تشكل إيران في ظل النظام الاسلامي الثوري، مشكلة أمنية صعبة لإسرائيل. فهي تدرب، تمول وتشغل الارهاب بواسطة حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الاسلامي في الضفة وفي غزة. فهي، أو مبعوثوها، أخفوا الملاح رون اراد. وبرعايتها، تواصل سوريا تفضيل العداء لإسرائيل علي السلام معها. والاخطر من كل شيء، هو أن زعماءها يصرحون علنا عن رغبتهم في خراب "الكيان الصهيوني" ويعملون علي تحقيق نيتهم هذه من خلال تطوير صواريخ أرض أرض والسعي لنيل السلاح النووي. لذلك، لا يمكن أن نري في اقوال نائب رئيس الاركان في الجيش الإيراني، والتي تفيد أنه اذا ما هاجمت إسرائيل إيران فانها "ستُدمر فوراً"، مجرد خطاب فارغ هدفه الرد علي بنيامين بن اليعيزر الذي أصدر وعداً مشابهاً. إسرائيل لم تهدد ابداً بتدمير دولة ما، بينما لم تتوقف إيران عن ذلك. علي ما يبدو، يعتمد الإيرانيون علي وهن الغرب، ولديهم اسباب جيدة لذلك. ثمة في الغرب دول معنية بعلاقات تجارية مع إيران، مثل سويسرا في صفقات الغاز. وتسخر هذه الدول من مشهد الضرر الذي ألحقته الادارة في واشنطن بنفسها جراء ذاك التقدير الاستخباري الذي قضي بأن التخطيط لامتلاك رأس نووي حربي في إيران توقف في العام 2003؛ وفقط بتأخير كبير أعلن واضعو التقدير بان انتاج المادة المشعة وتطوير الصواريخ مستمران وهما أكثر أهمية. لكن من دون جدوي: فثمة دول اخري رأت في التقدير المرن واللين إذنا لتعليق الضغوط علي إيران. في طهران ينتظرون ايضاً الانتخابات للرئاسة والكونغرس. والاستنتاج المطلوب، من ناحيتهم، هو ان خطر عملية عسكرية أمريكية، الذي كان يبدو ملموسا في سنوات سابقة (والذي أدي القلق منه الي التجميد المقدر للتخطيط للرأس الحربي)، أصبح وراءهم تقريباً، اي أنهم تجاوزوه. واذا كان هذا هو الحساب الإيراني، فان فيه رهاناً مغامراً. يحتمل ألا يكون تحول إيران الي قوة نووية كاف لأن يستخدم كذريعة فورية لعملية، حيث من المتوقع لإيران أن تجتاز الحافة النووية العسكرية فقط بعد سنتين وأكثر، ولكن الإيرانيين يوفرون لبوش مبررات اخري ضدهم. إن قتل الأمريكيين في العراق، المس بقدرة الحكم في بغداد علي احلال الامن والسماح بانسحاب أمريكي، تهديد اقتصاد العراق، النبش في شئون لبنان من خلال العلاقة العسكرية مع حزب الله، تشجيع الارهاب الفلسطيني، وليس في المكان الاول التحدي النووي إزاء إسرائيل، والفرضية في أن هذا من شأنه أن يجلب علي إيران ضربة مسبقة وبالتالي جر المنطقة الي حرب جديدة كل هذه الأمور تشكل سبباً لعملية أميركية. صحيح أن القوات البرية للجيش الأمريكي مشدودة حتي نهاية حدود قدراتها، ولكن يكفي للحملة ضد إيران استخدام القوات الجوية والصواريخ الموضوعة في تصرف الولاياتالمتحدة بوفرة. إن من شأن اللعب الإيراني بالنار ان يحرق الشرق الاوسط. وصحيح أن بوش ليس الشرطي العالمي، الا انه في غياب شرطي آخر في الافق، مسموح ان نتوقع منه ان يجسد وعده في أن يمنع إيران من امتلاك القدرة علي إبادة إسرائيل.