شهد العالم تحولات فكرية واقتصادية وعلمية عندما أصبحت ثورة المعلومات المؤثر السريع في خلق عالم مختلف عن كل العصور والأجيال الماضية، والتي ربما تكون أهم انجاز حققه الإنسان بإلغائها المسافات واختصارها للزمن وتحويلها العالم إلى ما يشبه القرية الالكترونية الصغيرة في عصر الامتزاج بين تكنولوجيا الاتصال وشبكة الانترنت، ولعل سهولة الاتصالات وتوفر وسائل الدخول إلى الانترنت، سهلت سرعة الوصول إلى مراكز العلم والمعرفة والمكتبات والاطلاع على الجديد لحظة بلحظة مما فتح المجال لما يسمى بالتعليم الالكتروني(E- learning). فالتعليم الالكتروني هو أسلوب من أساليب التعليم التي يتم من خلالها إيصال المعلومة للمتعلم عن طريق استخدام آليات الاتصال الحديثة من حاسب وشبكاته ووسائطه المتعددة من صوت وصورة ومقاطع الفيديو وآليات بحث واستخدام المكتبات الرقمية (Digital Library) بأقصر وقت وأقل جهد وأكبر فائدة. الآراء تجمع على أن التعليم الالكتروني هو من سيكون له الأثر الكبير مستقبلا، وهذا يستدعي التحول التدريجي إلى هذا النوع من التعلم طالما أنه يصب في مصلحة الطلبة والمدرسين، حيث انه يتيح الفرصة للتواصل بين الطلبة فيما بينهم، وبين الطلبة والمدرسة وبين الطلبة والمعلم، من خلال مجالس النقاش، والبريد الإلكتروني، وإثارة الحوار مما يعني توفير المادة العلمية بصورة طوال الوقت وعلى مدى أيام الأسبوع، ويساعد في توفير أدوات التقييم الفوري للمعلم. ويمكن ممارسة التعليم الالكتروني بصورة مباشرة عندما تستخدم هذه الوسائل والتقنيات لتوصيل وتبادل الدروس ومواضيع الأبحاث بين المتعلم والمعلم في نفس الوقت الفعلي لتدريس المادة، مثل المحادثة الفورية (Real-time chat) أو تلقي الدروس من خلال ما يسمى بالفصول الافتراضية(Virtual Classroom)، ويمكن ممارسة التعليم بصورة غير مباشرة عندما يستطيع المتعلم الحصول على دورات أو حصص وفق برنامج دراسي يختاره من خلال الأوقات والأماكن التي تتناسب مع ظروفه عن طريق البريد الإلكتروني ومقاطع الفيديو والكتب الرقمية. التوجه نحو التعليم الالكتروني لن يكون سهلا أو بسيطا لأن التعامل مع ظروف مختلفة واحتياجات متفاوتة بين التخصصات الجامعية يستدعى تعديل العديد من الأنظمة والتعليمات، وهذه أمور تحتاج إلى قيادات واعية وعلى درجة كبيرة من المسؤولية، والجامعات الأردنية التي تحث الخطى لتشجيع البحث العلمي وتطوير وسائل التعليم، بحاجة أيضا إلى الاستثمار في مجال التعليم الالكتروني، لكن ميراث السنين الماضية، لابد أن يصاحبه معارضة وربما مقاومة لهذه الخطط الجريئة مما يتطلب جهدا كبيرا من كل المعنيين بالعملية التعليمية حتى تسير القافلة بسرعتها المأمولة، لأن المعرفة «قوه» وتسهيل الحصول عليها عن طريق التعليم الالكتروني مكسب للجميع، ورافد مهم لتطوير التعليم في عصر الانترنت وثورة الاتصالات.