ماذا قدم زويل لمصر؟ عبارة أطلقها مستشار وزير التعليم العالي السابق منذ أشهر حيث كنت معه ضيفين في برنامج "من زوايا مختلفة" في قناة النيل للأخبار وقد طلب مقدم البرنامج اللامع تامر حنفي من شخصي أن أعقب علي الدكتور المستشار فاعترضت جملة وتفصيلا لأن الرجل قدم مشروعا منذ سنوات وليس ذنبه أننا لم نكترث بالوقت وهو يتعامل بالفيمتو ثانية. وكانت مداخلتي يوم "16/4/2007" مع د. مجدي يعقوب في برنامج العاشرة مساء علي الهواء مباشرة وكتبت عن العالمين الكبيرين في "نهضة مصر" في حينها تذكرت الرجلين لأنهما أصبحا هذا الأسبوع عضوين بالمجلس الأعلي للبحث العلمي وفي نفس الأسبوع قرأت رسالتين لأستاذتين جامعيتين تثيران الأسي والألم والمرارة، الأولي لأستاذة جامعية في جامعة عريقة أرسلتها للأستاذ لبيب السباعي "31/12" تحت عنوان "شاهد من أهلها" تتحدث عن الطوفان الذي أغرق بسيوله العاتية جهابذة العلم الذين رضخوا لقوانين جامعية أطاحت بهم خارج كلياتهم ليستقروا في ظلمات جهل قيادات جديدة، وتحت وطأة عصا السلطة المفترية. ورسالة أخري بجريدة الأخبار "4/1/2008" لأستاذة جامعية أيضا تحت عنوان "ذبح الأشجار الجامعية" حيث ذهبت إلي لجنة الترقيات فقيل لها ألقي هذا البحث في سلة المهملات!! الرسالتان بهما أمور خطيرة ومتكررة ومؤسفة ولا يتحرك أحد، الدكتورة الأولي قررت أن تحمل حقائبها وترحل عن وطنها وكأنها قرأت قصيدة العزيز فاروق جويدة "هذي بلاد لم تعد كبلادي" وكأنها تكرر ما حدث لزويل ويعقوب وأمثالهما كثير أما الدكتورة الثانية والحديث عن البحوث التي ينبغي إلقاؤها في صفائح القمامة فهي أقوال تتكرر كثيرا سواء لأصحاب الرسائل الجامعية أو الذين يسعون للترقية ثم نفاجأ بأن صاحب الرسالة يحصل بعد ذلك علي الدرجة للدكتوراة مثلا بامتياز أو يرقي الأستاذ بعد هذه الأقوال والأمثلة كثيرة وعديدة لا يتسع المجال لذكرها فها هو أستاذ كبير جدا ومدير مركز بحثي سابق حينما تقدم بأبحاثه لم يفهم الفاحصون لأبحاثه إحصائياته وأبحاثه وتأخرت ترقيته عاما كاملا وبعد سنوات حينما أرادوا تعيينه رئيسا للجنة الترقيات رفض الرجل حسب روايته.. وحدثني الأستاذ الدكتور صلاح بكر عن أستاذ رقي منذ شهور قليلة عاد باكيا من القاهرة إلي كليته في إحدي المحافظات لأن فاحص بحثه أهانه بشدة ثم رقي بعد ذلك، وهناك زميل عزيز زاملته سنوات في المملكة العربية السعودية وله أبحاث أكثر من ممتازة شهد له بها الجميع في تخصصه عرضت أبحاثه علي أستاذ غير متخصص فأخر ترقيته لأنهما كانا قد تنافسا علي وظيفة في الخليج وفاز بها صديقي .د. "ض.م" فأخروا ترقيته عقابا له. وآثر ألا يتحدث كما نصحوه حتي يرقي، وقد ترقي بحمد الله لأنه أفضل منهم جميعا بشهادة الجميع وليس بشهادتي وهناك زميل أستاذ مساعد تقدم باستراتيجية جديدة فقيل له إنها قديمة لأنهم لم يفهموها أو أرادوا تعطيله أو نكاية فيه، يا سادة الحكايات كثيرة قدمتها د. كريمة عبدالرازق ومحمود عارف ويعرفها الجميع لكنهم يصمتون لأنهم كما يقول د. أحمد عكاشة لا ينال أحد منصبا ابتداء بين الوزير حتي الخفير إلا بالعلاقات الشخصية وليس بالكفاءة، وإلا فأين النشائي وفاروق الباز وزويل؟ الشيء المؤسف في الرسائل التي تحدثت عنها وكتبت في الأهرام والأخبار لم تذيل بأسماء أصحابها هل تعرفون لماذا؟ لأن أصحابها يخشون أن ينكل بهم ويحالوا إلي مجالس التأديب ويتعرضوا إلي الإهانات الأدبية والمعنوية والمادية فمازال أمامنا المثال الذي قدمه مجدي مهنا لأستاذ اللغة الألمانية الذي ظلوا يحيلونه من مجلس تأديب إلي آخر لأنه تجرأ واعترض لأنه كما قال لبيب السباعي إن الكلمات صوبت بدقة إلي كل من سولت نفسه الاعتراض، وتبقي تساؤلات إذا كانت الدكتورة التي قررت الهرب بجلدها قبل علمها مثلما فعل زويل ويعقوب وأمثالهما هل مطلوب منا أن نهرب مثلها ولمن نترك وطننا أم هل نعيش جبناء ونربي تلاميذنا وأبناءنا علي هذا الجبن؟ هل الأمل كما يقال في الهيئة القومية للجودة التي اعتمدت علي محاور ثلاثة كما قال رئيسها د. مجدي قاسم بأنها إنما أن تصلح المؤسسة أو تبعد القيادة غير القادرة علي تعديل المسار أو لا يعطون للمؤسسة طلابا. لقد كتبنا في المقال السابق عن البعد الاكتواري وهو حسن التوقع والتنبؤ بما ستفسر عنه التوترات والأحداث المتلاحقة، ألم نقرأ عن عمال النظافة الذين اعترضوا علي رئيس الجامعة، فكيف لم يتوقع رئيس الجامعة أو وزيره ذلك هل تصوروا أن يهان هؤلاء العمال ويتحملوها من أجل لقمة العيش. هل سننتظر الجودة والاعتماد أم سيتدخل الرئيس مبارك من أجل أساتذة الجامعات الذين قرر بعضهم أن يهرب والآخر أن يصمت والثالث أن يكتئب والرابع يعتصم.. أليس في هذه القيادة الجامعية رشداء ويبقي سؤالي الأخير إذا كان أستاذ الجامعة لن يكتب اسمه؟ أسفل شكواه فمن الذي سيكتب اسمه لقد سمعنا عن المدارس الديمقراطية فهل فاقد الشيء يعطيه إذا لم يملك أستاذ الجامعة الحرية الأكاديمية فأي شيء سيعلم تلاميذه وأبناءه وهل أصبحنا غرباء؟ فطوبي للغرباء.