الحديث عن الصحافة في مصر حديث خاص عن ضمير الوطن عيونه الساهرة علي حقوق الشعب الذي حمل الصحافة والصحفيين مسئولية التحدث بلسانه والتفكير بعقله والتمني بقلبه وهو حديث تختلط فيه الشجون بالأمل،. فأوضاع الصحافة في مصر تسر العدو، أما الحبيب فيحزن لما آلت إليه الصحافة المصرية من تدهور في القيم وأخلاق المهنة وذيوع الفساد والتربح منها وتحولها في كثير من الأحوال إلي سبوبة للارتزاق ووظيفة والسلام، والانتشار الفاحش لصحافة البورنو والهابطة أو ما تسمي بالصحافة الصفراء التي تهدف إلي مخاطبة وإثارة المراهقين وكل ذلك في غيبة القانون ونقابة الصحفيين الحاضرين الغائبين في هذا الخضم المثير، فتنقسم الصحف في مصر إلي ثلاثة أقسام رئيسية: 1- الصحف القومية (مجازاً تسمي قومية) والتي يفترض أنها ذات مفهوم قومي تعبر عن الاتجاهات القومية في مصر وهذا مالا يحدث بالقطع بل نستطيع أن نقول انها صحف حكومية ناطقة بلسان حال الحكومة وليس الشعب وهذه الصحف الحكومية وهي مملوكة للمجلس الأعلي للصحافة الذي يرأسه رئيس مجلس الشوري طبقاً لأحكام القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة، هذه الصحف تعاني من تخمة مهنية ووظيفية وترهل للأفكار وقدرات العاملين بها إلا فيما ندر ومثقلة بالديون والأعباء. 2- الصحف الحزبية وهي الصحف المملوكة للأحزاب السياسية وهي معبرة تماماً عن حالة ضعف وهشاشة الأحزاب في مصر. 3- الصحف المستقلة (بوتيكات الصحافة) وهي اسم علي غير مسمي وهي أشبه بعزب خاصة لسان حال أفراد قلائل يملكون المال ولا يملكون الحرفة المهنية وبالرغم من كونها تأخذ شكل الشركات المدنية (شركة مساهمة مصرية) إلا أنها تدار بما يشبه المؤسسات الفردية، فالآمر الناهي المحدد لسياسة الصحيفة ورزق الصحفيين فيها هو شخص واحد (فرعون الصحيفة) المسمي برئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير. ولكن من وجهة نظري والتي قد يختلف معي البعض فيها أن الصحافة المتخصصة مثل الصحف والمجلات المعنية بأمور الاقتصاد والقانون والسياسة والسيارات والصحة والطب.. إلخ تمثل بريق أمل في بث الروح في الصحافة المصرية فكثير منها يعتمد علي حرفية الأداء والمخاطبة السهلة الواضحة لعقلية القارئ غير المتخصص وهي إطلالة جيدة علي عالم قد يكون جديداً ومثيراً للقارئ ومتحررة من القيود الشكلية والروتينية والأسلوب العقيم في التحرير والنشر الذي امتازت به الصحف التقليدية. فمجتمعنا النامي أحوج ما يكون لتلك الصحافة المتخصصة التي تعد بمثابة وجبة شهية دسمة ولكنها سهلة الهضم للقارئ العزيز. نحن لا ننكر وجود بعض السلبيات والانتقادات التي توجه لتلك الصحف ولكن الأخطاء المألوفة في أي صرح ناشئ أمر وارد، ولكن صدورها بهذا الشكل المشرف والاستمرارية وتحقيقها لنسب توزيع جيدة نجاح يشكر للقائمين عليها. وتجربتي الشخصية مع الصحف المتخصصة تجعلني متفائلاً خيراً بها متوسماً النجاح لها ومبشراً بظهور نجم الصحافة المتخصصة وأفول نجم صحافة البورنو والإثارة. لكن الأهم أن يترك أصحاب الأهواء والحاقدون والحاسدون لأي نجاح تلك الصحف تعمل وتبتكر بعيداً عن التجريح والتشهير والصيد في الماء العكر.