صدرت المجموعة القصصية "في سكنى الأدوار العليا" للكاتبة والمترجمة هناء بدر، وذلك ضمن سلسلة "أصوات أدبية" التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة. المجموعة هي الثانية للكاتبة وتضم 12 قصة طويلة، صدرت مجموعتها الأولى بعنوان "فيما يرى الطائر" من أخبار الأدب 2018، كما نشرت عددًا من القصص بمجلة "إبداع". يقول الناقد محمد سليم شوشة عن تجربتها: "هذا السرد يؤكد خبرات كبيرة ويكشف عن صوت خاص له الكثير من التفرد والجماليات والقدرة على الإدهاش.. إجمالًا يمكن القول بأن هذا الصوت السردي يتسم بقدر كبير من العفوية والصدق ويصبح عالم القصص ممتزجًا بروح القارئ ووجدانه بعد مسافة غير بعيدة من التوغل فيه.. الصدق والعفوية مظهران أو ناتجان نهائيان وراءهما كثير من الأداءات والتقنيات السردية المضمرة التي تنتجهما، فضلًا عن كثير من مصادر الدهشة وروافدها الأخرى مثل غرابة النموذج الإنساني المطروح عبر السرد أو غرابة عوالم القص إجمالًا، وكذلك تعقيد هذه النماذج الإنسانية ووضوح ملامحها النفسية وبروز المتراكم الثقافي في تكوينها، وطرافة الأحداث والاتجاه إلى مقاربة أحوال بعينها تكون فيها هذه النماذج الإنسانية في حال من الترقب والقلق وتكون أكثر عرضة لكشف ما بأعماقها من التحولات والشواغل والضغوط". وأضاف أنه فيما يخص لغة السرد هناك قدر كبير من السيطرة على اللغة، بحيث تتنوع الجمل بين الطول والقصر ولاشيء من الغرابة في مفرداتها أو في تراكيبها، كما تتنوع كذلك بين الفصحى والعامية التي تكاد تهيمن على لغة الحوار. وتتنوع كذلك لغة السرد بين التداولي والشعري، ففي بعض المواضع نجد أن اللغة تميل إلى التحليق مع المجازات والثراء الدلالي وترتقي إلى لغة شعرية موحية تقارب النفسي والعام وكأنما تحاول أن تجد سبيلها للتعبير عن الإنساني المطلق، وفي مواضع أخرى تهبط إلى التداولي أو المستخدم اليومي، وهو ما يعكس قدرًا من التوفيق في الاستجابة لكل مساحة سردية بما يناسبها من اللغة. يتنوع الإيقاع السردي كذلك ويتفاوت بين البطء والسرعة، بين الاختزال والعناية بالتفاصيل والإسهاب مع ملامح المكان أو مقاربة الأحوال النفسية الأعمق للشخوص. وتستثمر التكرار ونواتجه الجمالية/ الشكلية والدلالية استثمارًا بارعًا ربما يمكن قراءاته في سياق حال المعاودة وتكرار الحكايات في الكون وتشابهها في جوهرها وإن اختلفت الشخصيات بوصفها وعاءً لهذه الحكايات والمصائر التي تتكرر.