شهد العقد الأخير درجة نماء واسعة أفقياً ورأسياً، في مجال التعليم عن بُعد عبر أبواب التواصل الإلكتروني، في سهولة ويسر، ويصف علماء التربية وخبراء التعليم "الدراسة عن بُعد" بأنها غدت حلقة مهمة من حلقات تنامي تطور التعليم ووسائله، حتى أنه أصبح ينال درجة التقييم الأعلى من حيث التفضيل، وذلك لأنه يمنح المتلقي (المتعلّم) فرصة اختيار زمنه للجلوس إلى أستاذه وفق ترتيبه هو وتحديد ما يتوافق معه في إطار جملة المشاغل الأخرى. وتعددت وسائل نقل المادة العلمية للمتلقي من سمعية وبصرية، مثل الصوت والصورة والفيديو، إلا أنه الآن أصبح الإنترنت أهم وسيلة للتعليم عن بُعد، التي لا تعني عملية إضافة تقنيات جديدة لعملية التعلم فحسب حيث تسعى للاستفادة من كل التقنيات الجديدة في جعل العملية التعليمية متاحة لأكبر قدر من سكان المعمورة، ويمكن أن يتطور مفهوم "الدراسة عن بُعد" ليدخل وسائل أخرى في مقتبل الأيام. وتشير الأبحاث العلمية إلى مدى فاعلية هذا النوع من التعليم، بأن الوسائل المستخدمة في إيصال المعلومة من وسائط الفيديو أو برامج التواصل المتعددة أو اللقاء المباشر، ليس لها أي تأثير على مدى فعالية عامل التحصيل، طالما التقنية المستخدمة في إيصال المعلومة مناسبة، لمحتوى المعارف والمهارات المطلوب إيصالها، بل إن بعض الدراسات والبعثات العلمية توضح أن "الدراسة عن بُعد" أكثر فاعلية من الأسلوب التقليدي، خاصة فيما يتعلق بأداء الامتحانات التي عادة ما تحدث في جو بعيد عن الضغوط النفسية، كذلك أجريت عدة أبحاث علمية حول "الدراسة عن بُعد" وقورنت بين مدى فعالية أداء الطريقتين سواء التقليدية والدراسة عن بُعد أوضحت أن "الدراسة عن بُعد" يمكن أن تكون ذات فاعلية كبيرة متى ما كانت طرق ووسائل وتقنيات التدريس وأساليب التقييم والمتابعة مستمرة، والاتصال المباشر والتغذية المرتدة بين المعلم والطالب أو الطالبة مناسبة. يقول د.نبيل زين أستاذ التكنولوجيا بجامعة القاهرة: إن بعض المؤسسات التعليمية العربية، بدأت بالتطبيق الفعلي لمسألة التعليم عن بُعد في بداية الألفية الثالثة، وقد حققت تقدماً كبيراً في مجالات علمية عدة، وقد اتسم الربع الأخير من القرن العشرين بابتكار متنوّعة في مجالات العلوم، حيث إن ثورة المعلوماتية وتقنيات الاتصالات الحديثة قد أدت إلى جعلنا نغيّر أسلوب حياتنا، بدءاً من كيفية شراء البضائع، إضافة إلى أسلوب التعليم والتعلّم، ويرى أنه مع اتساع استخدامات تكنولوجيا الاتصالات، شهدت عملية نقل المعلومات إلكترونياً من وإلى أي بقعة على وجه المعمورة أمراً بالغ السهولة. ويرى العالم زيجريل، أن التعليم عن بُعد هو إحدى صيغ التعليم التي تتصف بفصل طبيعي بين المدرس والطالب، باستثناء بعض اللقاءات التي يعقدها المدرس مع الطالب وجهاً لوجه لمناقشة بعض المشروعات البحثية، ويوضح زيجريل، أن التعليم عن بُعد يختلف عن التعليم بالمراسلة من حيث إنه يستلزم بعض الفرص لتفاعل الطالب مع المعلم، ويعطي تمييزاً واضحاً بين التعليم عن بُعد والتعلم عن بُعد، فالأول يعني بالإعداد أو بالعملية التعليمية ذاتها بينما يركز الآخر على نهاية المتلقي للتعليم عن بُعد. أما ويدمير، يمضي بالتعريف خطوة أفضل إلى الأمام بالتركيز على المتعلّم الذي يحصل منه على الفرصة على أساس احتياجاته واهتماماته وطموحاته. ويتصف التعليم عن بُعد بقربه من المعلّم، وقد عرّفه القانون الفرنسي بأنه موقف تعليمي يستلزم حضور المعلّم شخصياً من حين لآخر. د.حسن إبراهيم أستاذ التكنولوجيا بجامعة القاهرة يقول: إن مفاهيم مثل الانفتاح الثقافي والعولمة والقرية الكونية والبث المباشر من الفضائيات أحدث نزعة قوية نحو فلسفة للتعليم تكون أكثر انفتاحاً، ومن هذا المنطلق جاء التعليم عن بُعد كآلية عمل وفلسفة في الوقت نفسه لمواكبة التطورات والتقنيات والمفاهيم، ولذلك كان هناك عدد من المسوغات التي أدت إلى انتشار التعليم عن بُعد ومن أهمها: الإتاحة: وتعني أن فرص التعليم، وخاصةً التعليم العالي، متاحة للجميع بصرف النظر عن أشكال المعوقات الزمانية والمكانية والعمرية.. أيضا عنصر المرونة في التعلم وتلقي المعلومات نجحت في تخطي المعوقات البيروقراطية والروتين والوقت. أيضا تحكم المتعلم: وتعني أن الدارسين يمكنهم وضع أولويات في ترتيبهم لموضوعات المنهج لتكيفه وفق أوضاعهم وقدراتهم.واختيار أنظمة التوصيل المناسبة نظراً لاختلاف طرق التعليم لدى المتعلمين، فإن اختيارهم الفردي لأنظمة وتقنية التوصيل العلمي مثل: الحاسوب أو المراسلة أو البرمجيات والفضائيات واللقاءات، يعد سمة جوهرية لهذا النمط من التعليم الحديث. كذلك الموثوقية: وتعني مناسبة البرامج التعليمية ودرجاتها العلمية للأغراض المطلوبة، كما تعني الاعتراف بهذه البرامج وإجازتها. وتعد الدراسة بالمراسلة هي أول أنواع التعليم عن بُعد، وكانت التطبيقات الأولى لها في استخدام تعليم المكتبات وعلم المعلومات، وأحدث عدد من الأندية والمدارس في المدن الأمريكية وقامت بعض المدارس والمكتبات الكبيرة والتخصصية بتعليم أعمال المكتبات وتبني طريقة التعليم بالمراسلة، على أن تكون رديفاً وملحقاً ومكملاً لطرق التعليم النظامي وليس بديلاً.وقد استخدمت أشكالاً أخرى إلى جانب الفصل الصيفي، مثل: إقامة دورات مكثفة في مقررات محددة، وفصول عطلة نهاية الأسبوع، وفصول مسائية، وذلك لتمكين العاملين الذين يعملون طوال أيام الأسبوع، ولا تمكّنهم الأوضاع سكنهم أو يعيشون بعيداً عن برامج التعليم التقليدية التي يكون الانتظام فيها غير ممكن، إضافة إلى قبول الطلاب غير المتفرغين ممن تجذبهم الدراسة. وقد استخدمت الجماعات المهنية مثل: المحامين والصيادلة والمعلمين والمهندسين والعاملين بالعلوم الصحية، الاتصالات عن بُعد، سواء أكان ذلك للحصول على درجة أكاديمية أن في التعليم المستمر وعقد المؤتمرات. بينما تم استخدام المذياع ومازال هذا الاستخدام سارياً في التعليم عن بُعد على مدى محدود، بينما حظى التلفاز والهاتف بتركيز خاص لدى المعلمين. وفي الواقع يوجد كم ضخم من التقنيات الحديثة، إضافة إلى أساليب النشر المعروفة مثل التلفاز، الذي يملك الآن شبكات كابلية كلية واسعة المجال – خدمات رقمية تبديلية عامة – مايكروويف أمواج ميكروية إنترنت، ويعرض مشغلو الخدمات العامة الآن تقنيات مثل ISDN ATM ADSL Frame Relay والشبكات الخاصة الافتراضية (VPN). وينبغي مراعاة عدد من الأمور قبل البدء في التعليم عن بُعد وعرض تجارب الدول في هذا المجال وهي: إجراء دورة أولية تحضيرية لكل من المعلم والطلاب، إذ إن هناك اختلافاً كبيراً بين التعليم عن بُعد والتعليم المتبع في الصفوف التقليدية بالطريقة المباشرة، وذلك لأن التغذية الراجعة ستكون أشد تعقيداً. خدمة { وكالة الصحافة العربية }