مع انطلاق منافسات بطولة كأس الامم الافريقية في غانا داخل المستطيل الاخضر بين المنتخبات الافريقية بنجومها المحليين والمحترفين البالغ عددهم 368 لاعبا، انطلقت في التوقيت نفسه منافسات اخري لا تقل سخونة وشراسة بين مكتشفي المواهب في مدرجات غانا وكواليس غرف ملابس اللاعبين ومطاعم هذه الدول الواقعة في غرب افريقيا، من اجل اتاحة الفرصة امام مزيد من اللاعبين الافارقة للاحتراف الخارجي. فقد امتلأت استادات المدن الغانية الاربع، التي تستضيف المونديال الافريقي في نسخته السادسة والعشرين بخبراء الكرة وسماسرة اللعبة ووكلاء اللاعبين من كل صوب وحدب، لرصد المواهب الافريقية، التي لم تذق بعد طعم ملايين الاحتراف وكذلك التقاط المواهب التي احترفت، لكنها تسعي إلي الانتقال من اندية اوروبية متوسطة الصيت والثراء الي اندية اكبر اكثر صيتا وثراء، بعد ان اصبحت القارة السمراء مصنعا لتفريخ المواهب الكروية وتصديرها إلي معظم البطولات المحلية في جميع انحاء العالم.ويشار في هذا الصدد الي ما يتردد في بورصة اللاعبين الافارقة في هذه البطولة، حيث يتحدث الخبراء الكرويون عن مبالغ كبيرة معروضة لشراء النجوم الافارقة من امثال محمد زيدان، لاعب هامبورج الالماني وحسني عبد ربه لاعب الاسماعيلي المصري وعماد متعب مهاجم الاهلي وياسين الشيخاوي صانع العاب المنتخب التونسي الشاب، الذي يقدر سعره الآن ب10 ملايين يورو، بعد ان انتقل في صيف 2007 الي نادي زيورخ السويسري، ولعل ذلك يبرهن علي ان لاعبي كرة القدم الافارقة اصبحوا ثروة تمتلكها القارة.اما اذا نظرنا الي المبالغ الخرافية التي دفعتها الاندية الاوروبية في اهم 10 لاعبين محترفين يلعبون الآن في صفوفها، فسوف يتضح ان سعرهم مجتمعين يزيد علي 235 مليون يورو، اي ما يقارب من ملياري جنيه مصري، وهو مبلغ يشير بوضوح الي ان المهارات الافريقية اصبحت تمثل سوقا رائجة تدر المليارات، وانه اذا تم انتهاج الاسلوب العلمي ووضع تشريعات تنظم عملية الاحتراف الخارجي، فانه يمكن تحويل احتراف المواهب الافريقية الي صناعة حقيقية تعود بالمليارات علي اقتصادات الدول الافريقية تماما، مثل المواد الاولية التي تزخر بها بلدان القارة السمراء.فمايكل اسيين الغاني الذي يترأس قائمة اغلي عشر صفقات افريقية انتقل لتشلسي الانحليزي ب38 مليون يورو وديدييه دروجبا الايفواري للنادي نفسه ب36 مليون يورو ومحمدو ديارا المالي لريال مدريد الاسباني ب28 مليون يورو وصامويل ايتو الكاميروني لبرشلونة ب24 مليون يورو وجون اوبي ميكيل النيجيري لتشيلسي ب23 مليون يورو وشاباني نوندا الكونغو الديموقراطية لموناكو الفرنسي ب22 مليون يورو وعبدالقادر كيتا الايفواري لليون الفرنسي ب18 مليون يورو وايجبيني يعقوبو النيجيري لايفرتون الانحليزي ب3،17 ملايين يورو واوبافيمي مارتينز النيجيري لنيوكاسل الانحليزي ب15 مليون يورو وهو المبلغ نفسه الذي دفعه نادي ليفربول الانجليزي للسنغالي الحاج ضيوف، وتشير بجلاء هذه المبالغ الخيالية الي ان اللاعب الافريقي اصبح سلعة رائجة يتهافت عليها الجميع، حتي وصل عدد اللاعبين الافارقة الذين يلعبون في مختلف دول العالم الي 3 الاف لاعب. فاذا كان اللاعب الافريقي المحترف متواجداً بقوة في فرنسا وبريطانيا واسبانياوالمانيا وبلجيكا، فانه متواجد ايضا في دول الخليج العربي والصين واندونيسيا والهند واسرائيل وامريكا اللاتينية وماليزيا وفيتنام وكامبوديا وغيرها. ويكشف البروفسير الايطالي رفائيل بولي استاذ الجغرافيا في دارسة مستفيضة عن اماكن جذب المواهب الافريقية عن ان كل عام يشهد انتقال اكثر من 3500 لاعب افريقي للاحتراف الخارجي في صفقات تقدر بالمليارات. فخلال السنوات العشر الماضية ارتفع عدد المحترفين الاجانب في البطولات الاوروبية الخمس الكبري (انجلترا، اسبانيا، ايطاليا، المانيا، فرنسا) من 463 لاعبا الي 998 لاعبا معظمهم من الافارقة. وتكشف الدراسة عن ان اندية هذه الدول الاوروبية الخمس انفقت ما يزيد عن 2 مليار يورو في العام 2007 لشراء لاعبين محترفين اجانب كان نصيب افريقيا منها 300 مليون يورو (5،2 مليارات جنيه) ذهبت لاندية ولاعبين ووكلاء لاعبين وسماسرة ورؤساء اندية. ويمثل اللاعبون الافارقة نسبة 18 في المائة من اجمالي عدد اللاعبين في بطولة يلعب بها المحترفون في الدول الاوروبية 73 ونقلت مجلة جون افريك الفرنسية عن نفس الدراسة ان اللاعب الافريقي يتواجد ايضا بقوة في البطولات الاوروبية للهواة فعددهم زاد عن 2000 لاعب في العام 2007 غير ان بعض اللاعبين الافارقة الهواة يمكن الا يزيد راتب الواحد منهم عن 400 يورو شهريا وهو مبلغ زهيد اذا ما قورن بما يحصل عليه لاعب افريقي محترف من العيار الثقيل مثل الايفواري ديدييه دروجبا الذي يصل راتبه الشهري الي 600 الف يورو وتأتي فرنسا علي رأس الدول الاوروبية التي تحتضن المواهب الافريقية.