يبدأ الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد اليوم زيارة مثيرة للجدل الي لبنان ستتوج بجولة في الجنوب، معقل حليفه حزب الله والمنطقة الحدودية مع اسرائيل عدوته اللدودة. وسيلتقي احمدي نجاد في زيارته التي تستمر يومين، وهي الاولي له الي لبنان منذ انتخابه رئيسا العام 2005 والثانية لرئيس ايراني بعد زيارة الرئيس السابق محمد خاتمي في 2003، الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري. ويقيم حزب الله وحركة امل الشيعيان "احتفالا شعبيا كبيرا" في الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم "احتفاء بضيف لبنان المقاوم"، بحسب ما جاء في نص دعوة تم توزيعها. ويتوقع ان يشارك في هذا اللقاء الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي يطل عادة علي الناس عبر شاشة عملاقة. ولا يعرف ما اذا كان سيشارك شخصيا في تجمع اليوم. وكان آخر ظهور علني لنصر الله العام 2008 في حفل احتفاء بأسري تم تسلمهم من اسرائيل. ودعا نصر الله في كلمة القاها عبر الشاشة في احتفال بيئي نظمه الحزب "اللبنانيين والفلسطينيين (...) الي استقبال رئيس الجمهورية الاسلامية في ايران الدكتور احمدي نجاد والمشاركة في الفعاليات الشعبية بكثافة وبصبر". وشدد علي ان احمدي نجاد "ضيف لبنان ولا يأتي بدعوة من حزب الله او من طائفة معينة او من قوي المعارضة". ودأب تليفزيون قناة "المنار" التابع لحزب الله علي بث إعلانات مكثفة تدعو اللبنانيين "وانصار المقاومة" الي استقبال شعبي حاشد للرئيس الايراني علي امتداد طريق المطار. واستقطبت زيارة احمدي نجاد، لا سيما في ضوء جولته المقررة غدا في الجنوب، الكثير من الجدل، اذ تخوفت قيادات في قوي 14 آذار الممثلة بالاكثرية النيابية، من ان يكون الهدف منها الايحاء بتحول لبنان الي "قاعدة إيرانية" علي حدود إسرائيل. وقال منسق الامانة العامة لقوي 14 آذار الأكثرية فارس سعيد لوكالة الأنباء الفرنسية ان ايران "تقول بطريقة غير مباشرة للمجتمع الدولي انها تمسك بالامن في العالم العربي واسرائيل والخليج ولبنان". وبالتالي "لا بد من الاخذ بالاعتبار موقفها كقوة اسلامية عظمي والتفاوض معها"، علي حد قول سعيد. واشار الي ان احمدي نجاد "يستخدم لبنان كصندوق بريد للقول بان إيران موجودة علي حدود إسرائيل الشمالية". وتعرض الجنوب خلال حرب صيف 2006 بين حزب الله والدولة العبرية لتدمير كبير. ولا تزال عملية اعادة الاعمار جارية بمساهمات مالية من ايران وغيرها من الدول. وقد انتشرت علي امتداد الطرق المؤدية الي الجنوب والمطار وفي شوارع الضاحية الجنوبية صور للرئيس الايراني مع عبارات "اهلا وسهلا" و"شكرا" باللغتين العربية والفارسية. وتأتي زيارة الرئيس الايراني الي لبنان في أجواء ضاغطة بين طهران من جهة وتل ابيب والغرب من جهة ثانية علي خلفية برنامج ايران النووي الذي تقول ايران ان اهدافه سلمية، بينما يتخوف الغرب من محاولتها تصنيع قنبلة ذرية. وانتقدت كل من الولاياتالمتحدة واسرائيل الزيارة، محذرتين من امكان تاثيرها سلبا علي الاستقرار الاقليمي. كما تأتي الزيارة في خضم مواجهة سياسية داخلية حادة بين فريق رئيس الحكومة وحزب الله علي خلفية المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. ويتخوف حزب الله من احتمال توجيه الاتهام اليه في الجريمة التي وقعت العام 2005، مشككا بمصداقية المحكمة الخاصة بلبنان ورافضا اي تمويل لبناني لها. وتقول عميدة كلية العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت فاديا كيوان ان "السؤال يتمحور حول ما اذا كان احمدي نجاد ياتي لاظهار الدعم للبنان ام يخطط لاستخدام الاراضي اللبنانية كمنطلق لمصالحه الخاصة". وقال مساعد الرئيس الايراني علي اكبر جوانفكر ان زيارة محمود احمدي نجاد "تكتسي اهمية تاريخية" و"ستؤثر علي المعادلات الاقليمية". واشار الي ان "الزيارة تهدف الي تعزيز العلاقات الثنائية في مجالات عديدة، وتندرج ضمن اطار سياستنا الخارجية الاستراتيجية تجاه لبنان". كما تحدث عن "علاقات طويلة تاريخية بين البلدين تقوم علي ديانة وثقافة مشتركتين". ويرافق احمدي نجاد وزير الخارجية منوشهر متكي الي جانب وفد كبير من رجال الاعمال في القطاع الخاص. ووقع وزيرا الطاقة اللبناني جبران باسيل والايراني مجيد نمجو الجمعة الماضية بالاحرف الاولي علي اتفاقي تعاون تقدم بموجبهما ايران قرضا الي لبنان بقيمة 450 مليون دولار للاستثمار في قطاعي الماء والكهرباء، علي ان يتم التوقيع الرسمي خلال زيارة احمدي نجاد. وينظم الرئيس اللبناني غداء علي شرف نظيره الايراني اليوم، في حين يستضيفه رئيس مجلس النواب علي العشاء. ويلبي الرئيس الايراني دعوة الحريري الي الغداء غدا.