أعلنت إدارة متحف " سينجر لارين " بشمال هولندا، عن سرقة لوحة للرسام الشهير " فنسنت فان جوخ " تعرف باسم " حديقة الربيع " من جانب لصوص استغلوا إغلاق المتحف بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا.وأعرب مدير المتحف" إيفرت فان أوس"، عن صدمته الشديدة، موضحًا أن عملية السرقة جاءت لإحدى أهم اللوحات للفنان العالمي " جوخ "مشيرًا إلى أن متحف " خرونينجر " الواقع في مدينة " خرونينجن " بمقاطعة شمال هولندا، كان قد أعار اللوحة المسروقة إلى المتحف الذي تم سرقته. وقد أكدت الشرطة الهولندية أن هناك مجموعة من اللصوص قاموا باقتحام المتحف في نحو الساعة الثالثة والربع بالتوقيت الهولندي من صباح يوم الأثنين 30 مارس الجاري، مستغلين فترات حظر التجوال بسبب تفشي فيروس كورونا في البلاد، حيث قام اللصوص بسرقة العمل الفني الذي يحوي حديقة بديلة في " نوينين " في ربيع عام 1884، وتحمل أسم حديقة الربيع ما أثار دهشة كبيرة لدى المهتمين بالشأن الفني في كافة أنحاء العالم. يذكر أن " فينسنت فان جوخ " كان رسامًا هولنديًا، مصنف كأحد فناني الانطباعية، حيث تضمنت رسومه بعضًا من أكثر اللوحات الفنية شهرة وشعبية وأغلاها سعرًا على مستوى العالم. وكان " جوخ " يعاني من حالة مرضية غريبة، فسرها الأطباء على أنها نوبات متكررة من المرض العقلي، حيث أنه أثناء إحدى هذه النوبات قام بقطع جزءًا من أذنه اليسرى. ولد " جوخ " في 30 مارس عام 1853، بمدينة " زندرت" في هولندا، حيث جاءت ولادته عقب عام واحد من وفاة أخيه الذي ولد ميتًا، وكان " ثيودوروس " والد جوخ قساً لكنيسة هولندية، وقد أودعه بإحدى المدارس الداخلية في منطقة " زيفينبيرجين " لمدة سنتين متتاليتين، وبعد تلك الفترة الزمنية أستمر جوخ في حضور جلسات العلم داخل مدرسة الملك " ويليم الثاني " الثانوية في منطقة " تيلبيرغ " لمدة سنتين اخرتين، وذلك عام 1868 إلى أن شعر " جوخ " بالملل وترك الدراسة في سن الخامسة عشر. انضم "جوخ " إلى مؤسسة " غوبيل وسي " لتجارة الفن بمدينة " لاهاي "، وذلك عام 1869، حيث كانت عائلة جوخ مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بعالم الفن وكان أعمامه من التجار بمجال الفن، وهو الأمر الذي كان له تأثير كبير على مهنة جوخ اللاحقة كفنان ورسام شهير. انتقل " فان جوخ " للعمل بفرع الشركة في لندن حيث أُعجب سريعًا بالمناخ الثقافي الإنجليزي. وما لبث وقتًا طويلاً حتى أنتقل إلى فرع الشركة بباريس، وأيضًا لم يستمر في العيش بالعاصمة الفرنسية طويلاً، حيث عاد مرة أخرى إلى انجلترا، وذلك في عام 1876، ومع عودته الأخيرة أندمج " جوخ " في الأجواء والطقوس الدينية نظرًا لعلاقته الوطيدة بأحد القساوسة في منطقة " رامسجيت " حيث أنه كان أحد التلاميذ في مدرسة الكنيسة التي يرعاها القس " وليام بستوكس "، وعلى الرغم من أن " جوخ " تربى عند عائلة دينية إلا أنه لم يهتم بالشأن الديني ومظاهر التعبد إلا في صيف 1876، عندما بدأ في تكريس أوقات فراغه في دراسة التوراة وقراءة الإنجيل، وقد حاول جوخ التحول إلى التبشيروالرهبنة والوصول إلى مركز ديني رفيع داخل الكنيسة بمنطقة " لايكين "، إلا أنه فشل في النهاية، وبعد ذلك أمرته الكنيسة بالذهاب إلى الخدمة في مجال التنقيب عن الفحم بمنطقة " بوريناج " في بلجيكا، ليقوم بالوصاية على عمال مناجم الفحم وعوائلهم في قرية التعدين " واسميس ". وبالرغم من نيته الطيبة تجاه العمال واقترانه بهم ، إلا أن الكنيسة أبعدته مرة أخرى ولم تعترف به كرجل دين ما أدي إلى حزنه الشديد ووصوله إلى مرحلة كبيرة من الفقر المادي والمعنوي، ومع كثرة تفكير "جوخ " في شئون حياته التي تدهورت، طرأت لديه فكرة الذهاب إلى أحد الرسامين الفرنسيين حيث التقى الفنان " جولزبريتون " وكان هذ اللقاء هو السبيل الحقيقي لتغيير حياة " فينسنت فان جوخ". أُعجب "جوخ " بطريقة حياة الرسام " جولزبريتون "، ومن هنا أنطلق إلى بروكسل عام 1880، لبدء الدراسة الفنية، وقضى بها ثلاثة أعوام وتعرف على عدد من الرسامين، بالإضافة إلى أبن عمه " أنتون موف " الذى كان فنانًا ناجحًا. وفي عام 1883 عاد " فان جوخ " إلى منزل أبويه في منطقة " نوينين " بهولندا وعاش مهتمًا بالرسم، حيث قام بإنتاج سلسلة من اللوحات حول الفلاحين، إلى أن أستطاع أن يقوم بإنتاج لوحته العظيمة " آكلوا البطاطا " التي عمل عليها طوال شهر كامل في عام 1885. انتقل " جوخ " مرة أخري للعيش في باريس عام 1886، حيث أصبح مألوفًا لدى الفنانين الرائدين في العاصمة الفرنسية، وفي تلك الفترة أرتبط " جوخ " بالثقافة والفن الياباني، وذلك عقب فتح اليابان لموانئها في وجه الدول الغربية بعد قرون من الحصار الثقافي بسبب الصراعات بين القطرين. غادر" فينسنت فان جوخ " إلى جنوبباريس وعمل على المزيد من إنتاج اللوحات الفنية والتي كان منها أشهر لوحاته وهي " دوار الشمس " بالإضافة إلى لوحة " لابيرسوز " الشهيرة، أثناء تلك الفترة كان " جوخ " يعيش حالة من الاضطراب العقلي، حيث أنه قد قام بقطع جزء من أذنه اليسرى ما جعل بعض مواطني منطقة " آرل " بجنوبفرنسا يقومون بتوقيع عريضة دعوى لرئيس البلدية بخصوص مخاوفهم من تصرفات " جوخ " غير الطبيعية. ومن هنا بدأت قصة النهاية لجوخ، حيث أُودع المستشفى تحت عناية الأطباء، حيث أصبح يعاني من مرض الصرع، وفي هذا الوقت الصعب استطاع " فان جوخ " أن يُنتج أحد أشهر أعماله الفنية وهي لوحة "ليلة النجوم "، وذلك بعد تحسن حالته العقلية قليلاً، إلا أن الوضع الصحي المستقر لجوخ لم يدم طويلاً، ليدخل مرة أخرى في نوبات من الصرع عام 1889، ليستمر علاجه بمستشفى " سان بول دي " في منطقة " سان ريمي "بفرنسا. تدهورت حالة جوخ الصحية والعقلية حتى كانت نهايته عند سن السابعة والثلاثين ، حيث قام بالانتحار في يوم التاسع والعشرون من يوليو عام 1890عن طريق إطلاقة رصاصة في صدره ليكتب نهاية فنان عاصر الحزن ولم يرى الفرح أو السعادة سوى في أعين الناس تاركًا مجموعة نادرة من الأعمال الفنية واللوحات الانطباعية الساحرة.