أحدثت بطولة أمم إفريقيا غانا 2008 تغييرا لافتا فى خارطة الكرة العالمية وارتفع تأثير المونديال الإفريقى لأعلى درجاته فى البطولة الإفريقية التى تحمل رقم 26 والتى أقيمت فى غانا فى الفترة ما بين 20 يناير 2008 وحتى 10 فبراير 2008. شارك فى البطولة 368 لاعبا مثلوا 16 منتخبا من بين هؤلاء 175 لاعبا إفريقيا يلعبون فى الأندية الأوروبية ومن بين هؤلاء 40 لاعبا فى إنجلترا وهى الدولة التى أرسلت معظم أنديتها كشافين للبحث واستقطاب المزيد من المواهب الكروية الإفريقية وذكرت تقارير أوروبية أن سعر اللاعبين الأفارقة الذين يلعبون فى الدوريات الأوروبية المختلفة وعددهم 175 لاعبا تجاوز المليار يورو فيما بلغت قيمة لاعبى منتخب كوت ديفوار الملقب بالأفيال 180 مليون يورو علما بأن هذا المنتخب يتألف قوامه بالكامل من لاعبين محترفين فى أوروبا. وارتفع مستوى المونديال الإفريقى السادس والعشرين بشكل لافت على الصعيد الفنى والسبب هو الاحتراف فى أوروبا الذى صقل موهبة اللاعب الإفريقى فعاد لمنتخب بلاده بمزيد من السرعة والقوة التى أضفت عبقا جديدا للكرة الإفريقية إلى جانب الحماس والتصميم الذى يتميز به اللاعب الإفريقى بصفة عامة وتتهافت الأندية الأوروبية على اللاعب الإفريقى لأسباب أخرى تكمن فى إمكانية إحضار هؤلاء اللاعبين بأسعار منخفضة للغاية وبات هؤلاء الأفارقة بحكم تجارب سابقيهم يعلمون أن بمقدورهم رفع أسعارهم لأرقام قياسية بعد اللعب فى أوروبا وخير مثال على ذلك اللاعب الإيفوارى دروجبا الذى انتقل لتشيلسى الإنجليزى مقابل 24 مليون حتيه استرلينى بعد أن قضى موسمين يلعب فى الدورى الفرنسي، ويلعب اللاعبون الأفارقة فى أوروبا فى 18 دولة فى دوريات مختلفة ما بين الليجا الإسبانى وحتى الدورى القبرصى ويوجد وفرة فى هؤلاء اللاعبين حيث يشاركون فى دورى أبطال أوروبا وكأس الاتحاد الأوروبى وهو ما أسهم فى رفع مستوى اللعبة فى القارة السمراء بعد أن اكتسب هؤلاء اللاعبون خبرات جيدة فى أوروبا. وعلى صعيد الأرقام تبقى فرنسا فى طليعة الدول التى تحتضن العدد الأكبر من اللاعبين الأفارقة الذين شاركوا فى أمم إفريقيا وهم 50 لاعبا ومعظم هؤلاء اللاعبين مهاجرون إلى فرنسا وتتدرجوا فى اللعب حتى وصلوا للأندية الكبيرة وتأتى إنجلترا فى المركز الثانى بوجود حوالى 40 لاعبا وأنفق نادى تشيلسى وحده لاعبين ما يزيد على 60 مليون جنيه استرلينى لشراء أربعة لاعبين أفارقة فى الموسمين الماضيين. ويرى المراقبون أن الاستثمارات المالية الكبيرة وارتفاع أسعار اللاعبين فى أوروبا أسهم فى تطوير جودة كرة القدم فى أمم إفريقيا 2008 فى غانا حيث تغير وجه الكرة الإفريقية وأصبحت تتميز بالسرعة والقوة فى نفس الوقت وتجلى ذلك بإحراز عدد من الأهداف الرائعة التى جاءت نتيجة للعب جماعى وجمل تكتيكية رائعة وبعضها جاء بسبب مهارات فنية رائعة فيما جاءت أهداف أخرى من تسديدات قوية بعيدة المدي. وحظى المونديال الإفريقى بثناء الكثيرين الذين وصفوا أمم غانا 2008 بأنها الأفضل من الناحية الفنية على الإطلاق وأن السبب الرئيسى فى ذلك الأمر هو الكم الكبيرمن اللاعبين الأفارقة الذين يلعبون فى أوروبا فاللاعبون المؤثرون فى أنديتهم الأوروبية جلبوا معهم هذا التأثير إلى منتخبات بلادهم. فأصبح دروجبا لاعب تشيلسى قائدا لمنتخب كوت ديفوار وصامويل ايتو لاعب برشلونة قائدا لمنتخب الكاميرون وفريدريك كانوتيه لاعب اشبيلية الاسبانى قائدا لمنتخب مالى الى جانب لاعبين مؤثرين اخرين من امثال الغانى مايكل ايسيان فى حين كان منتخب السودان هو المنتخب الوحيد الذى لا يضم اى لاعبين محترفين فى اوروبا ولا حتى خارج السودان. وربما تكون هذه مصادفة غريبة والدليل ان المنتخب السودانى كان واحدا من اضعف منتخبات البطولة، وفى الختام، كانت بطولة امم افريقيا خير دعاية للكرة الافريقية خاصة ان البطولة بثت مبارياتها فى شتى انحاء العالم. وتلاحظ بما لا يدعو للشك قلة عدد المخالفات والشد والعرقلة فى هذه البطولة وهو مؤشر اخر لتطور كرة القدم فى افريقيا. الكرة الافريقية فى نهاية المطاف اصبح لها تأثيرها على الكرة العالمية وهذا ما وضح جليا فى امم غانا 2008، والحقيقة الاخرى ان الكرة الاوروبية استفادت ايضا من جودة ومستوى كرة القدم الافريقية ومن اللاعبين الافارقة واصبحت الاستفادات متبادلة.