كراهية الجمهوريين كانت الموتور الذي حرك قلوب الكثيرين داخل أمريكا وخارجها باتجاه قبول أوباما لأنه ديمقراطي ويقف علي طرفي نقيض مع الجمهوريين المكروهين! أصبح المرشح الأسود للرئاسة الأمريكية "باراك أوباما" ظاهرة تغزو العالم أجمع ففي أوروبا مثلا ظهرت هناك ما يسمي ب "أوبامانيا" أي ظاهرة الولع والتعلق الشديد بأوباما فتعقد حول الرجل الندوات وتجري لقاءات ومناقشات تصب جميعها في اتجاه ترجيح كفته والانتصار له، وإبراز حسناته ومميزاته وتأكيد أن اختياره سيكون مفيدا ليس فقط لأمريكا وإنما للعالم أجمع. والثابت أن دوافع هذه الظاهرة ليس فقط أن "أوباما رجل نادر الخصال، وسياسي بارع وسيناتور لامع، وبرنامجه الانتخابي يحقق طموحات الكثيرين ولكن وهذا هو الأهم لأنه يرفع شعار "التغيير" الذي يصفق له الكثيرون، فجورج دبليو بوش ورفاقه السابقون واللاحقون مثل ماكين، قد ملأوا الدنيا شرورا وزرعوا العالم بالجياع والموتي، والمحبطين والمهمشين، وانتزعوا من القلوب الشعور بالأمان وأما الآفة الكبري أن الحزب الجمهوري الأمريكي الذي يمتلكه جورج دبليو بوش وماكين، هو حزب خادع يعتمد علي الأكاذيب، فالعراق لا توجد فيه أسلحة دمار شامل وسقوط نظام صدام حسين لم يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة والشعب العراقي لم يستقبل الأمريكان بالورود والرياحين، ومنطقة الشرق الأوسط لم تتحول إلي واحة للديمقراطية والإرهاب لم تنحسر دوائره وإنما اتسعت وتحول إلي مارد يهدد الجميع. ولا شك أن هذه الأكاذيب التي حاول بوش الابن ورفاقه من المحافظين الجدد ترويجها وغرسها في العقول لا يمكن نسيناها بسهولة لذلك كان طبيعيا أن يرتفع منحني الكراهية لكل ما هو أمريكي وعلي وجه الخصوص لكل ما هو جمهوري.. وهذا معناه أن كراهية الجمهوريين كانت الموتور الذي حرك قلوب الكثيرين داخل أمريكا وخارجها باتجاه قبول أوباما لأنه ديمقراطي ويقف علي طرفي نقيض مع الجمهوريين المكروهين! واليوم يحاول ماكين أن يتنصل من بوش الابن ويهاجم سياساته في محاولة يائسة لإثبات أنه وإن كان جمهوريا مثله إلا أنه ليس مثله.. وهو زعم باطل ولا معني له سوي أنه أكذوبة أخري يضيفها ماكين إلي أكاذيب الجمهوريين السابقة.. ثم لا ننسي أن أمريكا عاشت ثماني سنوات عجاف تحت سماء الجمهوريين وانتهت بإفلاس نظامها المالي والمصرفي. أيا كان الآخر فإن ظاهرة الولع بأوباما هي ظاهرة مبررة وإن كان هذا لا يعني أن أوباما عندما يجلس في المكتب البيضاوي سيكون أفضل كثيرا. "أوباما" مدين لرايس وباول! ليس من شك في أن المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية باراك أوباما مدين في درجة القبول التي يحظي بها شعبيا داخل أمريكا وخارجها إلي رجل وامرأة أما الرجل فهو كولن باول وزير الخارجية الأمريكية السابق في الدورة الأولي للرئيس جورج دبليو بوش والمرأة هي السيدة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية في الدورة الثانية للرئيس جورج دبليو بوش والسبب هو أنهم "أوباما وباول ورايس" جميعا من ذوي البشرة السمراء الملونة والمنحدرين.. بالضرورة من أصول إفريقية أو بالأحري من أصول جنوبية بمعني أننا لو افترضنا أن باراك أوباما كان رشح نفسه قبل عشر سنوات لما كان حظي بأي درجة من درجات القبول وربما لتعرض لانتقادات عنصرية يعاقب عليها القانون.. لكن بعد ثماني سنوات اعتادت فيها العين الأمريكية علي مشاهدة رجل أسود ملون هو كولن باول في موقع تنفيذي وسياسي كبير هو موقع وزير الخارجية ويحق أنه كان وزيرا ديناميكيا يتحرك طوال الوقت ويؤمن بنفس أكاذيب بوش ورفاقه وكلنا يذكر دهاءه ومكره عندما جلس في مجلس الأمن يقسم بأغلظ الإيمان أن صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل.. وكان بهذه الأكذوبة يدافع عن قرارات بوش الابن ورفاقه من المحافظين الجدد. ولم تكد صورة كولن باول الأسود تحتجب مع بدء الدورة الثانية لجورج دبليو بوش حتي صعدت تحت الأضواء سيدة سوداء أخري هي كونداليزا رايس التي كانت مستشارة للأمن القومي ثم اعتلت مقعد وزير الخارجية خلفا لكولن باول. واستمرت علي نفس الديناميكية فكانت تتحرك في كل الاتجاهات وتقوم بزيارات مكوكية لدول كثيرة في العالم من بينها منطقة الشرق الأوسط وبرعت في إطلاق الأفكار والمبادرات التي جعلتها تحت الأضواء طوال الوقت من هذه الأفكار حديثها عما أسمته بالفوضي الخلاقة ثم مشروع الشرق الأوسط الكبير.. ثم أكاذيبها الخاصة بإقامة دولتين إسرائيلية إلي جانب الفلسطينية. المهم أن وجهها الأسود كان علي الشاشات التليفزيونية طوال السنوات الأربع الماضية فاعتادت عين المشاهد عليها. واليوم عندما يأتي باراك أوباما طامعا في المنصب الأعلي وهو رئيس الدولة فإذا به يجد الطريق ممهدا ومساحة الدهشة والاستغراب قد تقلصت وها هو بحسب استطلاعات الرأي يتقدم علي أمريكي أبيض هو"ماكين"..