العيد فرحة يا نساء مصر، وكل عام وأنتن بخير وأمان، وبهذه المناسبة السعيدة أذكركن أن الأعياد قد أصبحت مواسم لازدهار التحرش الجنسى فى مصر، وأقترح عليكن أن نضع خطة استراتيجية للمقاومة «غير المسلحة»: فلنجعل من هذا العيد عبرة للمتحرشين وأشبال المتحرشين. أسمعكن تتساءلن من هم أشبال المتحرشين؟ إنهم كل هؤلاء الأطفال «تسع وعشر وأربعة عشر عاما» الذين نشأوا فى شوارع مصر فرأوا من يكبروهم يستحلون أجساد النساء وكرامتهن ففهموا أن جزءا من مغامرة الرجولة فى مصر يتضمن بلا شك تدريبا شاقا على كيفية التحرش بالنساء. وفى فترة التدريب من حق هؤلاء الصبية ممارسة بعض أشكال التحرش كنوع من التدريب العملى. فهم يتعرفون على أشكال عدة للتحرش منها لمس أجساد النساء، التصفير والمعاكسات اللفظية، النظرة الفاحصة «أى الوقحة» لجسد المرأة، التلفظ بكلمات ذات دلالات جنسية. وكلما كان التلميذ نجيبا كلما ترقى بسرعة على سلم التحرش وصولا إلى أعلى المراتب: الملاحقة والتتبع والمعاكسات التليفونية. ولكن قبل الدخول إلى الخطة الاستراتيجية لمواجهة التحرش دعونى أنعش ذاكرتكن ببعض الأرقام الصادرة عن «المركز المصرى لحقوق المرأة»: تتعرض النساء الأجنبيات فى مصر للتحرش الجنسى بنسبة 98% «لابد أن ال2% إما فوق التسعين وبالتالى لسن مطمعا لمشاريع الذئاب البشرية الطليقة أو أنهن يلبسن طاقية الإخفاء»، تعرضت 83% من النساء المصريات للتحرش، اعترف 62% من الرجال المصريين «فى استبيان المركز» أنهم قد مارسوا أحد أشكال التحرش، كما يعتقد 53% من الرجال المصريين «وركزوا هنا معى» أن مسؤولية التحرش تقع كاملة على عاتق النساء. كما تظهر الأبحاث أيضا أن المتحرش لا يفرق معه ملبس النساء فنسبة 60% ممن أجابوا على استبيان المركز يرون أن النساء المحجبات أكثر عرضة للتحرش. تعتمد الخطة الاستراتيجية فى جوهرها على فكرة وليس على فعل، أى أننى لن أنصح النساء بإخفاء بلطات «جمع بلطة» أو مطاوى أو سنج فى حقائب اليد، لكننى سأقول لهن إن أول قواعد الخطة أن نقتنع أن مسؤولية التحرش لا تقع على عاتقنا بل على عاتق المتحرش. لقد أظهر استبيان «المركز المصرى لحقوق المرأة» أن النساء الأجنبيات اللاتى أجبن على الاستبيان قد أكدن جميعا اعتقادهن الراسخ فى حقهن فى الأمان الشخصى وحرية الحركة بينما لم تظهر نفس النتيجة مع النساء المصريات اللاتى لم يرد فى كلامهن عبارات مثل «حرية الاختيار» أو «حرية الحركة» أو «الحق فى حماية القانون». وهذا فى اعتقادى هو أصل الداء فالنساء الغربيات ينتمين إلى مجتمعات تؤمن بالحرية ولا ترهب فئة من فئاتها بشعارات الدين، الكل يحتمى بمظلة القانون ومن يرتكب جرما يقع تحت طائلته. أما النساء المصريات فقد تم تغذية عقولهن «ضمن باقى فئات المجتمع» بالأفكار التى تقلل من شأن النساء وتعتبرهن مصدر الشرور، وقد صدقت فئات من النساء هذه الأفكار كما يظهر من إجاباتهن على استبيان التحرش الجنسى، فبينما تقر 83% من النساء وقوعهن ضحايا للتحرش لم تؤكد إحداهن على حقها فى اختيار الملبس والتحرك بحرية. أول أركان الخطة هو أن نفهم أننا لسنا مسؤولات عن أمراض المتحرشين، وأن من حقنا أن نمارس حرية الحركة وحرية اختيار الملبس. وثانى أركان الخطة هو أن نملأ أقسام الشرطة ببلاغات ضد المتحرشين، لن نخاف المرمطة فى الأقسام فلنا الحق فى مطاردة هؤلاء المرضى ولنا الحق فى الحفاظ على كرامتنا. ومن الممكن لكل من يرغب فى مطاردة المتحرشين من النساء أو الرجال أن يحمل كاميرا فى جيبه لالتقاط الصور لفضحهم. فلنجعل المتحرشين فى حالة خوف ولنضعهم فى موقع الدفاع عن أنفسهم. وكل عيد ونساء مصر آمنات ومقتنعات أن الحرية ليست منة أو هبة من أحد ولكنها حق لكل «إنسان».