عرف الناس عبداللطيف المناوي عندما تولي منصب رئيس قطاع الأخبار، في واقعة غير مسبوقة، إذ لم يحدث في تاريخ اتحاد الإذاعة والتليفزيون أن جرت الاستعانة بشخصية من خارجه ليتولي شئون القطاع. لكن الذي لا يعرفه سوي القليلين أن عبداللطيف المناوي صاحب مسيرة صحفية طويلة تتلمذ خلالها في كنف المؤسسة الصحفية السعودية التي يملكها الشقيقان هشام ومحمد علي حافظ، ونجح بالمثابرة والثقة والهدوء، وقبل ذلك كله الموهبة، في أن يتولي منصب مدير مجلة "المجلة" في القاهرة، في الفترة التي شهدت أوج ازدهارها في المنطقة العربية، ومن ثم اختير ليتولي إدارة مكتبها في لندن، قبل أن يعود إلي مصر، ليكون رئيساً لقطاع الأخبار. مقدمة لابد منها قبل الحديث عما أزعجني وصدمني في عبداللطيف المناوي؛ الذي عرف بدماثة الخلق ورصانته وتحكمه الشديد في أعصابه، إذ اكتشفت وأنا أقرأ وأسمع كل يوم عن استنكاره وشجبه واحتجاجه والمذكرات التي حررها، ويخاطب فيها أحمد أنيس رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، مبديا غضبه ورفضه للنتائج التي انتهت إليها الدورة الرابعة عشرة لمهرجان القاهرة للإعلام العربي، وحجته في هذا الاحتجاج والغضب أن برامج القطاع، الذي يترأسه خرجت من دون جوائز أو حتي شهادة تقدير، ووقتها أيقنت أن صاحب هذه الشكاوي والاحتجاجات ليس "المناوي" الذي أعرفه بل شخص آخر تمامًا ثم تأكد لدي هذا اليقين، حين ركزت عليه الكاميرا أثناء نقل وقائع حفل ختام المهرجان، ولم يحاول، من باب الدبلوماسية، إخفاء مشاعر الاستياء والاستنكار، وليس الحزن لأنه شعور إنساني طبيعي! لا أظن أن كل هذا الغضب يعود، في جزء منه، إلي فوز قناة النيل للأخبار، التي يدرك الجميع حجم المنافسة الضارية بينها وبين قطاع الأخبار، بجوائز عن بعض برامجها في الوقت الذي خرج فيه القطاع "من المولد بلا حمص" لكنني أتصور أن "المناوي" لم يتصور أن برامج أنتجها القطاع، وراهن علي أسماء مقدميها النجوم: لميس الحديدي، عمرو عبدالسميع، رولا خرسا، محمد صلاح، وعمرو الليثي ستخذله بهذا الشكل الذي جري، والذي فوجئ الجميع خلال المهرجان بأن برنامجًا واحدًا منها لم يحظ بتقدير أو تنويه! غير أن الأمر تجاوز كل الحدود، عندما راح البعض يدافع عن عبداللطيف المناوي فما كان منه سوي أن "حشر" اسم سميحة دحروج التي ترأست لجنة تحكيم البرنامج الخاص والتحقيق، وزعموا أنها تثأر لنفسها من سنوات فشلها كرئيس لقناة النيل للأخبار! فما هذا العبث الذي يصل إلي درجة الجنون؟ وكيف يجرؤ أحد علي الإساءة للسيدة الفاضلة لمجرد أنها طبقت اللوائح، واستبعدت مع لجنتها الموقرة، أعمال القطاع لأنها تجاوزت المدة المسموح بها؟ هل كنا نطالبها باختراق اللوائح وتجاوزها لكي تكون "نزيهة" و"منتمية لهذا الوطن" بدلاً من أن تتحول إلي "خائنة" في نظر البعض؟ وكيف لم يتوجه هؤلاء باللوم لعبداللطيف المناوي نفسه الذي لم يفطن إلي هذا البند في اللائحة، التي قيل إنه شارك في وضعها؟ وإذا كان "موظفوه" هم الذين ارتكبوا خطأ تقديم أعمال تجاوزت المدة المقررة في اللائحة فما ذنب "دحروج" إذن؟ وكيف يقال إن اللجنة كان ينبغي لها أن تعيد "الشرائط" إلي القطاع ليعيد مونتاجها ويلتزم بالمدة المحددة في اللائحة؟ في كل الأحوال، ومهما كان إحساس "المناوي" بأنه جُرح أو أٌهين، فما قوله في أن البرامج الإخبارية لم تكن الوحيدة التي خرجت من دون جوائز أو تنويه؛ إذ تكرر الشيء نفسه في مسابقة الفيلم التسجيلي؛ حيث شارك قطاع الأخبار، برئاسة عبداللطيف المناوي، بأفلام كثيرة من بينها: "القاهرة في عيون أرمنية"، "انهيار" و"مستوطنة بلا حدود" إضافة لحلقة برنامج "صباح الخير يا مصر" التي تم بثها من دير سانت كاترين. وعلي الرغم من هذا لم يحصد أي فيلم منها جائزة تُذكر. فهل كان رئيس لجنة التحكيم يثأر لنفسه أيضًا؟ لقد كنت أتصور أن عبداللطيف المناوي الخلوق.. الواثق والقادر دومًا علي أن يضبط مشاعره، ويسيطر علي انفعالاته، لن يقع في هذا المأزق، الذي بدا خلاله وكأنه متعصب لا يولي اعتبارًا لمعني وماهية المنافسة الشريفة، كما بدا غير مقدر لحساسية منصبه كرئيس لقطاع الأخبار، وأمين لجنة الإعلام والندوات في المهرجان، والأهم من هذا كله أنه تورط في الإساءة للجان التحكيم، التي يترأسها الرجل الفاضل د. فوزي فهمي، وشكك في حيادية ونزاهة أعضائها بصورة نربأ به أن يضع نفسه فيها، وهو الذي ترشحه الدوائر لشغل منصب أول رئيس لجهاز تنظيم البث المرئي والمسموع!