سول تفرض عقوبات ضد 7 أفراد من كوريا الشمالية وسفينتين روسيتين    إعلام فلسطيني: 5 شهداء وعدة مصابين بقصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا بحي الفاخورة    اليوم.. محكمة العدل الدولية تصدر قرارها بشأن طلب وقف إطلاق النار في غزة    أمريكا تفرض قيودا على إصدار تأشيرات لأفراد من جورجيا بعد قانون النفوذ الأجنبي    إصابة رئيس التشيك أثناء قيادته دراجة نارية ونقله للمستشفى العسكري في براغ    طموحات إنبي تصطدم بصحوة سيراميكا كليوباترا فى الدوري    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على محاور القاهرة والجيزة    جنى تحت المياه.. استمرار أعمال البحث عن الضحية الأخيرة في حادث معدية أبو غالب    «المعلمين» تطلق غرفة عمليات لمتابعة امتحانات الدبلومات الفنية غدًا    اليوم.. طقس حار نهارا على القاهرة والوجه البحري والعظمى 34    دفن شخص والاستعلام عن صحة 3 آخرين في انقلاب سيارة بالعياط    مصرع شخصين وإصابة آخرين في حريق بمنزل بكفر شكر    موعد ظهور نتيجة امتحانات الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ.. رابط مباشر    مدحت صالح يعلن عن موعد صلاة جنازة وعزاء شقيقه    نقيب المحامين الفلسطينيين: دعم أمريكا لإسرائيل يعرقل أحكام القانون الدولي    عائشة بن أحمد تروي كواليس بدون سابق إنذار: قعدنا 7 ساعات في تصوير مشهد واحد    هشام ماجد: الجزء الخامس من مسلسل اللعبة في مرحلة الكتابة    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    سعر اليوان الصيني بالبنك المركزي اليوم الجمعة 24 مايو 2024    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    «الإفتاء» توضح مناسك الحج بالتفصيل.. تبدأ بالإحرام    «الإفتاء» توضح نص دعاء السفر يوم الجمعة.. احرص على ترديده    «القاهرة الإخبارية»: أمريكا تدرس تعيين مستشار مدني لإدارة غزة بعد الحرب    أشرف بن شرقي يقترب من العودة إلى الزمالك.. مفاجأة لجماهير الأبيض    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 24 مايو 2024    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 24 مايو في محافظات مصر    عودة الروح ل«مسار آل البيت»| مشروع تراثي سياحي يضاهي شارع المعز    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    نجم الأهلي السابق: نتيجة صفر صفر خادعة.. والترجي فريق متمرس    جهاد جريشة: لا يوجد ركلات جزاء للزمالك أو فيوتشر.. وأمين عمر ظهر بشكل جيد    أوقاف الفيوم تنظم أمسية دينية فى حب رسول الله    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    أصداء «رسالة الغفران» في لوحات عصر النهضة| «النعيم والجحيم».. رؤية المبدع المسلم وصلت أوروبا    منتخب مصر يخسر من المغرب فى ربع نهائى بطولة أفريقيا للساق الواحدة    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    متحدث الوزراء: المجلس الوطني للتعليم والابتكار سيضم رجال أعمال    تمنحهم رعاية شبه أسرية| حضن كبير للأيتام في «البيوت الصغيرة»    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    الزمالك ضد فيوتشر.. أول قرار لجوزيه جوميز بعد المباراة    شعبة الأدوية: التسعيرة الجبرية في مصر تعوق التصدير.. المستورد يلتزم بسعر بلد المنشأ    وفد قطري يزور اتحاد القبائل العربية لبحث التعاون المشترك    إخفاء وإتلاف أدلة، مفاجأة في تحقيقات تسمم العشرات بمطعم برجر شهير بالسعودية    حظك اليوم برج الجدي الجمعة 24-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رباعيات الخيام كما عرّبها "شاعر الشباب" أحمد رامي
نشر في نقطة ضوء يوم 19 - 07 - 2020

نعرف ويعرف كثر من "السمّيعة" العرب ولا سيما الكلثوميين منهم، أن أحمد رامي، الملقب عادة بشاعر الشباب هو الذي كتب لكوكب الشرق بعض أجمل أغانيها وبخاصة في العامية المصرية التي تحولت على يديه وبصوت "الست" إلى لغة شفافة رائعة، وما "دليلي احتار" و"هجرتك" و"جدّدت حبك ليه" وصولاً إلى "يامسهّرني" وغيرها من الروائع التي لا تزال تُسمع إلى اليوم وكأنها لم تُكتب إلا في الأمس القريب، سوى البرهان على ذلك. ونعرف أيضاً أن رامي كان عاشق أم كلثوم الأبدي الذي وصل في هيامه بها إلى أنه كان يعطيها القصائد من دون مقابل وتستزيده هي من دون وجل. ويعرف قراء الفرنسية أن أحمد رامي هو "بطل" واحدة من أطرف الروايات التي كتبها مبدع عربي الأصل بلغة موليير بعنوان "أم" لتتحدث تحديداً عن حب أحمد رامي المستحيل لفاتنته الكبيرة. ولقد جاءت تلك الحكاية في الكتاب الذي أصدره الكاتب والصحافي اللبناني الأصل سليم نسيب بعنوان OUM، وفيه يروي على لسان أحمد رامي، وبطريقة روائية لا تمس الحقيقة، في نهاية الأمر، بعض الجوانب الأساسية للحكاية المشهورة عن غرام أحمد رامي الصامت بأم كلثوم وتكتمه على ذلك الغرام طوال سنوات حياته، مع الحرص على التعبير عنه تعبيراً صارخاً في الأغاني التي كان يكتبها ل "الست". ثم نعرف أن أحمد رامي الذي كانت العامية المصرية شغفه الكبير لم يفته أن يكتب بالفصحى قصائد رائعة ربما توازيها في القوة "رباعيات الخيام"، تلك القصيدة الرائعة بلغة الضاد التي غنتها أم كلثوم من ألحان رياض السنباطي واعتبرت دائماً واحدة من أجمل الأغنيات العربية على مرّ العصور.
تعريب عن الفارسية
كل هذا نعرفه كما يعرفه كثر في العالم العربي. غير أن المعروف أقل من هذا هو أن "رباعيات الخيام" التي أبدعتها أم كلثوم لم تُكتب خصيصاً لها، بل هي مجرد جزء يسير، بضعة أبيات مختارة بعناية، من بين مئة وسبعين رباعية خيّامية هي الترجمة العربية التي قام بها أحمد رامي مباشرة عن الفارسية التي تعلمها في باريس موفداً من قبل الحكومة المصرية حيث يروي بنفسه كيف اكتشف عام 1922 نسخة من رباعيات الخيام قام بنشرها المستشرق الفرنسي "نيقولا" عن نسخة طهران عام 1867، "فانقطعت لقراءتها وتوفّرت على دراستها حتى إذا انتهيت منها دار في خلدي أن أنقلها عن الفارسية إلى الشعر العربي رباعيات كما نظمها الخيام، وشجعني على ذلك افتقار اللغة العربية، إلى ذلك العهد إلى هذه الرباعيات منقولة عن اللغة الفارسية". وبعد ذلك يحكي رامي كيف أنه قبل إقدامه على ذلك العمل راجع نسخ الرباعيات الخطية في دار الكتب الأهلية بباريس "وسافرت في مستهل عام 1923 إلى برلين حيث راجعت النسخ الخطية المحفوظة في مكتبتها الجامعة". بعد ذلك انصرف خلال العام 1924 إلى ترجمة مختارات من الرباعيات نشرت للمرة الأولى في صيف ذلك العام.
وتحوّل الخيّام إلى متصوّف ورع
ولا بد أن نذكر هنا أن إنشاد أم كلثوم لبعض أبيات "الرباعيات" من ترجمة رامي، لم يتم قبل العام 1949 وهي لم تخترْ سوى خمس عشرة رباعية أي أقل من عشرة في المئة من الرباعيات التي ترجمها رامي ونشرها وهذه لم تشكّل على أية حال سوى ربع الرباعيات المكتشفة في الفارسية. ولا بد أن نذكر هنا أن الاختيارات الكلثومية كانت دقيقة للغاية حيث أنها استبعدت كل تلك الرباعيات التي تحضّ صراحة على شرب الخمر وعيش المرء كما يحلو له، مكتفية برباعيات تدعو في أقصى "تهتّكها" إلى السهر ناهيك بالعديد من الرباعيات التي تخاطب العناية الإلهية مباشرة. في اختصار، بعد الرقابة الأولى التي كان أحمد رامي قد مارسها بنفسه على أشعار الخيام، مارست أم كلثوم رقابة ثانية بحيث تحولت الأشعار "الماجنة" و"المتهتكة" في بعض الأحيان، إلى قصيدة تصوّفية إلهية، لا تخلو في بعض الأحيان من تساؤلات قد يمكن وصفها ب"الوجودية"، لكنها تتسم بحياء لا يمكن للخيام نفسه أن يجد فيه مرآة لشعره.
غير أننا إذ نقول هذا، لا نرمي بالطبع إلى الانتقاص من الجهود التي بذلتها الفنانة الكبيرة في اختيار أبيات لا شك في روعتها على أية حال، وتتوافق تماماً مع متطلبات الرأي العام العربي والإسلامي في ذلك الحين. وهو أمر لا شك في أن أحمد رامي وافق عليه من فوره ولسان حاله يقول: "فلنقدمِ الجوهرَ إلى الجمهور الكلثومي، ولنتركه بعد ذلك يعود إلى الرباعيات المطولة نفسه فيكتشف المزيد، والأكثر جرأة إذا أحب". وهذا ما حدث بالفعل حيث أن مجموعة الرباعيات طبعت مرات ومرات كما صاغها أحمد رامي وأقبل عليها القراء يستزيدون من أشعار الخيام، بفضل استماعهم إلى القصيدة الكلثومية الرائعة وإعجابهم المدهش بها وصولاً إلى نسيانهم أحياناً أن صياغتها العربية هي من إنجاز أحمد رامي الذي كان يعيش في ذلك الحين عزّ مجده ككاتب للأغاني الرائعة التي كانت أم كلثوم تغنيها، وهو يستوحيها من حبه لها.
لقاء مع بدوية اسمها أم كلثوم
غير أن اختصار أحمد رامي إلى مجرد كاتب للأغاني الكلثومية بل حتى إلى مجرد عاشق لأم كلثوم، فيه ظلم كبير لذلك الشاعر المرهف. فأحمد رامي الذي عرف ب "شاعر الشباب"، كان واحداً من كبار المثقفين الذين عرفتهم الساحة الثقافية في مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين، وهو كان بدأ حياته الشعرية منذ الخامسة عشرة من عمره، مركزاً على القصائد الوطنية، ثم بعد دراسته الثانوية توجه إلى فرنسا حيث حصل على دبلوم دراسات عليا من جامعة السوربون، وعلى دبلوم آخر من معهد اللغات الشرقية، وهو ما أهله عند عودته إلى مصر، إلى شغل العديد من الوظائف، ومنها منصب مدير في دار الكتب. بيد أن أحمد رامي عرف كيف يجعل من مناصبه الإدارية وسيلة لتمكينه من وسائل العيش المادي، حتى يمكنه الانصراف إلى الإبداع في المجال الفني، وفي مجال الشعر على وجه الخصوص. وهو، إذ بدأ حياته كاتباً للشعر باللغة الفصحى على طريقة أصحاب الديوان، ثم على طريقة جماعة أبولو، فإنه عاد بعد ذلك و"اكتشف" العامية المصرية، لا سيما بعد أن التقى بتلك المغنية الفتية ذات الثياب البدوية والصوت العجيب، والتي كان من قدرها أن تصبح بعد ذلك سيدة للغناء العربي.
يوم استبعده العملاقان!
منذ التقى رامي بأم كلثوم كان غرامه بها، الغرام الذي أكد لديه سمات الشجن التي طبعته على الدوام. فهو كان، في نهاية الأمر، غراماً يائساً لم ينقذه من يأسه فيه سوى اكتشافه عدمية عمر الخيام وإقباله على الحياة. وهو منذ اكتشف عمر الخيام وقرأه بالفارسية، جعل من الاهتمام به واجباً يومياً في حياته، وما ترجمته لرباعياته التي غنت أم كلثوم بعضها، سوى جزء يسير من ذلك الاهتمام. اهتمام آخر شغل أحمد رامي طويلاً، هو ضرورة اللقاء بين محمد عبدالوهاب وأم كلثوم، فهو بوصفه صديق الطرفين عمل كثيراً من أجل تحقيق ذلك اللقاء. ولكن كان من سوء حظ رامي أن اللقاء تم، ولكن طرفه الثالث (ككاتب للأغنية) كان أحمد شفيق كامل. وكانت أغنية "أنت عمري" التي لا يزال الكثيرون يعتقدون أنها من كتابة أحمد رامي.
بعد رحيل أم كلثوم زادت حدة كآبة أحمد رامي وقلّ إنتاجه، وهو حين غاب عن عالمنا في يونيو (حزيران) 1981، وودّعته مصر يوم 5 من ذلك الشهر، كان يعيش في شبه عزلة، بعيداً عن حياة فنية ظلت تنظر إليه على الدوام على أنه واحد من أقطابها ومن الذين ظلمهم الفن أكثر من غيرهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.