يقاس رقي الشعوب بمدي اهتمامها برعاياها في مناح شتي من التعليم والصحة، إلا أن الحالة الاقتصادية تحول أحيانا دون تحقيق الهدف الذي يفي باحتياجات المواطنين. وعلي سبيل المثال هناك أرق شديد تعاني منه الأسر المصرية التي لديها أطفال يحتاجون إلي الألبان المدعمة من قبل الحكومة واختفائها من الأسواق. فمصر في حاجة إلي ما يقرب من 900 مليون جنيه لتفي بالدعم الكلي لكل أطفال مصر لكن ما استطاعت الدولة أن توفره هو مائة مليون جنيه فقط دعما لهذا الصنف المستهلك وهذا ما يفي بحاجة 10% من أطفال مصر، تقول الصيدليات إن الكميات التي تصلهم لا تغطي بحال طلبات الجمهور مما أدي إلي حرمان النسبة الأعلي "90%" من هذا اللبن المدعم والذي يتكون من أربعة أنواع تقريبا. كما أن هناك اتهاما خطيرا يحتاج إلي دراسة ومتابعة وهو أن هناك مصانع الحلويات وبعض محلات الألبان والآيس التي يشتري بعضها هذا اللبن رغم أن هذه الفئات من التجار بوضعهم الاجتماعي الجيد ليسوا في حاجة لخطف هذا الدعم من أفواه فلذات أكبادنا. وإن كان هذا يحدث بالفعل فإن بعض الصيادلة يشاركون في ارتكاب هذا الخطأ الجسيم والذي حرم البسطاء والفقراء حقوقهم. إن المشكلة في حاجة إلي دراسة متأنية يشترك فيها بالدرجة الأولي السادة رجال الأعمال الذين لديهم المشاعر الحانية للتبرع للطفل المصري الذي هو دعامة الغد لبلادنا، ولماذا لا يكون هناك تحرك في هذا الشأن من وزارة الصحة تصاحبه حملة إعلانية لإنشاء "بنك غذاء الطفل" وما أروع أن تشارك في الدعاية للفكرة أجهزة الإعلام المصرية مع تنشيط مراكز الأمومة والطفولة وتفعيلها للحماس لتلك الفكرة، ليكن بنكا يدير بعض المشروعات التي من أرباح أصولها نغطي احتياجات أطفالنا من الألبان! علي أن تكون منافذ صرف هذه الألبان تابعة لإدارة تابعة لوزارة الصحة أو هذا البنك يتم الصرف بموجب بطاقة صحية للأم مسجلا فيها تاريخ الميلاد من الجهة التابع لها ميلاد الطفل وتحدد فيها مدة الصرف وفق سن الطفل حتي لا يتسرب اللبن بعيدا عن الطفل أو يستغل صرفه بطريقة غير قانونية، وأن تكون الكميات المنصرفة مقننة حسب المواليد وتاريخ ميلادهم. يجب أن ندرك أن عدم توافر اللبن للأطفال في الشهور الأولي يصيبهم بأمراض عديدة تحتاج لمبالغ أكبر من تلك التي تصرف في شراء الألبان فالوقاية خير من العلاج، وهناك مقولة قديمة تقول: "إن العقل السليم في الجسم السليم"، ان الدولة لن تستطيع وحدها حل المشكلات وهنا ونحن مازلنا نذكر الأخوة رجال الأعمال أن مصر التي أعطتهم الكثير وكانت سببا لنجاحاتهم لا تطلب منهم المساعدة لكن بقلوبهم الحانية يدركون كيف يكون رد الجميل ويعرفون أيضا أن الرحمة هي من أعظم طباع خالقنا العظيم فهل ستحل هذه الرحمة علي هذا القطاع من مخلوقات غاية في البراءة لا تعرف النطق بعد لكن قسمات وجوههم البريئة تقول للجميع.. لا تنسونا! آخر العمود: "إن الله يرزق الدودة في الحجر"