الكيان الخليجي خطوة نحو التكامل الاقتصادي بين تلك الدول الست ولكن هل يسمي هذا الكيان بكيان الاغنياء فيما يتألف بينهم في لغة المال، والبترول، والثروة، ومشروعات مشتركة تتعلق بالربط الكهربي العملاق الذي يتجاوز المليارات الدولارية، وكذلك الربط الحديدي بين تلك الدول، وأيضا الجمارك -أما التي سترجأ بعض الوقت هي العملة الموحدة التي يتعامل بها بين تلك الدول- هذه واحدة من الكيانات التي تلجأ إليها الدول حالياً.. فقد سبق ذلك الكيان التركي السوري ومن المنتظر ان ينضم إليهما العراق ثم إيران، والحقيقة ان الخطوة التي أنعم بها التجمع الخليجي انما يوحي بأنه يريد أن يكون له قوة راسخة علي المستوي الاقليمي أولا، وعلي المجال العالمي ثانيا فقط ربط بينهم عدة عوامل، والسعي لهذا العمل وتفعيله من خلال آلية نافذة إنما يوحي إلي العالم بأن سياسة الدولة الأحادية باتت عقيمة وقديمة، والبحث حالياً عن كيانات هذا مايدور في فلك السماء العالمي حينما نجد أن كل مجموعة متجانسة من الدول تؤلف فيما بينها نوعاً من المشاركة والتعاون الاستراتيجي في كل الأمور التي تتعلق بالدول الأعضاء فبات يمثل قوة لها هويتها المميزة التي يتحدد علي أثرها ماهيتها كرمز يوضح لها معايير تتعامل علي اساسها وعليه يسير النهج الذي يقابلها في المستوي، ومن جهة أخري انه إذا كانت الدول الأعضاء في كيان ما يعتريها نوع من الوهن فلا شك أن كونها تداخلت وتوحدت فيما يضفي عليها نوعاً من القوة- فالقوة بمثابة كيان- وهي مستمدة من كثرتها وتوحدها.. وقبل ان يتألف الكيان سبقته محاورات عدة ومشاورات حددت النمط الذي يسير عليه الكيان المؤلف فيما بينهم وعليه أصبح في حكم الفعل فلا شيء يهزه، والحقيقة ان دولة بعينها لم تماثل كياناً، وإذا كانت هذه الاستراتيجية الجديدة، والتي تنامت في أروقة البعد السياسي العالمي كان سببها عدة أمور.. أولها السياسة الأمريكية الحالية التي حددت انماطاً جديدة لأسلوب التعامل في كنف المؤسسة الدولية وهذا ما شجع علي بلورتها أمام الرأي العام العالمي وباتت كل مجموعة تبحث عن كيان تدخل فيه ولتكن هذه أموراً لابد ان تقتضيها طبيعة المرحلة فليست أمريكا اليوم هي الأمس.. فقد حدث تغاير فعلي من ماهية الفرص لاقامة تلك الكيانات.. خاصة ما أعلنه الرئيس الأمريكي بأن أمريكا لم تعد شرطي العالم، واللافت للنظر ان سياسة تسابقية اعطت رد الفعل في السياسة الحالية، وعليه انبرت جموع من الدول تناظر الاتحاد الأوروبي، وتكون فيما بينها كيانات حتي تكون بمثابة رادع وقوة، ونشاط اقليمي يملأ الفراغ الكائن في مناحٍ عدة- ويزداد توهجه في كل المجالات الثقافية والتعليمية والصحية وغيرها ويلغي الحواجز ويسمح بالتفاعل بين الشعوب لتكون فيما بينها نوعا من التألف المنهجي في الاسلوب والحياة والتفاعل لتشكل دوراً ثقافيا يسمح بنمو الفكر ويخطو بها نحو الامام والتقدم كذلك البحث عن مستوي معيشي افضل بغية عدم تدخل أحد في شئونهم يكاملون بعضهم البعض، ولكن يستوقفني سؤال يتحدد بعينه عن موقع مصر من تلك الكيانات وهي التي نادت من قبل عن تكامل اقتصادي وعربي بعيداً عن السياسة التي تؤرق الجفون ولكن يبدو أن الهواجس قد غربت الفكرة وحولتها إلي مخاوف وعلي ذلك لابد أن نبحث عن تجانس ينسجم مع طبيعتنا وظروفنا مستلهمين من حقب الماضي أمورا تؤكد أصالة دولة تاريخية تمتد جذورها إلي آلاف السنين ولها ثوابت الريادة في كل شيء يحدده التميز وحتي لايكون هناك تماثل بينها وبين الأخرين فلدينا دول حوض النيل والتي نستطيع ان نحقق من خلالها تواجداً اقليميا يأتي من منابع النيل إلي مصباته ويمكن ان ينضم إليها دول شمال افريقيا ولتكن هذه سمة من سمات التآلف الفعلي في الموقع الجغرافي والامتداد التاريخي والثقافي وكلها دول حددها التشابه في الظروف وليأت ذلك بعدا يبتغي من ورائه نهج اًوحدوياً وقومياً يكون بمثابة قوة يستحيل أن ينفذ منها أية شوارد قادمة ولاشك أن هذا يحد من أمور كانت تؤرق المجتمع الدولي آلا وهو الارهاب فبكونها تكون كياناً يحمل مدلولا مرادفه القوة فبات من الضروري ألا يكون هناك ضعف أو وهن في التصدي لأية أفكار تهدد الأمن وفي هذه الحالة يكون هناك احتواء ومعالجة.