كما هو معروف عن أقباط المهجر من مواقف منوئة للنظام المصري فقد كان من المتوقع أن تحشد تلك الجماعات كل ما تملك من قوة وأسلحة استعدادًا لزيارة مبارك للولايات المتحدة، ولعل أبرز تلك الجماعات الجمعية القطبية الأمريكية برئاسة الملياردير كميل حليم، ذلك فضلاً عن مجموعة من الشخصيات البارزة مثل المحامي موريس صادق رئيس الاتحاد القبطي بأمريكا، والمهندس مايكل رئيس منظمة أقباط الولاياتالمتحدة. ومن الجدير بالذكر أن تلك الجماعات تتمتع بقدر كبير من القوة والنفوذ في الولاياتالمتحدة نظرًا لقربها الشديد من دوائر صنع القرار لاسيما الكونجرس الأمريكي. في حقيقة الأمر ما يزيد قوة تلك الجماعات قوة تحالفاتها مع المنظمات والقوي الأخري داخل الولاياتالمتحدة وخارجها. فمنذ الإعلان عن زيارة مبارك لواشنطن اندمجت منظمات أقطاب المهجر مع جماعات أخري ذات تواجهات علمانية مثل تحالف المصريين الأمريكيين لرئيسها صفي الدين حامد، ومركز ابن خلدون لرئيسه سعد الدين إبراهيم، ومنظمة حقوق الناس برئاسة عمر عفيفي، ومنظمة أصوات من أجل الديمقراطية في مصر برئاسة دينا جرجس، والمركز العالمي للقرآن الكريم برئاسة أحمد صبحي منصور، والجمعية الإسلامية الأمريكية برئاسة أكرم الزند. ومع اقتراب موعد زيارة مبارك وفي إطار التعبير عن وجهة نظرهم أرسلت الجمعية القبطية الأمريكية والمؤسسات السبع سالفة الذكر خطابًا للرئيس المصري حسني مبارك بتاريخ 28 من فبراير يتضمن خمسة مطالب أساسية يتعين عليه القيام بها قبل زيارته لواشنطن وهي كالتالي: أولاً: إلغاء العمل بقانون الطوارئ. ثانيا: الإفراج عن سجناء الرأي والسجناء السياسيين ووقف المطاردات الأمنية للناشطين السياسيين. ثالثًا: الإسراع بإصدار قانون دور العبادة الموحد لبدء مرحلة جديدة من الوحدة الوطنية والمحبة بين عنصري الأمة. رابعًا: إعلان وعد قاطع باتخاذ خطوات نحو ترسيخ الديمقراطية، وإعمال مبدأ الفصل بين السلطات والكف عن التدخل في شئون القضاء. خامسًا: إعلان وعد قاطع بالدعوة إلي تشكيل جمعية تأسيسية ممثلة من كافة الأطياف لإعداد دستور عصري وحديث، وإقرار مبدأ حرية تشكيل الأحزاب والجمعيات الأهلية وحرية تداول المعلومات وعدم التدخل في سير الانتخابات البرلمانية القادمة لصالح حزب أو فئة بعينها. أما فيما يخص الاستراتيجيات التي سوف تتبناها منظمات أقباط المهجر حال زيارة مبارك لواشنطن، فقد انقسمت تلك المنظمات علي نفسها. فبينما أكد بعضها علي ضرورة القيام بمظاهرات حاشدة تندد بالزيارة، أكد البعض الآخر وخاصة التجمع القبطي الأمريكي علي لسان رئيسه كميل حليم أنهم يفضلون الحوار والمناقشة وليس التظاهر ضد الرئيس، ولكنهم سيطلبون من الرئيس أوباما الضغط عليه من أجل تحقيق مزيدٍ من الإصلاحات بخاصة في مجال الحريات. وفي الإطار ذاته، دعت عديدٌ من المنظمات القبطية لاسيما الجمعية الوطنية القبطية الأمريكية لتنظيم مظاهرة حاشدة أمام البيت الأبيض في 18 من أغسطس من الشهر الجاري احتجاجًا علي زيارة مبارك لواشنطن استنادًا إلي ما أطلقوا عليه " الملف الأسود" للحكومة المصرية مع الأقباط، وسوف تنادي تلك المظاهرة باستقبال مبارك استقبال الغزاة، وعدم الانصياع لمن سترسله الكنيسة كمحاولة لتهدئة الأجواء بين الأقباط، الدعوة لتنظيم مظاهرات حاشدة للأقباط في كافة أنحاء العالم لاسيما الولاياتالمتحدة وكندا تنديدًا بالزيارة وبممارسات النظام المصري ضد الأقباط، مطالبة العالم أجمع بالاعتراف باضطهاد فقراء الأقباط في مصر فضلاً عن دعوتهم لرفع المعاناة عنهم، كما سوف يتم إرسال خطابات للبيت الأبيض ولوسائل الإعلام تفيد بأن تلك الزيارة غير مرغوب فيها من شخص يضطهد المصريين لأنهم يختلفون معه في الاعتقاد. والحقيقة أن تلك الدعاوي، قد وجدت من يساندها في مصر ذاتها، حيث أكد المستشار" نجيب جبرائيل" رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان في مصر أن مظاهرات أقباط المهجر ضد زيارة الرئيس مبارك لواشنطن المزمع القيام بها في منتصف الشهر الجاري أغسطس 2009 تعد بمثابة فرصة ذهبية للتعبير عن غضب الأقباط من انتهاك حقوقهم من قبل النظام المصري وذلك استنادًا إلي أن التظاهر هو حق أصيل تكفله كل المواثيق الدولية طالما أنها ذات طبيعة سلمية ولا تسيء لمصر ولا لشخص الرئيس مبارك. وعلي الرغم من الاتفاق مع بعض مزاعم أقباط المهجر حول مسئولية النظام المصري فيما يخص عرقلة العملية الديمقراطية وإخفاقه في التعامل مع بعض المشكلات التي تنشأ من حين إلي آخر بين المسلمين والأقباط في مصر، إلا أن أقطاب المهجر في كثير من الأحيان يسعون إلي تحقيق مكاسب خاصة ويسهمون بشكل ملحوظ في إثارة الفرقة والفتنة في المجتمع المصري، ومن أمثلة ذلك نقد قرار الحكومة المصرية حول إعدام الخنازير، وذلك للحيلولة دون تفشي وباء أنفلونزا الخنازير في مصر، حيث أحالوا استخدام هذا القرار لإشعال نار الفتنة بين المسلمين والأقباط علي اعتبار أنها أحد أوجه اضطهاد النظام للأقباط. لكن الكنيسة تعاملت مع تلك المزاعم بحنكة شديدة وصرحت بأنه قرار سياسي وعلينا الانصياع إليه وذلك خوفًا من حدوث صدام مع النظام والذي قد يكون له تداعيات وخيمة علي العلاقات فيما بينهم.