شرفت بحضور ندوة نظمها صالون الحوار الإنساني يوم الأحد 15/10/2006 تحت عنوان "الهندسة الوراثية ما لها وماعليها" كان المتحدث فيها هو الأستاذ الدكتور فوزي الفقي أستاذ الوراثة والتقنية الحيوية وعضو المجالس القومية المتخصصة. وقد أوضح سيادته أن دوائر العلم الآن ثلاث .... الأولي هي دائرة تفتيت نواة الذرة للتعرف علي طبيعة المادة التي أفرزت هذا التنوع غير المحدود وهي الدائرة التي أفرزت علي المستوي النظري ثورة الكوانتم وعلي مستوي التطبيق ما نسميه nono technology وهي تعظيم الوظائف وتعددها في أقل حجم ممكن. والثانية دائرة تطوير علوم الكمبيوتر التي أفرزت ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعرفة. والثالثة وهي موضوع الندوة دائرة البايولوجيا الجزيئية molecular biology ومحاولة فك شفرة نواة الخلية التي أفرزت ما نسميه الآن بالبايوتكنولوجي سواء في مجال الطب والصيدلة والزراعة.... وفي هذا المجال يطيب لي أن أوضح للقاريء العزيز نشأة هذه الدائرة البداية كانت عام 1887 في غرفة متواضعة وميزانية 300 دولار في ولاية ميريلاند الأمريكية هذه الغرفة تكاثرت حتي وصلت الآن الي سبعين بناء ممتدة علي مساحة 300 فدان وميزانية ب 11 بليون دولار هذا الكيان المؤسسي هو ما نعرفه باسم المعاهد الوطنية للصحة (NIH) أكثر أقسام الكيان هو مشروع "الجينوم البشري" ب ميزانية 3 بلايين دولار يهدف الي تحديد جينات جسم الإنسان بحلول عام 2005 _ وقد انتهي المشروع التي قادته أمريكا وشاركها فيه العديد من الدول (للأسف الشديد لم تشارك مصر رغم أن المشاركة عرضت عليها وعللت عدم المشاركة في ذلك الوقت بأن المشروع رفاهية علمية مصر ليست في حاجة إليها وان أولويات البحث العلمي في مصر في حاجة الي كل دولار سوف يصرف نظير المشاركة في هذا المشروع) علي الرغم من أن مشروع الجينوم يصنف علي أنه أضخم بكثير من اكتشاف مندليف للجدول الدور للعناصر في القرن ال19 _ لكونه قد رسم خريطة ل 100 ألف جين في جسم الإنسان. ولكي تتبين عزيزي القاريء أهمية هذا المجال سوف أشير فقط الي ما تم انجازه وكذلك ما يأمل العلم في تحقيقه حتي 2020 و2050: 1 اختبار ال DNA وأهميته الكبيرة في تحديد النسب والكشف عن العديد من القضايا وتحديد التاريخ المرضي خصوصاً في حالة الأمراض 2 رسم الخريطة الجينية لجسم الإنسان. 3 التوصل الي علاج شاف لأمراض السرطان من خلال ما يسمي بالعلاج الجيني الذي بدأ الاستخدام التطبيقي له عام 1995، فكما ذكر "فرانسيس كولينز" رئيس معاهد الصحة الوطنية أنه "سيأتي الوقت الذي تستخدم فيه رصاصات لمعالجة السرطان بالطريقة ذاتها، التي نعالج بها اليوم عدداً من الأمراض المعدية عن طريق اللقاحات والمضدات الحيوية" وذلك من خلال معرفة أسباب عدم توقف الخلايا المسرطنة عن الانقسام عند ذلك يتم التعامل مع الجين المُصدر لهذه الأوامر وإيقاف نشاطه. 4 محاولة التعرف علي التركيب الجيني لفيروس الأيدز (HIV) _ لأنه يُعد المفتاح الأساسي لتصميم علاج نهائي لهذا المرض. 5 تعرف الشيخوخة بأنها تراكم تدريجي للأخطاء في شفرتنا الجزيئية مما يقلل ببطء من كفاءة وقوة الخلايا لذلك تتجه أبحاث البايولوجيا الجزيئية الي تحديد جينات "العمر" _ ووقف التقدم في السن وإطالة العمر الافتراضي بواسطة المعالجات الجينية _ وهناك بشائر علي مستوي الحيوان (الفأر). 6 توليد أعضاء جديدة... فليس من المفيد الحصول علي فترة حياة أطول إذا قيدنا بأجساد تتدهور بفعل الشيخوخة وهناك نتائج علي مستوي الجلد والعظام. 7 التهجين الجيني وانتاج كائنات معدلة عن طريق حقن جين واحد ينتج إنزيماً وحيداً من حيوان أو نبات في كائن آخر ومن أشهرها زراعة الجين البشري المسئول عن انتاج الأنسولين في خلايا بكتيريا القولون العصوية وبالتالي يمكن لهذه البكتيريا المعدلة أن تنتج كميات غير محدودة من الأنسولين. والعكس انتاج نباتات منتجة للمبيدات عن طريق نقل الجين المسئول عن انتاج البروتين الذي يتسبب في قتل العديد من الحشرات مثل دودة القطن ودودة التبغ من بكتيريا Bacillus thuringiensis الي النباتات التي تصاب بمثل هذه الحشرات وعلي نفس المنوال انتاج نباتات مقاومة للأمراض ونباتات منتجة لأدوية. 8 بالاضافة الي كل ذلك هناك أبحاث علي مستوي جينات البدانة / جينات السلوك /جينات الذاكرة / جينات القلق / جينات تطور العين وبالتالي ظاهرة العمي. ويؤكد الدكتور فوزي الفقي علي اهمية علم الرياضيات بفروعه المختلفة وخصوصاً فرعي الهندسة الفراغية والجبر بفروعه المختلفة (الخطي وغير الخطي) للدخول في مجال البايوتكنولوجي وهذا يستلزم إحداث ثورة فيما يتعلق بمناهج التعليم سواء في كليات الطب والصيدلة والزراعة حتي نستطيع انتاج خريج يمتلك قدرات العمل في هذا المجال... مجال البايوتكنولوجي. وأشار الدكتور فوزي إلي اهمية دور القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في البحث العلمي بصفة عامة وفي مجال البايوتكنولوجي بصفة خاصة وكذلك علي أهمية أن يتقبل المجتمع التطورات الجديدة التي قد تتصادم مع الموروث الثقافي وأن يتنقل المجتمع من فكرة التبرع مثلاً لاقامة مستشفي لعلاج أمراض السرطان الي التبرع لاقامة كيان بحثي يختص في طرق الاكشاف المبكر لأمراض السرطان علي أساس أن طب المستقبل سوف يعتمد علي الوقاية وليس العلاج ان هذه النقلة تتطلب أن تضطلع النخب بدورها في رفع درجة وعي الجماهير كذلك وفي نفس الاتجاه ضرورة تكريس ثقافة التعظيم من القدرات الذاتية لجني أكبر قدر ممكن من الفائدة وضرب هنا مثلا بقش الأرز الذي مازال الفلاح المصري يحرقه في حين يمكن الاستفادة منه في صناعات عديدة لو أوكل الأمر لرجال البحث العلمي في مناخ تحكمه حرية البحث والابداع. ان مجال البايوتكنولجي يمكنه ان يحل العديد من المشاكل المستوطنة في مصر