أول ما يلفت النظر في الدورة ال63 لمهرجان "كان" السينمائي (12 23 مايو الجاري)، والذي تُفتتح الليلة، هو الأفيش الذي تصدرته النجمة الحسناء جولييت بينوش في تكريس للفكرة التي بدأها المرجان الشهير منذ عامين، والتي تنطلق من اختيار صور نجمات السينما العالمية ليتصدرن أفيش كل دورة، وهي الفكرة التي لا نتصور أن مهرجاناً سينمائياً عربياً لدينا يجرؤ علي تطبيقها، وإلا قامت الدنيا ولم تقعد، وأعلنت كل نجمة مصرية لم يتم اختيار صورتها علي "الأفيش" الحرب علي المهرجان ومقاطعته فوراً (!) بينما جاءت صورة "جولييت"، التي التقطتها بريجيت لاكومب، طبيعية وتوحي نظرتها بالغموض، وهو المعني الذي اطمأنت إليه إدارة المهرجان، وسعت إليه، لأنه، كما أعلنت في تبرير اختيارها للصورة، يدعو العشاق والمعجبين لتتبعها إلي العالم السري المليء بالإبداعات الفنية الذي ستكشف عنه هذه الدورة. بانتهاء مراسم حفل الافتتاح، التي غالباً ما تأتي متواضعة للغاية، ولا مكان فيها للبذخ المبالغ فيه أو الخطب الرسمية التي يلقيها وزير ثقافة فرنسا أو الحماسية التي يصدع بها رئيس المهرجان ضيوف الحفل، يعرض فيلم "روبن هود" بطولة النجم راسل كرو خارج المسابقة الرسمية والذي يحكي السيرة الشخصية للبطل الأسطوري روبن هود، لكن أكبر الظن أن مخرجه ريدلي سكوت سيصنع من الأسطورة شيئاً آخر، بمعني أنه سيطرح رؤيته الخاصة، كما هي عادته في كل أفلامه، ومن بينها "مملكة الجنة"، وهو ما أكدته الصحف الأمريكية التي سبقت عرض الفيلم في "كان" وقالت إن "سكوت" سيقدم "روبن هود" بوصفه قاطع طريق، وليس كقائد شعبي كما رسخ في الأذهان. وكانت إدارة المهرجان قد اختارت المخرج الأمريكي "تيم بورتون" رئيساً للجنة تحكيم هذه الدورة التي يتنافس فيها مايقرب من عشرين فيلماً للفوز بالجائزة الكبري للمهرجان السعفة الذهبية وفور اختياره أعرب "بورتون" عن موافقته وسعادته، وقال في حوار مع مجلة "الإكسبرس" أن الاختيار جاء في الوقت المناسب، كونه لم يتسنَ له، طوال العامين الماضيين، ارتياد صالات العرض السينمائية، نظراً لانشغاله بالعمل في فيلمه ثلاثي الأبعاد "أليس في بلاد العجائب"، ومن ثم ستصبح الفرصة مهيأة لتعويض ما فاته، ومشاهدة هذا الكم الكبير من الأفلام المتميزة، وشبه التجربة بأنها أقرب إلي الذهاب إلي بلاد العجائب! وكانت وكالات الأنباء العالمية والصحف والمجلات الفرنسية بالإضافة إلي الأمريكية المتخصصة في السينما قد أكدت أن الدورة ال 63 للمهرجان ستشهد مشاركة عدد كبير من الأسماء البارزة في عالم الفن السابع، وكذلك الوجوه الشابة الطامحة لاستثمار المهرجان في الدعاية لأنفسها، والعثور علي مكان لها علي الساحة السينمائية، خصوصاً بعدما أكد عدد من المخرجين الكبار تواجدهم في المهرجان مثل: تيرانس ماليك وستيفان فريرز ورشيد بوشارب ووودي الن وعباس كياروستامي. أما المخرج الشهير ماركو بيلوكيو فقد اختير ليستقبل الصحفيين وهواة السينما في الخامسة من مساء الأربعاء الموافق 19 مايو المقبل في قاعة" بيونيل" ليلقي عليهم "درس السينما"، ليستكمل النهج الذي بدأه المهرجان مع مارتين سكورسيسي و ستيفن فريرز و ناني موريتي و وونج كار واي و سيدني بولاك، حيث سيجري ماركو بيلوكيو مقابلة مع ميشيل سيمون، كما سيتحدّث عن عمله كمخرج وتجربته في التصوير وصعوبات المهنة والسبل الممكنة لنقلها. وكان "بيلوكيو" قد وافق علي الدعوة، ورد عليها بقوله : "...في نظري، لا يكون أي درسِ في السينما مُجديا إلاّ إذا كان عملياً وإذا أُجري علي خشبة التمثيل وإذا تضمن التصوير و إدارة الفريق والممثلين وتقديم أمور والطلب من العاملين القيام بهذه المهمة أو تلك المهمة"... وقال:" لا توجد ديمقراطية أو مساواة في استوديو التصوير، ويجب أن يتحلّي العاملون جميعهم بالصرامة وأن يهتموا بعملهم وأن يبدوا الحب والاحترام" وأضاف :"لا أؤمن بهؤلاء المخرجين الذين يجرؤن علي صفع فتاة جميلة أو شتمها لكي تبكي لطالما سمعت عن قصة مخرج ينتمي إلي حقبة السينما الواقعية الجديدة كان يسيل دموع ممثلاته الشابة بضربها بسوط علي فخذيها في الوقت الذي كان يصور وجهها عن كثب...و بما أنني أستطيع تقديم شهادة هنا، أظن أن الأمر الجوهري الذي يجب علي كلّ مخرجٍ تعليمه للمبتدئين هو سبل العمل مع الممثلين والممثلات والتمثيل، من بين جملة أمور أخري، مهنةٌ معقّدة للغاية ولا تزال الدهشة تستولي علي عندما أري أن هذه المهنة تظل تستقطب عددا هائلا من الشباب. ومن بين الأفلام التي يتطلع إلي مشاهدتها ضيوف المهرجان من الصحفيين والنقاد العرب فيلم "لعبة عادلة" إخراج دوج ليمان كونه الفيلم الذي يشارك في بطولته خالد النبوي مع شين بن وناعومي واتس، بالإضافة إلي تناوله كواليس غزو العراق، ولأنه أخيراً صور بعض مشاهده في القاهرة. وخارج المسابقة يعرض المهرجان فيلم "كارلوس" وكذلك أحدث أفلام المخرج الشهير "وودي آلن" أما المخرج المثير للجدل فيشارك خارج المسابقة بفيلمه الأحدث "وول ستريت : المال لا ينام" بطولة النجم الكبير مايكل دوجلاس وشيا لابوف وسوزان ساراندون.