وضع رفض وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون اشتراط تجميد الاستيطان الاسرائيلي لاستئناف محادثات السلام الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن في موقف عصيب. ويواجه أبومازن تحولا علي ما يبدو في استراتيجية ادارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الدبلوماسية ويتعرض لضغوط أمريكية تدفعه الي استئناف محادثات السلام التي توقفت في ديسمبر. ومن غير المرجح أن يقطع أبومازن الاتصالات الخاصة بالمفاوضات علي الاقل مع المبعوث الأمريكي الخاص جورج ميتشل. لكنه اذا استأنف الحوار علي نحو حاسم مع الاسرائيليين في الوقت الحالي فيحتمل أن يواجه اضطرابات في الداخل. وظل أبومازن ومعاونوه يقولون علي مدي شهور قبل اجتماع ثلاثي ضمه مع أوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتناياهو خلال اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة ان مثل هذا الاجتماع لا يمكن أن يعقد قبل تجميد الاستيطان. وأكد قرار أبومازن حضور ذلك الاجتماع للكثيرين أن السلطة الفلسطينية التي تعتمد علي المساعدات ليس أمامها خيار عملي في اخر المطاف الا مواصلة الحديث مع قوي عالمية ينظر اليها علي أن لها تأثيرا علي اسرائيل. لكن حضوره الاجتماع في الاممالمتحدة منح منتقديه الكثيرين في الداخل سببا جديدا للتنديد به ومنهم حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في قطاع غزة. ومن المؤكد أن يعطي بدء محادثات علي الفور مع اٍسرائيل بالرغم من الخلاف الخاص بالمستوطنات ذخيرة سياسية جديدة لخصومه قبل ثلاثة أشهر فقط من انتخابات تشريعية ورئاسية. لذا أما إذا اختار أبومازن مواصلة الحوار فالارجح أن يكون ذلك في شكل يحفظ ماء الوجه يتمثل في مفاوضات غير مباشرة بوساطة المبعوث الأمريكي ومبعوثين دوليين آخرين. أيضاً يمكن أن يحاول أبومازن الاصرار علي عدم استئناف المفاوضات مع اسرائيل علي أمل أن تقدم له الولاياتالمتحدة أمرا يستطيع أن يعرضه في الداخل علي أنه فائدة مكتسبة. وكان أوباما قد راهن بقدر كبير من الرصيد السياسي علي اعادة الطرفين الي طاولة المفاوضات. ويقول محللون فلسطينيون ان أفضل ما يمكن عرضه هو مسودة اطار تعدها الولاياتالمتحدة لاتفاق نهائي. في المقابل يمكن أن يؤدي التمسك بعدم استئناف المفاوضات الي تحسين موقف أبومازن في الانتخابات أمام حماس رغم أنه لا يزال غير واضح ما اذا كانت الانتخابات المقررة في 24 يناير ستجري رغم معارضة حماس لها. ومن غير المؤكد أيضا أن أوباما مستعد أو قادر علي أن ينتزع من اسرائيل التنازل الذي يمكن لأبومازن أن يعرضه كمكسب أمام منتقديه في الداخل. ويشير محللون فلسطينيون الي أن أبومازن بني تاريخه كمفاوض في ظل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وسيكون استمراره في رفض المفاوضات الي ما لا نهاية مخالفا لطبيعته ويحتمل أن يعزز وجهة نظر المنتقدين أن المفاوضات السابقة لم تحقق فائدة للفلسطينيين. كما يمكن لأبومازن أن يحتج بأن ادارة ظهره للمحادثات مع اسرائيل تفسح له الوقت والمجال للتركيز علي انهاء الانقسام السياسي الفلسطيني بين حركة فتح التي يتزعمها وحركة حماس وهو انقسام وضع عقبة رئيسية في طريق محادثات السلام. ويقول بعض المحللين انه اذا استمرت حالة عدم اليقين بخصوص احتمال أن يستأنف عباس المفاوضات مع اسرائيل وقتا طويلا فيخشي أن يهيئ الاحباط من الجمود فرصة لتجدد أعمال العنف. ورغم قلة من لديهم استعداد فيما يبدو للعودة الي الانتفاضة الدامية التي اندلعت قبل عشر سنوات فما زال ممكنا أن يتحول التوتر وأعمال العنف التي تحدث من حين الي آخر ومنها ما شهدته البلدة القديمة في القدس في الاسابيع الاخيرة الي اضطرابات أكثر خطورة.