سعر الدولار اليوم يقفز عالميًا بعد الهجوم الإيراني الجديد (قائمة أسعاره الجديدة)    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 16 يونيو بسوق العبور للجملة    بعد عمله اليومى.. محافظ قنا يتجول بدراجة فى شوارع المحافظة    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الاثنين 16-6-2025.. هبوط كبير تجاوز 900 جنيه    رئيس جهاز حماية المستهلك يلتقي وزير الطيران المدني لبحث سُبل التعاون بين الجانبين    إعلام عبري: مقتل 4 إسرائيليين جراء إصابة مباشرة بصاروخ إيراني في بيتح تكفا    وصول بعثة الأهلى لفندق الإقامة فى نيوجيرسى.. صور    ليس تريزيجيه.. ميدو يحمل هذا اللاعب مسؤولية إهدار ركلة جزاء الأهلي ضد إنتر ميامي    وزير الثقافة يشهد العرض المسرحي «كارمن» بمسرح الطليعة ويشيد بصناعه | بالصور    منتخب السعودية يستهل مشواره في الكأس الذهبية بالفوز على هاييتي بهدف    ميدو يتحدث عن أمنيته ل الأهلي في كأس العالم.. ويوجه رسالة بشأن زيزو (فيديو)    مدرب بالميراس: مباراة بورتو ستساعدنا على التحضير لمواجهة الأهلي    قوات الحرس الثورى الإيرانى تُسقط 3 طائرات إسرائيلية فى زنجان وسنندج    ترامب: بوتين مستعد للوساطة.. واتفقنا على إنهاء التصعيد في الشرق الأوسط    الضربة الاستباقية الإسرائيلية ضد إيران بين الفشل والنجاح    عادل عقل: تعادل بالميراس وبورتو يشعل مجموعة الأهلى.. وفوز كبير للبايرن بمونديال الأندية    وسائل إعلام إسرائيلية: عدة مواقع في تل أبيب تعرضت لدمار كبير    إيران تشن أوسع هجوم صاروخي على إسرائيل حتى الآن    أحمد السقا يرد على تهنئة نجله بعيد الأب.. ماذا قال؟    ارتفاع قتلى الهجوم الإيراني على إسرائيل إلى 16 قتيلا    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    مراجعة اللغة الفرنسية الصف الثالث الثانوي 2025 الجزء الثاني «PDF»    انكسار حدة الموجة شديدة الحرارة.. الأرصاد تعلن مفاجأة بشأن طقس الساعات المقبلة    فيديو.. الأمن الإيراني يطارد شاحنة تابعة للموساد    مجموعة الأهلي.. نتيجة مباراة بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    نجوى كرم تطلق ألبوم «حالة طوارئ» وسط تفاعل واسع وجمهور مترقب    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    أحمد سعد يشعل حفل الجامعة الأمريكية، ويحيي الأوائل    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأثنين 16 يونيو 2025    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    وفاة تلميذ متأثرًا بإصابته بلدغة ثعبان في قنا    صرف الخبز البلدي المدعم للمصطافين في عدد من المحافظات    حريق داخل مدينة البعوث الإسلامية بالدراسة    مصرع طفلتين في حريق بمنزل أسرتهما بالزقازيق    ضبط موظف تحرش براقصة أرجنتينية في العجوزة والأمن يفحص    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    شركة مياه الشرب بكفر الشيخ تُصلح كسرين في خط مياه الشرب    ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد.. إنريكى: نسير على الطريق الصحيح    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    لا تسمح لطرف خارجي بالتأثير عليك سلبًا.. توقعات برج الجدي اليوم 16 يونيو    حدث بالفن | وفاة نجل صلاح الشرنوبي وموقف محرج ل باسكال مشعلاني والفنانين في مباراة الأهلي    رصاص في قلب الليل.. أسرار مأمورية أمنية تحولت لمعركة في أطفيح    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    عانى من أضرار صحية وتسبب في تغيير سياسة «جينيس».. قصة مراهق ظل 11 يوما دون نوم    سبب رئيسي في آلام الظهر والرقبة.. أبرز علامات الانزلاق الغضروفي    لدغة نحلة تُنهي حياة ملياردير هندي خلال مباراة "بولو"    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    الثلاثاء.. تشييع جثمان شقيق الفنانة لطيفة    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفتنة الثقافية والفتنة الطائفية
نشر في المصريون يوم 14 - 10 - 2010

في غياب المنظومة الاجتماعية التي يفترض فيها ضبط المسار العام واحترام العقل والكيان الإنساني وحماية الفكر من توغل رأس المال وسيطرته على أقلام الكتاب وتوجيهه لهم، وفي غياب الإطار القانوني العام، أو السقف الاجتماعي الذي يحمي الكاتب من جور أصحاب النفوذ والسلطان الذين يملكون المال والقوة ولا يملكون معهما الضمير والخلق., في ظل هذا الغياب تتعرض قيم المجتمع وأصوله وثوابته وعقول الناس وثقافتهم لحالة من التميع الخطر حيث تسود السخافات ويستبد الجهل بأصحابه.
• ولأن حجم التنازلات في قيمنا الوطنية والإنسانية بدأ في التراجع منذ زمن وبشكل مخيف ، ولأن النخب أضحت مشغولة بالشأن الخاص عن الشأن العام والمصلحة الذاتية عن المصلحة الجماعية، فإن الفتنة الطائفية الأخيرة أفرزت فتنة ثقافية سقط فيها من سقط ،ونجح فيها بتفوق وامتياز كل من الدكتور محمد سليم العوا والدكتور محمد عمارة وغيرهم من الكتاب الشرفاء الذين رفضوا الصمت والسكوت على جرائم ضد الحرية وضد الدستور والقانون وضد الدولة بكل مؤسساتها .
• الفتنة الثقافية الأخيرة عكست حجم التناقض وأزمة الازدواجية التى تعيشها مؤسسات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان ومعهم جوقة الصحافة الطائفية .
• الحالة الثقافية في مصر قد أشاعت بيننا مفردات جديدة في الألفاظ والمصطلحات غطت على عقول أصحابها فعكست أصل القضية في تفكيرهم وتصوراتهم ، فبدلا من مناقشة أسباب الظواهر ودوافعها وبواعثها، دار النقاش كله حول مظاهر العلة، ولم يتعرض من سقطوا في الفتنة الثقافية للأسباب الحقيقية في الفتنة الطائفية ، ناقشوا ردود الأفعال ولم يناقشوا الأفعال ذاتها، فانقلبت الحقائق في أذهانهم وأصبح المجرم ضحية والضحية مجرما وفق رؤيتهم المقلوبة.
• رأس المال الطائفي هنا بما له من علاقة بالصحافة والكتّاب والقنوات الفضائية كان له تأثيره في حجب الحقيقة ، والتغاضى عن جناية الفاعل الأصلى ، بينما سال المداد نقدا وتجريحا لرموز وقيم وقامات فكرية وثقافية تشكل دعائم للأمن القومي المصرى على المستوى الفكري والثقافى ،وكان لأقلامها وكلماتها الأثر الأول في توضيح الحقائق ورد الاعتداء الفكرى والعقدى، ووقف التجاوزات المخلة بميزان العلاقة بين الدولة والكنيسة، الأمر الذى ساهم في تحجيم الفتنة الطائفية بعد أن أطلت برأسها في هذيان وصراخ يشبه فحيح الأفاعى في الليل البارد داخل الجحور المظلمة.
• رأس المال الطائفي حين تمدد في المساحات الثقافية وفى الساحات الصحافية والفضائيات حولها إلى ميادين للسخافات والترهات والكلام البذيئ ، وخول لمن لا يحسنون كتابة جملة مفيدة واحدة أن يتناولوا كبار المفكرين بالنقد والتجريح، وأن ينزعوا منهم مؤهلاتهم العلمية التى شهدت بها ولها أعرق الجامعات والأكاديميات العلمية وساحات القضاء في العالم كله.
• في الزمن الأغبر والمملوء بعبارات التزييف يتمطى الكوخ أمام القصر الشامخ ويقول أنا الأعلى.
• وبين الذمم الخربة والضمائر المسجونة في سجن التحريف يعلو نهيق الحمير لينتقص من أقدار الرجال العظماء .
• في قنوات رأس المال الطائفي الفضائية تمت اكتشافات عظيمة تفيدنا بأن الدكتور العوا (مش دكتور ولا حاجة ولا مفكر ولا شئ)
• القنوات إياها ومعها الصحف على استعداد أيضا أن تعلمنا وتؤكد لنا بأننا لا نعيش على الأرض وأن السماء ليست فوقنا، وأن الكرة الأرضية محمولة على قرن ثور، وأن الرجل العظيم الذى إذا تحدث استمع له أكابر العلماء وأنصتوا ) هذا الرجل ليس دكتورا ولا مفكرا ولا حاجة
• وأن الدنيا كلها والعالم بأجمعه كان مغفلا ومخدوعا حين استمع لهذا الرجل وأصغى لكلماته وأستفاد من قوله وكتاباته. حيث اكتشفت لنا تلك القنوات أن الرجل (مش دكتور ولا مفكر ولا حاجة)
• أرأيتم كيف بلغ السخف والاستخفاف بالعقول مداه ممن جاءت بهم جيوبهم المملوءة بأموال الشعب المسلم وليست كفاءاتهم فألغت عقولهم ليمسكوا بدفة الإعلام ويجرحون رموز الفكر الأصيل والثقافة الحرة الشريفة وهم يلوحون بدفاتر الشيكات.؟
• تلك هي الفتنة الثقافية التى مرت وتمر بها مصر خلال فترة الاحتقان السابقة والتي لم نزل نعيش تداعياتها .
• وفى مثل هذا الجو الملوث ثقافة وأخلاقا ،تتحول الثقافة إلى سوق وتاجر وسمسار ويصبح كل شئ قابلا للبيع والشراء والمساومة ، ومن ثم تهتز ثوابت المجتمع وتضطرب هويته الفكرية وأصوله العقدية ويتزلزل فيه كل شئ وتتحول القيم إلى بضاعات في الأسواق.
• في هذه الحالة تصبح حاجة المجتمع إلى الفكر الأصيل والمفكرين الشرفاء كحاجته إلى الماء والهواء، فهم البلسم الذى يداوى الجراح الثقافية التى تحدثها خربشات أدعياء الثقافة وصبيان رأس المال في سوق الصحافة والسخافات .
• ما يميز المجتمعات المتحضرة أن لأهل الفكر والثقافة فيه مكانة القلب والأعصاب، فبهم تصحح الأفكار وعليهم تقوم حركة الدفع الحضارى وفى ذاكرتهم يكمن تراث الأمة، وبعيونهم يرقب المجتمع خطوط مستقبله، وعلى منوال أفكارهم تنسج الخيوط الحية والمتماسكة لنسيج المجتمع. فهم عقل المجتمع وضميره الحى وعيونه المبصرة ومداد اقلامهم أعظم وأغلى من كل مخزون البترول في كل بلاد العروبة ، وكلماتهم أيضا أغلى من رصيد الذهب في كل خزائن الشرق والغرب .
• الكلمة تنطلق من أفواههم وكأنها حبات الجمان منظومة في عقدها، بريقها وبرقها يحمل نورا ونارا، نورا يهدى الحيارى ويظهر الحقائق ويجلى الغوامض ،ونارا تحرق صدأ التخلف وتقض مضاجع الظالم، وترفع عن كاهل المظلوم ظلامته ، يسمعها المرء معها أو يقرأها فتغير فكرا وتصيغ وجدانا وتكوّن رأيا وتحدد موقفا وتشكل ضغطا.
• فهم يؤمنون أن:
الموت أشرف من عيش بلا شرف ....والقبر أكرم من قصر بلا كرم
وهم يؤمنون أن القلم الحر خير له أن يقصف من أن يكتب لظالم تأييدا .
وأن يجف مداده أو يسكب المداد على الأرض خير من أن يكتب تبريرا وتزويرا
وأن يرتجف المرء بردا خير له من أن يستدفئ بظلال الأصنام.
• الدكتور العوا والدكتورعمارة كلاهما قد حدد الداء ومصدر العلة ووضع النقاط على الحروف في تلك القضية الشائكة. ومشكلة الرجلين أن اقلامهم ليست للبيع، وقد نجحا بمهارة وبامتياز في انتزاع السكين من يد الجانى البلطجى قبل أن تجرى على عنق الضحية .
• قلم الرجلين أثبت بكفاءة واقتدار أن الكلمة الشريفة لا تقتلها ألف قذيفة، ولا تخاف تحريض الإعلام الطائفي، ولا الاستقواء بالخارج ، وأنها قادرة على أن ترد عن الوطن غارات الزور والبهتان من القول ، وأن تغسل الساحة الثقافية من جناية مفردات مفخخة تحض على التعصب والكراهية من عينة " الغزو العربى ، والاحتلال الإسلامي ،والغرباء والضيوف ،وتحرير الوطن منهم " وما إلى ذلك من المفردات التى لوثت أفكار جزء من أجيال هذا الوطن حين عبثت بها عقول لها في الفتنة سوابق سلفت، وكانت تحلم يوما ما في عالم الوهم بحلم الامبراطورية ، لكن أصوات الحق وأقلامه كانت جاهزة لتلقف ما يأفكون.
• اثبت الدور العظيم الذى قام به كل من العوا وعمارة، ومعهم غيرهم أنهم حماة للوطن ولقيمه وثوابته وأصوله الفكرية والعقدية في الساحة الثقافية والفكرية ..
• وتعى الذاكرة الثقافية للمصريين الشرفاء أنه في عز عين الحرب الإسرائلية على غزة نشرمقال لكاتب عربى مهزوم من كتاب الخيانة والعار يشيد بتحضرالحرب الإسرائيلية ويصف العدوان بأنه حرب حضارية ضد الهمج والرعاع في غزة،
• شيمون بيريز هب واقفا بعدما فرغ من قراءة المقال ليقول لجلسائه ، هذا الكاتب يستحق أعلى وسام في إسرائيل.
• وإذا كان هذا تقدير شيمون بيريز لكاتب الخيانة والعار ، فإن مصر بشعبها وقيادتها أولى بالوفاء وذكر الجميل، ومن ثم فالدكتور العوا والدكتورعمارة ومعهم غيرهم يستحقون أعلى وسام في مصر، فبأقلامهم وكتاباتهم وأحاديثهم انطفأ حريق كان يمكن أن يكون أخطر على مصر وأكبر في تاثيره من حريق القاهرة الكبرى قبيل ثورة 23 يوليو .
• كلمات الرجلين ألجمت تيارا غاضبا لدينه ووطنه كان يمكن أن يشكل عاصفة تثأر لدينها ووطنها ووطنيتها فتحول مصر بقراها ومدنها إلى إعصار ونار .
• كلمات الرجلين أشعرت شباب الأمة أن فيها من يدافع عن ثوابتها، فكف يده ولسانه عن رد الإهانات التى لحقت بدينه وبلده ومؤسسات وطنه، واكتفى بمظاهرات سلمية يطالب فيها بتحرير الأسيرات دون سند من القانون في أقبية الكنائس وسجونها .
• كلمات الرجلين بعثت برسالة إلى جيل بأكمله أن مصر لا زالت عفية ، وانها آمنة في فكرها وثقافتها ، وأن ثقافة العبث التى شاعت يمكن أن تُكنس من عقول شبابنا وإن شاخت عليها عقول ، ويمكن أن يُخنَس شيطانها إذا جد الجد ، وأن سكوت الشعب وسكونه عن طيبة وتسامح لا عن ضعف ومهانة كما يتصور البعض .
• ثقافة العبث بمفرداتها المسمومة الغزو العربى ، البدو ، القادمون من الصراء ، احتلال الوطن ، أقباط في الأسر ، الاستشهاد ، الضيوف، غزاة ، اختطاف ، اغتصاب ثقافة العبث هذه جنايتها يمكن أن تشكل كارثة ، وانتزاع فتيلها يحتاج لمبضع جراح ماهر يحمى البيت المصرى الكبير من انفجار يأكل الخضر واليابس.
• وقد فعلها العوا وعمارة والأخوان سلطان ورفيق حبيب وجمال أسعد عبد الملاك وغيرهم . فهم الذين يحمون أمن مصر القومى على مستوى الثقافة والفكر من تطاول كبار كهنة الكنيسة وشغب صغار القساوسة من أتباعهم.
العيون الساهرة اليقظانة في الجهاز العصبي لأمن مصر القومي ، والتى تعرف أبعاد اللعبة في ثقافة العبث بأمن الوطن وتعرف من وراءها ومن يمولها ومن يمسك بخيوطها السوداء ويحرك رموزها ورؤوسها من خلف الكواليس، هذه العيون الساهرة كان يقابلها عقول ساهرة يقظانة ونيرة، تدرك ببصيرة إيمانها خطورة الفتنة وتقتل على الفور جراثيمها في المهد قبل أن تتكاثر لتأكل الجسد المصري بظن خائب أنه في أضعف حالاته، وأن الفرصة سانحة للضربة القاضية .
• ظن السوء بالوطن هذا مني بضربة قاصمة كشفت أبعاد اللعبة وكشفت كهنتها في الساحات الدينية والثقافية والسياسية، وكشفت حجم المؤثرات التى يستخدمها من يريد إشاعة الفوضى في وطن ظن المتربصون به أنه في غيبوبة عما يدبر له ، فإذا بهذا الوطن يصحو كالمارد وكالطود الأشم الشامخ ليتصدى للفتنة بعقول المخلصين من مفكريه ومثقفيه ، وبتحذير قيادته التى قاتلت من أجله وانتصرت في 6 اكتوبر لتنتصر له مرة أخرى ولتنصر الوطنية والمواطنة وتعلن للجميع أن القانون هو السيد وهو السائد ولا أحد فوقه أبدا مهما علا كعبه. وبذلك فقد قطعت الطريق وردت كيد الطائفية التي ما برحت تخطط وتدبر.
• كتابات المثقفين الشرفاء العوا وعمارة وطارق البشرى ورفيق حبيب وكمال زاخر ، ونادية مصطفى وسيف الدين عبد الفتاح وسمير مرقص وحسن أبو طالب وهبة رؤوف عزت وفاروق جويدة والقاعود ومحمد عوض وعبد الحليم عويس والأخوين محمود وجمال سلطان وكمال غبريال وجمال أسعد وبولس رمزى وسمير مرقص وغيرهم تشكل عقل المجتمع وضميره الحى وعيونه المبصرة، فهم نجوم في سماء المعرفة، بأفكارهم تستضيئ العقول وتهتدى القلوب، تتجمل العيون برؤيتهم ولكن لا تلامسهم يد، ولا تطالهم أو تنال منهم سفاهة الصغار ، وإن ملكوا صحفا وقنوات فضائية، وحتى لو ملكوا خزائن قارون .
• إنهم يشكلون السند الحضارى لقيم الأمة وثوابتها وأصولها الفكرية والعقدية ،وهم الذاكرة الحية الواعية والحافظة لقيم المجتمع وأخلاقه، تتفق معهم أو تختلف فهذا شأنك ، ولكنك لا تملك إلا أن تحترمهم ، وهم بالنسبة لمصر كالنيل وكقناة السويس وعلى الذين يشوهونهم أو يكرهونهم أن يجففوا مياه النيل أو أن يغلقوا قناة السويس.
• كلماتهم كانت بمثابة الأشعة التى كشفت الورم الطائفي المتضخم في جسد الوطن فأزاحت النقاب وكشفت العلة وأثبتت أن طبطبة المجاملات تحدث خدرا مسكنا لكنها لا تستأصل الداء .
• بينات الرجلين "العوا وعمارة" المدعمة بالوثائق والتواريخ أثبتت أن ذاكرة مصر لم تصب بالزهيمر كما يتصور البعض، وأنها لن تنسى أبنائها وبناتها كما يدعى البعض أنها نسيت من قبل .
• روعة الرجلين أنهما مستوعبان لحجم مصر دورا ورسالة وتريخا وحضارة ، ومن ثم فإن أحدا منهما لم ولن تطاوعه وطنيته أن يسكت حيث يجب الكلام، ولهذا كان اختيار توقيت ردود الأفعال، لا لتحدث فتنة وإنما لتكسر السكين قبل أن تجرى على عنق الضحية.
• القضية إذن لست قضية فتنة طائفية كما يروج البعض، وإنما هي قضية وطن أعطى وفِّى وزاد ثم هو يهان من بعض أبنائه.
• قضية هوية فكرية وعقدية لأغلبية مسلمة تتعرض لعدوان فج وبغير مبرر، ومن ثم كان حديث الرجلين رد فعل لاستفزازات كبار الكهنة وصبيانهم، والقيادة السياسية وبعض الجهات السيادية تعرف ذلك جيدا، ولن يغيب عن وعيها وإدراكها حاجة الوطن وحاجة أمنه القومى في تلك اللحظة إلى أن يقول الفكر كلمته ، لا سجالا وإنما بيان للحقيقة وتوضيح للبس وكشف لتدليس ورد لاعتبار وطن قدم لأبنائه الخير كله ولم يأخذ في مقابله الولاء .
• رد الاعتبار هنا كان الوطن في حاجة إليه ، لا بقرار سيادى، ولا بحماس يشتعل بين الجماهير فيخرج عن السيطرة ويدمر ويخرب ، وإنما بفكر مضيئ ومشرق ومستنير، يضع النقاط على الحروف ويرد المعتدى المتجاوز في حق الشعب والوطن دولة وسيادة ومؤسسات إلى نقطة العدل المفقودة في علاقة الكنيسة بالدولة ومؤسساتها، ليعتدل ميزان المواطنة بين أبناء مصر مسلمين ومسيحيين ، وهذا أيضا ما دعى إليه وطالب به وردده كل المفكرين الأقباط من أمثال جمال أسعد عبد الملاك ورفيق حبيب وغيرهم ممن انتصرت وطنيتهم ولم يعبأوا بوعيد الحرمان والطرد ، وأثبتوا بحق أنهم ليسوا سواء.
• الأحداث الأخيرة أثبتت أن مصر تعيش في وجدان أبنائها حية نابضة مهما اشتدت المحن وتنوعت النوائب والخطوب .
• الاحتقانات الأخيرة كما يسميها البعض أظهرت أن أقلام الأحرار من كبار المثقفين المصريين مسلمين ومسيحيين معا ليست معروضة للبيع مهما كان إغراء المال الطائفي وبريقه ، ومهما امتلأ ت الساحة الثقافية بالسوق والتاجر والسمسار ، ومهما برع المخرجون في فيلم توزيع الأدوار واختبارات القوة وردود الأفعال.
• الاحتقانات الأخيرة أثبتت أيضا أن مصر بقلبها الكبير وتسامح أبنائها ستظل وطنا للجميع مسلمين ومسيحيين ، ولن تكون دافور أخرى كما توعد البعض .
• وأن الذين نفخوا وينفخون في الكير الطائفي هم أول من تحترق بالنار أصابعهم.
• وليتذكر الجميع أن: لا أحد فوق القانون مهما جنح به الخيال ، أو سرح به الوهم بعيدا.
• المفكرون الكبار حين كتبوا وتكلموا وعلى رأسهم العوا وعمارة، كتبوا لمصر ومن أجل مصر وتعرضوا لابتزازات الإعلام الطائفى واتهموا بإثارة الفتنة في حين أنهم هم الذين نزعوا فتيلها.
• ولعيون مصر ومن أجلها تحملوا وصبروا وصمدوا لأنهم بحق أبناء مصر وليسوا ضيوفا فيها أو غرباء عنها.
• يقال والعهدة على الراوي من أهل الدراية والخبرة بشؤون تشويه السمعة :(أن عوالم شارع محمد على وعماد الدين عندما يستأجرهن أحد لتشويه سمعة خصم شريف ،فإنهن يدرسن حياة هذا الخصم ويتعرفن على خصائصه ومواهبه وملكاته ليخترن له كذبة مساوية وإشاعة مقبولة).
• ترى هل كان عوالم شارع محمد علي أذكى من قنوات وصحافة رأس المال الطائفي.....؟
رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.