صوت الناس.. "محمد" يستغيث بالمسئولين لبحث شكوى قبل فوات الآوان    جامعة قناة السويس: تكريم الفرق الفائزة في كرة القدم الخماسية    رئيس العراق يستقبل وزير الري المصري على هامش مؤتمر بغداد الدولي الرابع للمياه    حزب "المصريين": افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابية يُسطر مرحلة جديدة في مسيرة التحول الرقمي    وزارة التموين : وفرنا السكر بالمنافذ وليس لدينا أزمة إنتاج .. والمشكلة كانت في التوزيع    بعد 204 يوما على حرب غزة.. ازدواجية الإعلام الأمريكي في تناول الكارثة الإنسانية.. نيويورك تايمز وجهت صحفييها بتقييد استخدام مصطلحات "الإبادة الجماعية والتطهير العرقى والأراضى المحتلة"    وفد من «حماس» يصل القاهرة غدا لتسليم رد الحركة بشأن مقترح التهدئة بقطاع غزة    دخول 176 شاحنة مساعدات غذائية عبر معبر كرم أبو سالم    بسبب المجاعة.. استشهاد 30 طفلا في غزة    رئيس مجلس الشيوخ يستقبل نظيره البحريني والوفد المرافق له    كاف يطلب من الزمالك التوجه إلى ملعب مباراة دريمز الغانى مبكراً .. اعرف السبب    بعد واقعة مباراة مازيمبى.. الأهلى يقرر توقيع عقوبة على السولية والشحات بسبب اعتراضهما علي قرارات كولر    تورينو ينظم ممرا شرفيا للاعبي إنتر احتفالاً بتتويجه بالدوري الإيطالي    تأجيل محاكمة المتهم بقتل نجل لاعب الزمالك السابق عمر كشمير    حملات تفتيشية مكبرة على الأسواق والمخابز بالمنيا    مهرجان الغردقة لسينما الشباب يفتح باب الاشتراك في دورته الثانية .. اعرف المواعيد    وصل الإجمالي ل 57 مليون .. فيلم شقو يضيف 500 ألف جنيه لإيراداته ليلة أمس    أستاذ جهاز هضمي: الدولة المصرية صنعت دواء يعالج فيروس سي (فيديو)    «التنمية المحلية»: 40 ورشة عمل للقائمين على قانون التصالح الجديد بالمحافظات    محافظ بني سويف يُشيد بالطلاب ذوي الهمم بعد فوزهم في بطولة شمال الصعيد    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    احتفال الآلاف من الأقباط بأحد الشعانين بمطرانيتي طنطا والمحلة.. صور    جامعة بني سويف تستقبل لجنة المراجعة الخارجية لاعتماد ثلاثة برامج بكلية العلوم    الطقس في الإسكندرية اليوم.. انخفاض درجات الحرارة واعتدال حركة الرياح    «التعليم» تحدد ضوابط تصحيح امتحانات النقل للترم الثاني 2024    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    فرق 60 دقيقة عن المواصلات.. توقيت رحلة المترو من عدلي منصور لجامعة القاهرة    سفير روسيا بالقاهرة: موسكو تقف بجوار الفلسطينيين على مدار التاريخ    لن أغفر لمن آذاني.. تعليق مثير ل ميار الببلاوي بعد اتهامها بالزنا    «قصور الثقافة» تختتم ملتقى أهل مصر لفتيات المحافظات الحدودية بمطروح    أجمل دعاء للوالدين بطول العمر والصحة والعافية    أعاني التقطيع في الصلاة ولا أعرف كم عليا لأقضيه فما الحكم؟.. اجبرها بهذا الأمر    بلينكن يزور مستوطنة بئيري بعد هجوم 7 أكتوبر    بنك QNB الأهلي وصناع الخير للتنمية يقدمان منح دراسية للطلاب المتفوقين في الجامعات التكنولوجية    انطلاق فعاليات البرنامج التدريبى للتطعيمات والأمصال للقيادات التمريضية بمستشفيات محافظة بني سويف    البنية الأساسية والاهتمام بالتكنولوجيا.. أبرز رسائل الرئيس السيسي اليوم    أحمد مراد: الخيال يحتاج إلى إمكانيات جبارة لتحويله إلى عمل سينمائي    أول تعليق من مها الصغير على أنباء طلاقها من أحمد السقا    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    رئيس هيئة الدواء يجتمع مع مسؤولي السياسات التجارية في السفارة البريطانية بالقاهرة    نجم الأهلي: أكرم توفيق انقذ كولر لهذا السبب    إدارة الأهلي تتعجل الحصول على تكاليف إصابة محمد الشناوي وإمام عاشور من «فيفا»    المصري الديمقراطي الاجتماعي يشارك في منتدى العالم العربي بعمان    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من مليون مواطن لمن تخطوا سن ال65 عاما    وزير الصحة: «العاصمة الإدارية» أول مستشفى يشهد تطبيق الخدمات الصحية من الجيل الرابع    المصري والداخلية.. مباراة القمة والقاع    قضايا عملة ب 16 مليون جنيه في يوم.. ماذا ينتظر تُجار السوق السوداء؟    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    ألفا طالبة.. 4 محافظات تحصد المراكز الأولى ببطولة الجمهورية لألعاب القوى للمدارس -تفاصيل    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    شكوك حول مشاركة ثنائي بايرن أمام ريال مدريد    إعلان اسم الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربية 2024 اليوم    العودة في نفس اليوم.. تفاصيل قيام رحلة اليوم الواحد للاحتفال بشم النسيم    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    رفض الاعتذار.. حسام غالي يكشف كواليس خلافه مع كوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توماس جورجسيان يكتب:«نشارة الحياة».. ومالكش حق تلوم عليا

«تلك التي أحب تجسد رغبتي في الحياة..» وصفها الشاعر بول إيلوار وأضاف «تجسد رغبتي في حياة بلا حسرة، في حياة بلا ألم، في حياة بلا موت / ولأنه ليس ثمة حياة أخري، فالحياة رائعة». وطبعا روعة الحياة هي أنك تحب الآن وكأنك تعيش أبدا. وتشعر بأنك قادرعلي فعل المعجزات. ومن هنا جاء إيلوار ليكتب أيضا «لأننا نحب، نريد تحرير الآخرين من وحدتهم القاتلة». المهم نحب واللي يحصل يحصل لنا ولغيرنا!
ولم يتردد الفنان نصير شمة صاحب العديد من المغامرات الموسيقية أن يقول أخيرًَا إن الوطن العربي «يوم ورا يوم أحلامه بتصغر». هل يبالغ شمة صاحب «بيت العود العربي»؟ ونحن كلنا في يوم ما سمعنا أصواتا من الخليج إلي المحيط تغني معا «الحلم العربي». وهل الأحلام بتصغر لأننا لا نريد أن نحلم أحلاما كبيرة؟ أم لأن المطلوب منا هو «أن نحلم علي قدنا أو لا نحلم أبدا».؟!
ويكتب العملاق نجيب محفوظ في حلم 118: «وجدتني في ميدان محطة الرمل المزدحم دوما بالبشر، ولمحت من ناحيته الرجل الذي تردد كلماته الألوف وهو يغازل غانية، فهمست في أذنه «إذا بليتم فاستتروا» فقال: «وهل ثمة ستر أقوي من ملابسها؟!» وكم كانت مشوقة وحكيمة أحلام الأستاذ في فترة النقاهة. أحلام كانت أم كوابيس فهي تزورنا في حياتنا ونقرأ عنها ونفسرها بمزاجنا. وربنا يستر!
ولا شك أن مشاغل الحياة دائما تجرفنا في طريقها بلا رحمة وبالطبع لاتترك لنا أي فرصة لالتقاط الأنفاس. ولا نجد الوقت المناسب أو المتاح لعمل «اللي نفسنا فيه». وبالتالي «تتسرب الحياة وأيامها» من بين أيدينا. وطالما أدركنا هذه الحقيقة المرة. فأكيد إحنا أحسن من غيرنا وهناك أكيد فرصة لصد هذا الانجراف وهذا التجريف. والأمر الأهم هو إيجاد لحظات ودقائق وساعات لكي تلتفت فيها لنفسك وتلتقط الأنفاس و«تعمل اللي نفسك فيه».
هكذا كان الأمر مع «نشارة الحياة» في حياة نجيب محفوظ. وقد فسرها أديبنا العظيم قائلا: «أنا لم تكن ظروفي سهلة أو ميسرة كما تتصور، فقد كنت موظفا أذهب إلي عملي في المواعيد، وكان دخلي كله يعتمد علي راتبي ولا شيء سواه، ولكنني مع ذلك كتبت بانتظام ودقة وأقمت حياتي الأدبية علي ما يمكن أن أسميه باسم «نشارة الحياة» نصف ساعة من هنا ونصف ساعة من هناك أجمعهما علي بعضهما البعض، وألتقطهما من زحام الدنيا لأقيم حياتي الأدبية وأستمر فيها، هكذا جمعت «نشارة الخشب» المتاحة لي وصنعت منها كل ما أريد، ويا سلام يا أستاذنا العظيم في الكتابة وفن الحياة وفهم البشر إيه المعلمة دي كلها. «وطبعا ياما فيه ناس مش عارفة تعمل حاجة بالخشب نفسه مش نشارته» علي رأي صاحبنا تامر.
وقد كتب الناقد الجميل رجاء النقاش وهو يحكي هذه الحكاية: «والنشارة كما هو معروف لنا جميعا هي ما يتبقي من الخشب بعد قطعه وإعداده للاستخدام، وفي العادة تتحول هذه النشارة إلي سلة المهملات ولكن ما فعله نجيب محفوظ لم يهمل هذه «النشارة» بل جمعها في صبر ودأب، وجعل منها أدبا عظيما وإنسانًا لا يقل عن الأديب في عظمته ومستواه».
ويذكرنا النقاش وينبهنا بأن «نشارة الحياة» «هي الوقت الضائع الذي لا تهتم به، والفضائل الصغيرة التي قد لا تلفت الأنظار، ولكن هذه «النشارة» يمكن أن تصنع شيئا جميلا لو أننا التفتنا إليها واستفدنا منها، وصبرنا علي تحويلها إلي قوة تساعدنا علي تحقيق ما نحلم به من أهداف».
ولا أشك للحظة أن والدتي رحمها الله كانت أستاذة في استثمار «نشارة الحياة»، ومن خلالها استطاعت أن تفعل الكثير وأنجزت ونجحت وفرحت وكللت جهودها في تحقيق أمنياتها سواء تلك المرتبطة بنا نحن أولادها أو بها هي -. وهي التي كانت «تخطف» دقائق من هنا أو ساعات من هناك لتعطي معاني أكبر لحياتنا وحياتها. وأنا متأكد ونحن نحتفل ب «عيد الأم» بأن لكل منا حكايته مع الأم و«نشارة الحياة» معها. لذلك حاول من ناحيتك (وطبعا دي متعة لا مثيل لها) أن تتذكر حكايتها مع نشارة الحياة ومعها ستعرف من جديد وتتبين الحكمة التي تبنتها الوالدة والأهم أنها طبقتها في حياتها ونشارة حياتها. وبعد أن تتذكر أذكرها بالخير وأشكرها وأحكي حياتها و«نشارتها» للي حواليك وولادك وأحفادك كمان. وطبعا إحنا كلنا عايزين نستفيد من حكاية النشارة دي.
وقد تم وصف مطاردة الحلم في حياتنا بأنها «الاحتفاظ بعشق أبدي ولو في أوقات متقطعة» يعني المهم تخطف ساعة من هنا أو ساعة من هناك وهمك الأكبر أن تنتهي من إنجاز ما كنت تريد تحقيقه. الحصول علي الشهادة المتخصصة التي تريد بها تجديد حياتك وتغيير مسارك المهني أو كتابة روايتك أو قصيدتك أو إكمال القطعة الموسيقية التي مازالت أنغامها ترن وتزن في دماغك. ثم ماذا عن اللوحة التي بدأتها ولم تكتمل أو.. وما أكثر الأسباب والظروف التي نتحجج بها أو نلجأ إليها لكي نبرر تلكؤنا وخمولنا تجاه ما هو مطلوب إنجازه وتحقيقه. والمطلوب ببساطة هو أنك لا تنسي فلسفة ومفهوم وعبقرية «نشارة الحياة». وإنك تشحن بطارية حياتك وتواصل مشوارك.
وهكذا كان الكاتب الروسي أنطون تشيكوف عبقري القصة القصيرة. وهو الذي حاول الاستفادة من كل قطعة صغيرة أم كبيرة من خشب الحياة ونشارتها. لقد ولد تشيكوف في 29 يناير 1860 ومات في 15 يوليو 1904، إلا أنه «خلال هذا العمر القصير (44 عامًا) والعمر الأدبي الأقصر (24 سنة) ترك لنا إرثا أدبيا خالدا من القصص القصيرة والروايات والمسرحيات التي أحدثت انقلابا حقيقيا في القصة القصيرة والأدب المسرحي « كما يكتب د أبو بكر يوسف في مقدمة ترجمته لأعمال أنطون تشيكوف. وقد صدرت أخيرا في 4 أجزاء. وقراءتها أو إعادة قراءتها متعة لا مثيل لها للمبدع الساحر الذي يعرف كيف أن يكون سهلا وسلسا وبسيطا وعميقا ومشوقا وممتعا وبالطبع إنسانيا معا في آن واحد.
حياة تشيكوف القصيرة كانت شاقة ومتقلبة ومزدحمة بمعاناة الحياة اليومية ومتطلباتها غير المنتهية وطبعا ضغوطها المستمرة و.. قد كان يعمل طبيبًا. تشيكوف في وقت ما قال إن الطب زوجته والكتابة عشيقته. وكتب ما كتب وهو يصارع الحياة والمرض (السل الذي قضي عليه). ولو سلمنا جدلا بتوصيف تشيكوف وتشبيهه للزوجة والعشيقة تري كيف يصف علاء الأسواني علاقته بطب الأسنان وعمله به وأيضًا مواصلة الكتابة؟! في حين أننا لو طبقنا توصيف تشيكوف نفسه فإن كلاً من محمد المنسي قنديل ومحمد المخزنجي ومن قبلهما يوسف إدريس قد ترك الزوجة ليعيش بالعشيقة ومعها. وبالطبع في نهاية الأمر نحن عشقنا هذا العشق وهذه العشيقة! والأهم أننا مدحنا وهللنا لهذا الاختيار.
ووسط لهث حياتنا ودوامة الأحداث المصرية والفلسطينية جاءت زيارة زياد الرحباني الأولي لمصر وكانت فرصة لنلتفت لأنفسنا ونلتقط أنفاسنا.ألم يكن غريبا أن هذا الفنان اللبناني المبدع لم ندعه إلي مصر؟ أو أنه لم يأت إلي مصر أبدا. هل هو تقصير منا أو منه؟ إنه التقصير المتبادل كابوسنا المستمر. «هو معقول كل السنين دي تعدي واحنا مترددين مين منا ياخد الخطوة واحنا في النهاية كلنا خسرانين» هكذا يقول أحمد أحد عشاق فن زياد الرحباني وهو يردد أغانيه علي العود. ثم يضيف «تصوروا حتي العظيمة فيروز (وهي والدته) التي نعرفها جيدا ونعشقها طول عمرنا آخر مرة زارت مصر كانت في عام 1989 ( ياه من عشرين سنة)، ثم نتساءل: كيف إن أحلامنا بتصغر يوم ورا يوم؟».
زياد رحباني ( من مواليد 1956) الفنان المتمرد والمغامر الجميل في أجواء الموسيقي وأركان الغناء لأكثر من ثلاثين عاما كان في القاهرة وطبعا «منورنا». وكما يقال «أن يحدث الشيء متأخرًا خير من ألا يحدث أبدًا». وياريت زيارته الأولي لن تكون الأخيرة وتكون فرصة للتعرف علي فنه وإبداعه ومساهمته في إثراء الغناء والطرب العربي. وهذا هو المطلوب ونحن نعيد اكتشاف أو نعلن صراحة وعلنا دون خوف أو خجل - حبنا وعشقنا وأحيانا هوسنا بالإبداع العربي الأصيل الذي لا يعرف الحدود والأهم لا يعترف بها.وبالمناسبة الإبداع العربي الحقيقي المتميز والرفيع هو الذي يجمعنا كشعوب عربية أكثر من القمم العربية وكليبات الأغاني وحسناوات التوك شو وحنجوريات الفضائيات.
ولم يكن سرًا أبدًا مدي عشق زياد للعبقري سيد درويش وتأثره به. ومن هنا جاءت كلمات محمد علي فرحات في صحيفة «الحياة» عن زيارة «سيد درويش الرحباني» لمصر:
«في ليلة من ليالي حرب لبنان، سوداء بلا كهرباء، حضر إلي بيروت الشيخ إمام زائراً فاحتفي به اليسار والتقت الجموع في ملعب لكرة القدم في حي وطي المصيطبة، كان زياد هناك وتحت أضواء مولد الكهرباء أهدي الشيخ إمام أغنيته التي انتشرت لاحقاً: «شو هالأيام اللي وصلنا لها»، وطعّم الأغنية بمقاطع من سيد درويش هي بمثابة «جواب» بحسب تعبير الملحنين، أو أن كلماتها كانت، بحسب تعبير الشعراء الكلاسيكيين «تخميساً» لكلمات أغاني الشيخ سيد. أما الموسيقي فهي ما لم يأت بمثله سوي موسيقي الإسكندرية ووطنيّها الذي مات في عز الشباب سيد درويش، كأن القاهرة استقبلته في شخص زياد الرحباني، لأن الموسيقي عندهما، أغنية أو عزفا، تصل إلي المتلقي فيشعر أنه ألفها أوشارك في تأليفها، علي الأقل».
«أهو ده اللي كان.. أهو ده اللي صار. ومالكش حق.. مالكش حق تلوم عليا».. وطبعا «أنا مش كافر بس الجوع كافر.. أنا مش كافر بس المرض كافر» هكذا تتوالي كلمات أغنية زياد الرحباني ويرددها شباب في قعداتهم ويتبادلونها في مواقعهم الإلكترونية وعلي «الفيسبوك». ويأتي معها التمرد والمواجهة بالفنون التي تشتد مع أجواء ونفسيات إلقاء الاتهامات والتصنيفات وحملات التكفير والتحريم والتجريم. وبصراحة لقد أحسست أخيرا أن قلبي يجب أن يكون مع بسمة نجمة فيلم «رسائل البحر» وقد انتابني الحزن والغضب معا، عندما وجدتها محاصرة بأسئلة النوايا والظنون وما المقصود؟ وهل أنت شخصيا تؤمنين بدورك في الفيلم وما فعلته البطلة؟ والأسطوانة المشروخة إياها وغيرها عن أخلاقيات المرأة والسينما النظيفة ثم الإشارة إلي يهودية جدها يوسف درويش (وهو الذي أسلم ولعب أدوارا وطنية لكن ولو). إيه خلاص ضاقت بنا الدنيا للدرجة دي؟!. هكذا نقوم مع الأسف بنصب محاكم تفتيش معاصرة (كأننا لم نتعظ بعد من التاريخ) لمحاكمة النفوس والنوايا لدي بسمة وغيرها.. وكل يوم عندنا حكاية جديدة. وهكذا ننصب علي الناس ونكذب علي أنفسنا وندعي الوطنية والأخلاق والشرف ونزايد بهم. عرفت يا نصير وأنت أكيد عارف ونص ليه يوم ورا يوم أحلامنا بتصغر.
إنها حياتنا ودنيانا
ومهما قلنا عنها وفيها وعليها «مش حنخلص» و«مش حيخلص كلامنا»
بصراحة ربنا المهم أن إحنا نحب ونحلم وطبعا تكون أحلامنا كبيرة وتفضل كبيرة
أكبر من «الحلم العربي» إياه الأغنية والواقع معا.
وحياتنا دايما منورة بنجيب محفوظ وتشيكوف وسيد درويش وفيروز وزياد الرحباني وبول إيلوار ونصير شمة وبسمة وكل اللي أنا فاكرهم ومش فاكرهم كمان
تقول: «أنا نفسي» تقول «أنا بأحلم» أو تقول «أنا مش كافر».
المهم أنك تقول وتسرح وتحلم وتتأمل وتغامر وتعاكس وتعشق وتحضن
حتي لو عرفت تعمل كل ده في «نشارة الحياة»
وقتها مش من حق حد يقولك «ماضيعش وقتنا ووقتك» ولا حد يقولك «هو ده وقته؟!»
بالمناسبة حياتك خشبها ونشارتها ملكك أنت وبس
ولو عرفت ده.. وعملت ده.. «امسك الخشب» علشان ما حدش يحسدك
والله عجيب أمر الناس لما يحبوا يتدخلوا في حياتك خشبها ونشارتها
وكأنه فعلا «الكعكة في إيد اليتيم عجبة» مع إن الكعكة دي كعكتك وأنت مش يتيم طبعا
وكأن العيد عيدهم وبس والحياة حياتهم وبس
أيوه الحياة حياتنا وإيه العجبة في ديه؟
وأيوه الدنيا دنيانا
وطبعا مالكش حق تلوم عليا فاهم؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.