كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن أن الاتفاق الأخير بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، الذي وقع منذ أسبوع لا يزال معلقا بانتظار إقراره من قبل مجلس وزراء نتنياهو. وبينما لا يزال الجميع في حالة انتظار، تستمر لعبة المساومة بين المسئولين الإسرائيليين والأمريكيين بشأن مدي سخاء الدعم الأمريكي بالعشرين مقاتلة أمريكية متقدمة التي وعدت بها إسرائيل في إطار صفقة التجميد الذي سيستمر _في حال إقراره- لتسعين يوما فقط. الجمعة الماضية شهدت حدثا هو الأول من نوعه عندما أكدت إدارة أوباما علنا أنها مستعدة لإعطاء إسرائيل ضمانات مكتوبة حول عدد من القضايا الأمنية، التي يقول نتنياهو إنه بحاجة إليها لإقناع مجلس وزرائه لإقرار صفقة التجميد التي تعقد عليها الآمال في إحياء المحادثات مع الفلسطينيين. وقد أثار تأخير إقرار صفقة التجميد لتسعين يوما مخاوف لدي المسئولين الأمريكيين والإسرائيليين من عدم قدرة نتنياهو علي تأمين العدد اللازم من الأصوات لإقرار الصفقة، خاصة أن عددا من وزرائه يرفضون بشكل ضارٍ أي قيود تفرض علي عمليات تهويد الضفة الغربية وشرق القدس. كانت التوقعات عند إعلان الصفقة تصب في صالح تمكن نتنياهو من إقرار الصفقة بأغلبية صوت واحد علي الأقل، لكن الجو العام في الوقت الحاضر ينبئ بغير ذلك خاصة بعد أن قرر وزراء حركة شاس اليمينية المتطرفة التصويت ضد الصفقة بعد أن كانت التوقعات تصب في اتجاههم لعدم التصويت. وتقول الصحيفة إن حزب شاس يريد أن تعلن الولاياتالمتحدة بشكل واضح لا لبس فيه أن شرق القدس لا يدخل ضمن إطار الاتفاق. وتنسب الصحيفة إلي مسئول لم تكشف عن هويته أن الولاياتالمتحدة -التي هي أصلا غير مؤيدة لجميع أشكال الاستيطان- سوف لن توافق علي ذلك، علي الرغم من أن الاتفاق يتطرق بشكل واضح للضفة الغربية وليس شرق القدس. من جهة أخري، يظل موضوع البند، الذي ستدرج تحته طائرات أف 35 التي ستذهب إلي إسرائيل، موضع مماطلة كما يقول المسئولون الأمريكيون والإسرائيليون، ويذكر أن هذه الطائرات كانت الحافز الأكثر إغراء في الاتفاق الذي استمرت محادثاته ثماني ساعات كاملة. ففي الوقت الذي قال فيه المسئولون إن تسليم الطائرات مرتبط بتوصل نتنياهو لاتفاق مع الفلسطينيين، فإن مسئولا لم تحدد الصحيفة هويته قال إن الطائرات ستسلم إلي إسرائيل بأي حال من الأحوال. ويعتقد المسئولون الإسرائيليون أن الطائرات هدية مجانية، ولكن مسئولا أمريكيا قال إن الولاياتالمتحدة ستدعم الصفقة ماليا ولكن يظل علي إسرائيل أن تدفع جزءا من ثمن الطائرات الذي يبلغ ثلاثة مليارات دولار. ولكن يظل السؤال قائما بشأن حجم الدعم الأمريكي. المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولي قال للصحفيين "إنه أمر مهم للمنطقة وأمننا القومي ومهم لمستقبل إسرائيل والدولة الفلسطينية المنشودة، فما السعر الذي تضعونه لمثل هذا الاتفاق؟". يذكر أن الفرصة كانت سانحة لنتنياهو لانتزاع إقرار مجلس الوزراء علي التجميد المؤقت أمس الأول. المسئولون الإسرائيليون يقولون إنهم غير واثقين من قدرة نتنياهو علي انتزاع موافقة المجلس ولكن نتنياهو يقول إنه لا يزال بإمكانه تقديم الضمانات الكافية لإقرار صفقة التجميد. علي صعيد متصل تحدث مسئول إسرائيلي رفيع عن ضمانات مكتوبة قدمتها واشنطن لتل أبيب من أجل إقناعها باستئناف المفاوضات المباشرة مع السلطة الفلسطينية، التي جددت رفضها الربط بين تقديم تعهدات أمنية وبين تجميد الاستيطان ثلاثة أشهر. وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي عوزي آراد -متحدثا إلي القناة الإسرائيلية الثانية السبت- إن الضمانات تشمل تعهدا بألا تطلب واشنطن تجميدا آخر بعد أن ينتهي التعليق الذي يفترض أن يستمر تسعين يوما. وقال "المهم أن يكون واضحا دون أدني شك... أنه لن يكون هناك طلب إضافي، ومطالب أمريكية بتجميدات أو تقييدات أخري". وتريد واشنطن بالعرض _الذي يستثني من التجميد الاستيطان في القدسالشرقية- تحفيز إسرائيل علي استئناف مفاوضاتٍ مباشرة تعثرت مجددا في سبتمبر الماضي بعد انتهاء تجميد للاستيطان استمر عشرة أشهر. وحسب تقارير إعلامية فإن الضمانات الأمنية تشمل عشرين طائرة مقاتلة متطورة من طراز أف 35، قيمتها ثلاثة مليارات دولار، وعشرين مليار دولار من المساعدات، وتعهدا بإحباط أي قرار ضد إسرائيل في مجلس الأمن الدولي. لكن آراد قال إن طائرات الشبح ليست هدية، بل ستدفع إسرائيل ثمنها. ورفضت السلطة الفلسطينية من جهتها الربط بين المساعدات الأمريكية لإسرائيل وتجميد الاستيطان، وإن أكدت أنها لم تبلَّغ رسميا بالصفقة بعد. وجدد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات التذكير بأن ما تريده السلطة هو وقف الاستيطان تماما في الضفة والقدسالشرقية، لا تجميده لبعض الوقت. من جانبه قال الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسي إنه التقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن واتفق معه علي الخطوات الواجب اتخاذها فور إعلان تفاصيل الصفقة، التي تسبب -حسب قوله- انزعاجا عربيا كبيرا، ويمكن أن تحدث اضطرابا كبيرا في المنطقة. وقال إن البدائل مطروحة والإجراءات ستتخذ في اللحظة المناسبة، وتحدث عن اجتماع فوري للجنة المتابعة العربية علي مستوي وزراء الخارجية سيدعو إليه عندما تعلن تفاصيل الصفقة.