حذر خبراء مصريون متخصصون في الإعلام الأكاديمي والمهني والنقابي؛ من خطورة "توغل رأس المال في الصحافة المستقلة"، واعتبروا أن "الحل يتلخص في أن يصبح أصحاب الأقلام هم أنفسهم أصحاب رأس المال، وذلك عن طريق فتح باب الاكتتاب العام لملكية المؤسسة الإعلامية أمام الصحفيين الذين يعملون فيها"، كما ذكر في التقرير الذي نشره موقع "سويس إنفو" الإخباري السويسري. بداية أكدت منال أبو الحسن، أستاذ الإعلام بجامعتي الأزهر و6 أكتوبر، في تصريحاتها ل"سويس إنفو" أن في مصر تستخدم السياسة رأس المال لتحقيق مصالحها وحسم صراعاتها مع المعارضين، وعلى الرغم من أن أصحاب رؤوس الأموال في مصر ليسوا أصحاب فكر، إلا أنه "يسهل تسييسهم"، معتبرة أن "الإعلام الخاص أو ما يُطلق عليه الإعلام المستقل قد دخل في لعبة خاسرة؛ لكن الخاسر الأكبر اليوم هو الجمهور". وأضافت: "في مصر.. رأس المال لا يسيطر على الإعلام فحسب، وإنما يفرض سيطرته على كل شي؛ الحديد، والإسمنت، والأراضي، والصحة، والتعليم، مشيرة إلى أن "الحل يتلخص في أن يكون الصحفيون الذين يعملون في أي جريدة هم أنفسهم أصحاب رأس المال؛ وذلك بفتح الباب لاكتتاب الصحفيين في رأس مال الصحيفة التي يعملون فيها". وأضاف سليمان قناوي، الكاتب الصحفي بجريدة الأخبار، أن "الأزمة التي تمر بها صحيفة الدستور هذه الأيام تثبت أن محاولة استقلال السياسة التحريرية للصحيفة الخاصة عن رأس المال المالك لها أكذوبة"، مؤكدًا "ضرورة أن يستقل المال عن السياسة التحريرية للجريدة". وكشف قناوي عن أن "هناك ردة إعلامية شديدة، وهي بمثابة التمهيد النيراني لمعركة الانتخابات التشريعية المقررة في شهر نوفمبر 2010، وهي رسائل واضحة من النظام بأن المطلوب في مصر خلال المرحلة القادمة كتم الأصوات المعارضة"، موضحًا أن "التشريع القانوني ليس هو المشكلة، فهناك كثير من القوانين لكن لا تُحْتَرَم ولا تُفَعّل"! ومن جهته، يرى الكاتب الصحفي جمال فهمي؛ مسؤول العلاقات العربية والخارجية بنقابة الصحفيين، أن "ما يحدث اليوم من اعتداء على حرية الصحافة ليس غريبًا في ظل نظام يَحْكُم بالطوارئ منذ ثلاثين عامًا مع غياب كامل للديمقراطية بكل صورها، فليس هناك تداول سلمي للسلطة، ولا حرية ممارسة للعمل السياسي، ولا حق إنشاء وتكوين أحزاب سياسية، ولا حق إصدار صحف". وأوضح فهمي أن "ما حدث في الدستور ليس جديدًا، فقبله تم إلغاء برنامج "القاهرة اليوم" الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب، وأوقف رجل الأعمال نجيب ساويرس برنامجًا للصحفي إبراهيم عيسى كانت تذيعه قناة فضائية يملكها"، معتبرًا أن الأخطر من ذلك هو "إشاعة جو من الرعب لدى جميع القنوات الفضائية عملا بالمثل المصري الشهير (اضرب المربوط يخاف السايب)!". وكشف فهمي عن أن "اللجوء إلى التشريع القانوني لوضع ضوابط للحفاظ على حرية الصحافة من توغل رأس المال أمر غير مُجدٍ، لأنهم هم الذين يَقْبِضُون بيدٍ من حديد على المؤسسات التشريعية، كما أن الطامة الكبرى أن ثلث الحكومة الحالية من رجال الأعمال"، منوهًا إلى أن "الحل الوحيد يكمُن في حدوث تغيير جذري في النظام السياسي تمهيدًا لحكم ديمقراطي حقيقي، مع إعطاء الشعب حرياته وحقوقه التي نصت عليها القوانين والدساتير والأعراف الدولية كاملة غير منقوصة".