أنا مش كافر... بس "الجوع كافر" مطلع أغنية لزياد رحباني غناها منذ سنوات تذكرتها بعد أن أصبح لا حديث للناس هذه الأيام فقيرا ومتيسرا علي السواء إلا عن قرار زيادة أسعار البنزين والسولار. في اليوم التالي لزيادة رواتب الموظفين لماذا هذا التوقيت بالذات هل هذا عقاب للموظفين؟ وهل كل الشعب موظفون أريد أن يقول لي أحدهم إن رئيس الجمهورية لم يكن يعلم أن الحكومة ستفعل هذا بالشعب؟ ومتي ثاني يوم الإعلان عن العلاوة الخاصة يا أهل القرار الجوع كافر وقراراتكم هذه ستجعل الشعب يكفر بالحكومة وبالديمقراطية وبالمواطنة! حكومة لديها سوء تقدير سياسي فادح عند اتخاذ القرارات الصعبة بدليل المفاجأة والسرعة في اتخاذ قرار مهم وحيوي برفع سعر البنزين والسولار وقررت الحكومة تمرير القرار وسط زحمة الحديث والمدح في العلاوة التي بالنسبة للغالبية العظمي لن تتعدي 60 أو 70 جنيها وسيدفع ثمنها فقراء الميكروباص والطبقة المتوسطة الكادحة أصحاب السيارات القديمة وسيارات التقسيط ولا يعلم أحد ماذا تفعل الأسرة المصرية لكي تستطيع تدبير القسط كل أول شهر لا أحد يشعر ولا أحد يحاول أن يشعر بمعاناة المواطنين أصحاب هذا البلد الحقيقيين. لماذا؟ مجلس الشعب الذي يمثل الشعب بكل فئاته والذي من المفروض أنه المدافع الأول عن حقوق الشعب هو الذي وافق علي زيادة الأسعار بسرعة مذهلة ومريبة ونقرأ في الجرائد أن الرجل الحديدي رجل المهام الصعبة هو الذي أقنع نواب الوطني بالموافقة علي القرار بزيادة الأسعار ولم يفعل ذلك في مجلس الشعب أو داخل الحزب بل في قاعة فاخرة بفندق فاخر علي النيل ودعاهم علي وليمة فاخرة دفع ثمنها الشعب مرات عديدة مرة من الضرائب التي مررها النائب وأتباعه ومرات من مصنع الحديد الذي كان يمتلكه الشعب وأصبح يمتلكه رجل يتحكم الآن بحديده في مصر كلها بداية بقطاع المقاولات والإسكان بكل فئاته وحتي قرارات زيادة الأسعار! لماذا لم يطالب مجلس الشعب الحكومة بعدم المساس بالبنزين والسولار لماذا لم يطالب مجلس الشعب الحكومة بفرض ضرائب أكثر علي الكافيار والسومون والخمور والمكسرات والشيكولاتة والبسكويت واللبان المستورد وأكل الكلاب والقطط. لماذا لم ينجح عباقرة المالية في فرض ضرائب علي قصور أكتوبر والقاهرة الجديدة وفيللات الكومبوند والمنتجعات السكنية والسياحية الفاخرة والتي تبدأ أسعار الفيلا بها من مليون أو اثنين! هل جيوب الطبقة المتوسطة والفقيرة هي موارد الدولة الحقيقية جيوب الناس فارغة ويعيشون بالقسط والجمعيات كفاهم ما يتحملون كفاهم! ثم من قال إن الراتب قد زاد؟ علي العكس الراتب قد نقص فأسعار السلع الأساسية للمواطن قد تضاعفت قبل العلاوة بشهور ومن المفروض أن العلاوة جاءت لتعوض جزءا من زيادة الأسعار فإذا بنا نفاجأ بزيادة سلع أصابت الشعب المصري في مقتل فزيادة البنزين والسولار سترفع أسعار كل شيء وقد ارتفعت بالفعل أجرة الميكروباص 50% وهو وسيلة نقل محدودي ومعدومي الدخل في هذا البلد وبدلا من أن تمنع الدولة هذه الزيادة اقترح وزير في برنامج تليفزيوني علي المواطن أن يقاوم هو ارتفاع الأجرة بالامتناع عن الركوب وأن يقاوم ارتفاع الأسعار بالمقاطعة والامتناع عن الشراء.. هو المواطن حيقاوم إيه ولا إيه وكيف يقاوم المواطن قرارات الحكومة بالبحث عن وطن آخر وحكومة أخري لكن أين؟ علاوة ال 30% سبقتها زيادة في الأسعار وتلتها زيادة أكبر في الأسعار أي أن أغلب السلع زادت أسعارها في الشهور الأخيرة بنسبة حوالي 100% إذن الرواتب لم تزد بل نقصت 70% فكان الأفضل للموظف ألا يزيد راتبه وتبقي الأسعار كما هي أما الفقراء غير الموظفين فقد تضاعفت تكاليف المعيشة بالنسبة لهم فماذا سيفعلون كل عامل أو صاحب مهنة سيرفع أجره وكل صاحب تجارة سيغلي تجارته والنصابون سيزيدون والسرقة ستزيد والفساد سيزيد والجريمة ستزيد والإحباط سيزيد والحقد الطبقي سيزيد وربنا يستر علي البلد.