محمود عبدالمغنى يحلم بأن يكون بطلاً مطلقاً، وهذا حقه بكل تأكيد ، بشرط أن يحسن الاختيار، ويدرك ان الاختبار صعب، والتجربة شائكة و حساسة، وعليه أن يختار الخطوة المقبلة ويتحسس خطواته بحيث تصبح التجربة إضافة حقيقية لرصيده، وليس عودة للوراء تخصم الكثير من هذا الرصيد الثمين، الذى أنجزه عبر أفلامه تعكس رؤية، وخطة ولم تعتمد يوماً على العشوائية ابتداء من عبود على الحدود "وانتهاء ب"الجزيرة" لست أقل من عادل إمام الذي أصبح بطلاً مطلقاً بعد 14 عاماً من الاجتهاد والمثابرة حدثنا عن بداياتك؟ كعادة محبي الفن، والعاشقين للتمثيل منذ كنت في المدرسة الثانوية، عندما انضممت لفرقة المسرح بالمدرسة، وبعدها التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية، علي الرغم من تحذير البعض بحجة أن الاختبارات صعبة، وتحتاج إلي "واسطة" لكنني اعتمدت علي الله ثم موهبتي، ومن بين 15 ألف متقدم كمنت من بين ال 12 الذين نجحوا في اختبارات المعهد، وطوال فترت الدراسة بالمعهد عرفت في اكاديمية الفنون بنشاطاتي وساد انطباع طيب تجاهي بين المخرجين المتابعين لكنني رفضت منطق زملائي في الموافقة علي تصوير حلقة أو اثنتين علي سبيل التعارف، وكنت أشعر أن مو هبتي أكبر من هذا ، واخترت ان تكون البداية بالمسرح لأنه يعلم الالتزام ويصقل الموهبة. هل تري النقلة كبيرة بين "عبود" و"الجزيرة"؟ أكيد فعلي الرغم من أن المخرج واحد في الفيلمين وهو شريف عرفه إلا أن الولد الصغير كبر واكتسب خبرة بفعل الممارسة، لكن أسلوبي وطباعي لم يحدث فيهما أي تغيير، فمازلت أحرص علي مذاكرة أدواري وأشعر بحالة من الرضا لدي الجمهور والنقاد تجاه أدواري وأعمالي، وكثيراً ماقالوا إنني أمثلهم بصدق وهذا ما يسعدني. نتحدث عن "دم الغزال"؟ طبعاً، فأنا لم اتلق في عمري مثل هذه الكلمات والمقالات التي استحسنت ادائي، ليس فقط من النقاد بل من السياسيين أيضاً. لكنك لم تصل بعد لمرحلة البطولة المطلقة أو أنك "تشيل فيلم" كما حدث مع كريم عبدالعزيز وأحمد حلمي وعلاء ولي الدين الذين شاركوك تجربة "عبود"؟ بعد "دم الغزال" عرضت علي هذه البطولات المطلقة لكنني رفضت أن أكون بطلاً علي الورق أو بالاسم فقط، ولا أظن أن احداً يحبني ويوافق علي أن أقوم ببطولة فيلم لا يشاهده أحد أو يتسم موضوعه بالعنف أو السطحية، لقد تعبت كثيراً ليعرفني الناس ولن أكون أبداً "نبت شيطاني" (!) وهذا ما سعيت لتداركه في الفترة الماضية التي حصلت فيها علي جوائز ثمينة وبدأ الجمهور يعرفني جيداً. لهذا اعلنت أن الوقت أزف لتخوض تجربة بطولة فيلم من انتاج وائل عبدالله؟ هذا ما فعلته ، وأمامي المثال النجم الكبير عادل إمام الذي أصبح بطلاً بعد 14 عاماً من الجهد والمثابرة، أما الفيلم الجديد فعنوانه "ساعة الصفر" من تأليف وانتاج وائل عبدالله وتدور احداثه في إطار من "الاكشن" والحس الاجتماعي الذي لا تغيب عنه مشاكلنا اليومية "ولا استطيع أن اتحدث في التفاصيل. في المقابل لم ير البعض في النقلة من "دم الغزال" إلي "الجزيرة" الخطوة التي تعكس موهبتك؟ لقد كنت أبحث عن التغيير، ولم يكن في طريقي سوي أفلام المطاردات وانقلاب السيارات أو الكوميديا، وهي أفلام لا ترضيني ولا تثير متعتي كممثل، وعندما جاءني عرض "الجزيرة" و"الشبح" في واحد احسست بالاختلاف الشاسع، فأنا في "الجزيرة" شخصية مستقرة، واخترت الدورين علي الرغم من حبي لشخصية "طه" في "الجزيرة" لانها تذكرني بدون كيشوت الذي يحارب طواحين الهواء، ويكفيه شرف المحاولة. هل شاركت من شاهد "دم الغزال" الرأي بأن روح عاطف الطيب كانت تحلق عليه؟ أوافق تماماً، وأرجع هذا إلي محمد ياسين مخرج "دم الغزال" والتلميذ النجيب لعاطف الطيب، والحقيقة التي تمنيت لو عملت مع عاطف الطيب وجاء محمد ياسين ليعوضني جزئياً عن هذه الأمنية التي لم تتحقق بعد رحيل "الطيب". لكن ملامحك البريئة والطفولية لا يمكن أن تقودك إلي أدوار الشر؟ الشر في "دم الغزال" كان ناتجاً عن ظروف اقتصادية صعبة يعيشها البطل، وحتي الآن لم يأتني الدور المغلف تماماً بالشر، وإذا جاءني لن أتردد في تجسيده لأنني أهوي التحدي. هل تتخذ قراراتك وفق خطة أم تتركها للظروف؟ بل أخطط لخطواتي المستقبلية، وهناك خط بياني أرسمه بيني وبين الناس، وأري انه والحمد لله في ارتفاع واضح، خصوصاً انني لا احب التسرع في قراراتي. وهذا الهدوء الذي يكتسي به اداؤك تكنيك أم أسلوب ارتاح له المخرجون وسجنوك فيه؟ الهدوء ليس سمه لكل أدواري، فقد اخذته في "الجزيرة" لكنه لم يطاردني في "الشبح" الذي اتسم بطابع آخر مختلف، وكذلك الحال في "دم الغزال" الذي تأرجح بين الهدوء المكتوم والانفعال الصارخ.. وأحب أن أطلق علي هذا بساطة وليس هدوءاً. سجنوك أم هربت من الحصار؟ لا يوجد مخلوق في العالم يمكن أن يسجني أو يحصرني في نطاق محدد لا أريده والدليل علي هذا ان كل أدواري فيها تنوع ولا تشبه بعضها أو تكرره، فأنا صادق في أدائي، وهو أسلوب يقربني من الشخصية ويجعلني اتفاعل معها. لو قيل عند تقديمك الممثل الصاعد محمود عبدالمغني تنزعج وتغضب؟ لا اهتم كثيراً بترتيب الاسماء أو طريقة تقديمي، وأفضل التركيز مع الجمهور بشكل أكبر وفي"دم الغزال" كان ترتيبي ال 62 في وجود كوكبة من الممثلين الكبار مثل نور الشريف ويسراً وأعاد الجمهور ترتيبي، وشهادته تكفيني. هل تتعمد أن تتبني أدوارك واعمالك، مقولة سياسية ابتداء من "عبود علي الحدود" مروراً ب" دم الغزال" وانتهاء ب "الجزيرة"؟ لا أتبني شيئاً، ولا اتعمد هذا علي الاطلاق، لكنني اختار الدور الجيد الذي يمثل إضافة لي وللناس دونما ادعاء انني اتحدث في السياسة. ودور الطبال "الذي نصب نفسه رئيساً لجمهورية امبابة في"دم الغزال" ألم يكن سياسة؟ لم يكن هناك تعمد من جانبي ان اختار الدور من هذا المنطلق، بل يسئل في هذا الكاتب الكبير وحيد حامد، لكن الورق كان جيداً ولم يكن لأحد عاقل أن يرفضة أو يتردد في قبل الموافقة عليه، لذا كان الحماس كبيراً من الجميع واجتهدت وحالفني التوفيق.