السيسي يهنئ أبناء مصر بالخارج بمناسبة العام الميلادى الجديد    حبس شخصين عثر بحوزتهما على أسلحة نارية بدون ترخيص في البدرشين    وزير التعليم العالي: إنشاء قاعدة بيانات متكاملة للعلماء المصريين بالخارج    القومي لذوي الإعاقة و"شباب القادة" يبحثان إطلاق برنامج قومي لتدريب ذوي الهمم على البرمجة    اسعار الخضروات اليوم الأربعاء 31ديسمبر 2025 فى المنيا    برنامج " لا أمية مع تكافل" يسلم 100 شهادة محو أمية للمستفيدين بالمناطق المطورة    توقيع عقد تمويل مجمع إنتاج السيليكون المعدني ب 140 مليون دولار    الذهب يتراجع مع اتجاه المستثمرين لجني الأرباح عقب موجة ارتفاعات قياسية    حالة طوارئ بالسكة الحديد وتأخيرات ملحوظة لقطارات الصعيد وبورسعيد    كييف تعلن إسقاط 101 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    الأردن يصدر بيانًا رسميًا بشأن أحداث اليمن    الزمالك يقبل اعتذار عبد الرؤوف.. وتكليف دونجا وإمام بقيادة الأبيض أمام الاتحاد    مدرب بنين: منتخب مصر قوي ولكننا نسعى للتأهل إلى ربع النهائي    مواعيد مباريات دور ال 16 في كأس أمم أفريقيا    بورتو يخطط لضم نجم برشلونة في انتقالات يناير، وهذا موقف فليك    إحالة عاطل متهم بالاتجار في الحشيش بالأزبكية للجنايات    ضبط 9 أشخاص لاستغلال 16 طفلا فى أعمال التسول بالقاهرة    بدء جلسة محاكمة المتهم بقتل أسرة اللبيني    بدء جلسة النطق بالحكم في قضية التعدي على معلم الإسماعيلية بمقص بعد قليل    القومي للمسرح يطلق مبادرة"2026.. عامًا للاحتفاء بالفنانين المعاصرين"    أم كلثوم.. محطات الرحلة بين سيرة الحب وسيرة الست    "القومي للمسرح" يطلق مبادرة"2026.. عامًا للاحتفاء بالفنانين المعاصرين"    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 31ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ أسيوط: عام 2025 شهد تقديم أكثر من 14 مليون خدمة طبية للمواطنين بالمحافظة    أمم أفريقيا 2025| التشكيل المتوقع للجزائر وغينيا الاستوائية في لقاء اليوم    زد يستدرج حرس الحدود في كأس عاصمة مصر    عاجل- تخفيضات على الأسماك والجمبري بمنافذ وزارة التموين خلال أعياد الكريسماس 2025    108 دقة جرس كيف يحتفى العالم برأس السنة كل عام؟    اليوم.. نور النبوي ضيف برنامج فضفضت أوي مع معتز التوني    الأمل فى 2026 التحليل النفسى لأبراج العام الجديد    الليلة... نجوم الطرب في الوطن العربي يشعلون حفلات رأس السنة    فتح التقديم بالمدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026/ 2027 غدا    "هتعمل إيه في رأس السنة"؟.. هادعي ربنا يجيب العواقب سليمة ويرضي كل انسان بمعيشته    القبض على المتهمين بسرقة محل بلايستيشن فى مدينة 6 أكتوبر    طبيبة تحسم الجدل| هل تناول الكبدة والقوانص مضر ويعرضك للسموم؟    «ماء الموز» موضة غذائية جديدة بين الترطيب الحقيقي والتسويق الذكي    لماذا ترتفع معدلات الأزمات القلبية في فصل الشتاء؟ 9 إرشادات طبية للوقاية    «اتصال» وImpact Management توقعان مذكرة تفاهم لدعم التوسع الإقليمي لشركات تكنولوجيا المعلومات المصرية    الإمارات تستجيب لطلب السعودية وتنهي وجودها العسكري باليمن    الحكومة تصدر قرارًا جديدًا بشأن الإجازات الدينية للأخوة المسيحيين| تفاصيل    محمد جمال وكيلاً لوزارة الصحة ومحمد زين مستشارا للمحافظ للشؤون الصحية    اليوم.. نظر محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة الإرهابية    دميترييف يسخر من تمويل أوروبا المتحضرة للمنظمات غير الحكومية لغسل أدمغة الناس    نتنياهو: عواقب إعادة إيران بناء قدراتها وخيمة    نخبة الإعلام والعلاقات العامة يجتمعون لمستقبل ذكي للمهنة    طقس رأس السنة.. «الأرصاد» تحذر من هذه الظواهر    توتر متصاعد في البحر الأسود بعد هجوم مسيّرات على ميناء توابسه    «مسار سلام» يجمع شباب المحافظات لنشر ثقافة السلام المجتمعي    "25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    "البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    استشهاد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على مركبة جنوب نابلس    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    الأمم المتحدة تحذر من أن أفغانستان ستظل من أكبر الأزمات الإنسانية خلال 2026    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحرش قضية فرد أم مجتمع؟
نشر في نهضة مصر يوم 29 - 10 - 2008

سرعة البت في الحكم تعطي إشارة ضوئية للآخرين بالتروي والتدبير والروع وتشجيع الفتيات والنساء علي التعبير الصحيح وعلي الخروج من شرنقة الخوف والعيب الذي يضيع حقوق وإنسانية وكرامة الفتاة بحجة الصح والسمعة والشرف الذي يشبه عود الكبريت أو الولاعة الأتوماتيك
حالة من الاستنكار الذكوري اشتعلت في الشارع المصري بعد الحكم القضائي الصادر في أول قضية تحرش جنسي أقامتها فتاة مصرية رفضت الخضوع لقانون العيب و"تابوه" الخطيئة التي تلصق بأي فتاة تتعرض لأي نوع من أنواع الامتهان الجسدي والإيذاء النفسي وتعامل كجسد متحرك مثير للشهوات ومستباح من قبل من لا يملكون صفات الإنسانية والآدمية، استنكر الرجل العادي في الشارع سرعة البت في قضية من منظوره الضيق هي قضية شخصية لا تهم سوي رجل فلت عياره أو رجل في حالة نشوة واستثارة جنسية فمن حقه التعبير بأي شكل وبأي صورة تجاه من لا تحترم دينها، من وجهة نظره طبعا، فتخرج إلي الطريق العام متبرجة متزينة غير محجبة أو مخمرة أو منقبة، وبالتالي فهي تستحق ما ينالها من أي رجل.. واستنكار الرجل العادي جاء أيضا تعبيرا عن رفضه للتباطؤ الذي تعامل به قضايا حيوية تمس آلاف المصريين مثل قضية العبارة التي راح ضحيتها أكثر من ألف شخص ولا يزال القضاء يتداول في توصيف الجريمة الجماعية.
وأيضا قضية الفساد الإداري والمالي في البنوك والشركات وحريقي القطار والمسرح وهدمي العمارات والعشوائيات والاحتكار والقروض وغيرها مما يؤرق الشارع المصري فلماذا تلك السرعة الشديدة في الحكم وتطبيقه علي رجل انبسط شوية زيادة ولم يفعل شيئا سوي استباحة جسد فتاة أثارته وفتنته، فهل أصبح القانون يطبق علي البسطاء ولا يمس من لديهم حصانات حتي ولو كانت جرائمهم مدمرة ومؤثرة علي المئات من المواطنين المصريين؟!
كيف وصل هذا الفكر وهذا السلوك وهذا الشعور إلي هؤلاء البسطاء الذين يستمعون ليل نهار لخطباء الزوايا والمساجد في الشوارع والقري وعلي منابر الفقهاء في بعض المحطات الفضائية يستمعون إليهم وهم يجرمون المرأة ويلقون بالتهم والخطايا علي تلك التي تخرج إلي الشارع والتي لا تلتزم بقواعد الشرع فتتخفي وتصبح مجرد خيمة سوداء تسير بلا ملامح أو شخصية، ومن الأفضل أن تقبع في بيتها وإلا فمصيرها ومآلها هو التحرش والإيذاء النفسي والبدني.
ونسي هؤلاء أن المرأة المصرية منذ بدء الخليقة تخرج للزراعة والرعي والعمل أو التي لا تعمل فهي المرفهة الثرية، وجموع النساء جزء من نتاج المجتمع، وذلك الفكر السلفي بأن المرأة ملكية خاصة فكر يدمر ولا يبني، كما أن مظهر المرأة لا يعطي الرجل أي كان الحق أو الرخصة في انتهاك حرمتها، ففي الغرب معظم النساء يرتدين ملابس كاشفة ومع هذا لا يوجد تحرش إلا في مجال العمل وذلك ليس بناء علي الملابس ولكن لظن الرجل أن قدرته هي استغلال منصبه وكرسيه في تحقيق مآرب شخصية وهناك أيضا تحرش نسائي ببعض الرجال إذا كانت المرأة في وضع القيادة، فالقضية هناك قوة وسلطة وهي قضية متعلقة بالوضع الوظيفي أو المالي وليس بمفاهيم دينية أو عقائدية أو تراثية. وإذا كان القضاء قد تأخر في البت في قضايا أدمعت عيون وقلوب المصريين، فليس معني ذلك أن يصبح الخطأ مباحا وليس معني أن القضة فردية أن الحكم لا يهم المجتمع ككل ولكن سرعة البت في الحكم تعطي إشارة ضوئية للآخرين بالتروي والتدبير والروع وتشجيع الفتيات والنساء علي التعبير الصحيح وعلي الخروج من شرنقة الخوف والعيب الذي يضيع حقوق وإنسانية وكرامة الفتاة بحجة الصح والسمعة والشرف الذي يشبه عود الكبريت أو الولاعة الأتوماتيك.
الشارع المصري يئن ويتوجع والجراح تنزف وحالة من الفوضي الأخلاقية تستشري حتي أن السباب والشتائم واللعان والكلمات الخادشة للحياء أصبحت نوعا من التباهي بالرجولة والقوة وعدم الاكتراث بأي شيء، وأيضا مظاهر الإباحية في الملابس والشيشة وبنات الليل والدعارة المعلنة للنساء والشواذ من الشباب صارت أيضا جزءا من الصورة القبيحة في الشارع المصري، فلا خجل ولا شعور بالاستياء ومع كل هذا تبلد المواطن المصري وتضخمت داخله "الانيماليزم" أو "أنا مالي" كشعار يحيا ويعيش به واختفت عبارات الجدعنة والرجولة والشهامة ولم يعد هناك وجود لابن الحتة "العترة" المجدع"، فهذه الصفات انقرضت مع عصر العولمة والدش ومنابر أنصاف الدعاة وطغيان المادة وغياب الرقابة والأمن من الشارع ولكأن سوق الأخلاق غير من بضاعته المصرية الأصيلة واستورد البضاعة الصيني المضروبة الباهتة الصفراء أو تلك البضاعة الأمريكية الصنع التي تسير وفق معايير الأيزو وفكرة قانون لكل كلمة ولكل فعل ولكل حركة.
القانون جزاء وعقاب وثواب وردع وأمان لكن القانون الأخلاقي النابع من داخل الإنسان هو الذي يضمن الأمن والأمان الداخلي وينمي شعور الانتماء لتراب وطن كان يوما قبلة الغرباء ومسكن الأحياء وأمانا لكل عابر سبيل.
التحرش ليس قضية امرأة ورجل ولكنها قضية مجتمع يحيا حالة من التحرش الجماعي كل في موقعه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.