أعلنت إدارة الرئيس بوش أنها لن تعيد تعيين الجنرال "بيتر بيس" لولاية ثانية كقائد لهيئة الأركان المشتركة، وهو ما يجعل منه أكبر مسئول يقع ضحية للسجال السياسي الدائر حول العراق. فقد أوضح وزير الدفاع "روبرت جيتس" أن القرار اتُّخذ من أجل تلافي جلسات استماع صعبة في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه "الديمقراطيون"، والذي يراقب تصرفات البيت الأبيض علي خلفية الحرب في العراق وأفغانستان. وفي هذا الإطار، قال "جيتس":(لقد قررت أن بلدنا وجنودنا والجنرال "باس" نفسه لن يستفيدوا، في هذه المرحلة من تاريخنا، من انقسام بشأن اختيار القائد المقبل لهيئة الأركان المشتركة). وكان وزير الدفاع وحيداً حين إعلانه عن هذا القرار في البنتاجون، حيث وصف بنبرة حزينة كيف أنه كان يعتزم ترشيح الجنرال "باس" لولاية ثانية (من سنتين) علي رأس هيئة الأركان المشتركة، قبل أن يغير رأيه خلال الأسابيع القليلة الماضية بعد التشاور مع كبار أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين. وأعلن "جيتس" أنه سيوصي بأن يعينَ الرئيسُ بوش الأميرال "مايكل مولن"، قائد العمليات البحرية، ليكون القائد المقبل لهيئة الأركان المشتركة، والذي أشاد بمناقبه ووصفه بأنه رجل صاحب "رؤية، وبعد نظر استراتيجي، وتجربة، وإخلاص". يذكر أن الجنرال "بيس" تقلد خلال فترة ستة أعوام أعلي المناصب في الجيش؛ حيث شغل منصب نائب قائد هيئة الأركان لأربع سنوات، قبل أن يصبح أول عسكري من "المارينز" يتولي رئاسة هيئة الأركان المشتركة. وكان الجنرال "باس"، البالغ 61 عاما، قد أعرب عن رغبته في أن تتم إعادة تعيينه، وقال مقربون منه إنه أصيب بإحباط كبير بعد الإعلان. وعندما تنتهي ولايته نهاية سبتمبر المقبل، سيصبح القائد الذي يمضي أقل فترة علي رأس هيئة الأركان منذ الجنرال "ماكسويل تايلور" خلال الأيام الأولي من حرب فيتنام عام 1964. بموجب القانون، يعد قائد هيئة الأركان المشتركة أعلي قائد في القوات المسلحة وكبير المستشارين العسكريين بالنسبة للرئيس ووزير الدفاع ومجلس الأمن القومي. وبهذه الصفة، فهو لا يتولي إدارة القوات الأمريكية في الحرب، وإنما يلعب دوراً مركزياً في وضع الاستراتيجيات والسياسات والتواصل بين الزعامة السياسية والقادة العسكريين في الميدان. والحال أن سمعة الجنرال "بيس" أصبحت مرتبطة في الأذهان بالغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق والحصيلة الثقيلة التي كبّدتها أعمالُ محاربة التمرد للقوات الأمريكية. وعلاوة علي ذلك، لا يخفي بعض كبار الضباط استياءهم من الجنرال "بيس" الذين يرون أنه شديد الولاء للزعامة السياسية، ولاسيما وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد، ولا يولي انتباها كافياً لآثار تمديد الحرب علي الجيش والمارينز والحرس الوطني وعناصر الاحتياط. ولئن كان من المعروف عن الرئيس بوش إخلاصه لأعضاء مجلسه الأعلي، ومنهم الجنرالات الذين أدوا الخدمة في العراق وأفغانستان؛ فإنه كان سيواجه في وقت سابق من هذا العام خطر معركة تثبيت الجنرال "جورج كيسي"، القائد الأمريكي الأعلي في العراق، ليصبح قائد أركان الجيش. أما في حالة الجنرال "باس"، فقد وافق بوش "بعد تردد" علي عدم إعادة تعيين "بيس"، رغم أن الرئيس يكنُّ "تقديراً كبيراً للجنرال بيس"، علي حد تعبير "دانا بيرينو"، نائبة المتحدث باسم البيت الأبيض؛ حيث قال بوش في بيان مكتوب: "لقد كنت أعتمد علي آرائه العسكرية السديدة، وأقدِّر صراحته وإخلاصه وصداقته". خلال الإعلان، أكد "جيتس" علي ضرورة ألا يُنظر إلي القرار باعتباره انتقاداً لأداء الجنرال "بيس"، الذي وصفه بأنه "مميز جداً"، مضيفاً أنه لا ينبغي النظر إليه أيضاً باعتباره اعترافاً بأن التراجع في دعم الكونجرس للحرب، بدأ يمتد ليشمل "الجمهوريين" أنفسهم. بالمقابل، أوضح وزير الدفاع أنه خلص بعد المباحثات التي أجراها مع مشرعين كبار من الحزبين إلي أن "التركيز في عملية تثبيت باس في المنصب كان سينصب علي الماضي، بدلاً من المستقبل"، وأن "ثمة احتمالات حقيقية كي تكون العملية مثار خلاف".