ينقسم العالم اليوم الي ثلاثة اتجاهات، فريق قرر ان يعيش في سلام مع نفسه اولا، وبالتالي مع غيره من البشر ممن يخالفونه الرأي والاتجاهات، وبالتالي القدرة علي التعايش مع الدول الاخري المختلفة عنه، وفريق آخر يعيش في اجواء ظلامية متخلفة وكانهم سكان كهوف في خصام دائم مع النفس ويخلقون دائما عدوا لابد من محاربته، فبالتاكيد هم جماعة دمويين يعيشون علي دماء الآخريين ، والفريق الثالث وهو الاهم لانه لاينتمي الي اي من الفريقين،والصراع بين الفريق الاول والثاني لجذب اكبر عدد ممكن من الفريق الثالث، وهذا جانب بما يسمي بصراع الحضارات . الفريق الاول اختار ثقافة السلام والحضارة والتقدم والقدرة علي التعايش مع المختلفين عنه عقائديا . والفريق الثاني عاجز عن التكيف والتعايش مع الغير المختلف عنه عقائديا، و ما زال يعيش في العصور الوسطي ومفاهيم مجتمع القبيلة، الذي لا يعرف للحياة طعما الا بالحروب والاغارة علي القبائل الاخري ليحصل منها قدر المستطاع علي الغنائم من اموال ونساء جواري وعبيد واخيرا الشعور بالرجولة المنقوصة والشعور بالفخر والسيادة، ومثل هذه المجتمعات مصيرها الفناء دون شك فهي ضد الحضارة وضد التقدم والانسانية جمعاء . ونحن في مصر لم نكن يوما مجتمعا قبليا، ولم نعرف يوما ما يسمي بالحروب الاهلية او الفتنة الطائفية فمنذ اجدادنا الفراعنة منذ آلاف السنين ونحن مجتمع واحد متجانس،عرفنا التعددية والاختلاف وتعايشنا معه، تقبلنا الآخر لاننا كنا وقتها الحضارة بعينها وفجر الانسانية التي علمناها للعالم اجمع، فعلي سبيل المثال لا الحصر، المصري القديم لم يكن يوما يمارس عادة ذبح الانسان فالانسان كان مقدسا عند اجدادنا المصريين الفراعنة، ليس الانسان فقط ولكن الحيوان والنبات، فكتب المصري القديم في اعترافاته الانكارية علي شاهد قبره في اعترافه لربه ..... اشهد يا ربي انني لم اسئ يوما لانسان ولم اعذب حيوانا، ولم اعطش نباتا، فكل ما خلقه الله فهو مقدس، فكيف للمصري الاصيل من أبدع الحضارة واكتشف التوحيد بالاله الواحد وفجر الانسانية قبل ان يعرفها غيره من البشر بآلاف السنين، كيف له ان يسمح لغيره من قوي الظلام والتخلف ان يتركها تسيطر علي عقله الذكي، الطيب بالفطرة، كيف يترك امثال هؤلاء يدسوا السم في كل شئ مستخدمين كل ما يمكن من امكانيات وأولها وأسهلها الدين وينشرون ثقافة الحرب والجهاد والقتل والدمار وكل هدفهم الوصول للحكم وليس مصلحة الشعوب . ها هي حماس الاخوان المسلمين الفلسطينية والتابعة لاخوان مصر تاركة شعبها فريسة للجوع، الموظفون لم ياخذوا رواتبهم منذ اكثر من ستة اشهر ويطلبوا من الناس الصمود والجهاد وتفجير النفس لالهائهم عن المطالب الدنيوية الملحة، فهم لم يعرفوا شعوبهم معني السعادة التي اصبحت الآن نصا من نصوص دساتير العالم الحر المتحضر، لم تقبل حماس مطلقا طرح الثقة في حكومتها لانها تعلم جيدا ان هذا الطرح سيؤدي حتما الي سقوطها، بعد ان اكتشف الشعب ان الشعارات الدينية والحكم باسم الدين لا يؤكل عيشا، وها نحن نري المظاهرات التي تندلع في غزة بين الحين والآخر تطالب بسقوط حماس وتوفير الفرص للعمل داخل اسرائيل،والتخلص من الحكومة التي اثبتت فشلها حتي الآن في ادارة الدولة، فحماس مستعدة لان يجوع الشعب ولكن المهم ان تظل هي موجودة تحكم وتحكم باسم الدين وشعار المقاومة . الهاء الشعوب بالحروب الدائمة ما هي الا وسيلة غير القادر علي اقناع شعبه، والفاشل في ادارة الدولة للسيطرة علي الشعب دائما تحت مختلف المسميات من وطنية اودينية .....الخ، فعلها عبد الناصر سابقا فادخل مصر بالحرب تلو الاخري، حرب مصرية واخري غير مصرية ودس ثقافة الحرب ليست من اجل مصر فقط وانما لاجل العرب جميعا فعلي سبيل المثال لا الحصر، تاميم قناة السويس جلب علي مصر حرب ثلاثية شنعاء تحملتها مدينة بورسعيد فقط بل وفرض حصار علي مدينة بورسعيد وكان بها وباء قتل وليس عدوا غادرا بل ويروي بعض اهالي المدينة انه حذر بحرق المدينة علي من فيها من مواطنين ابرياء ليس لهم ذنب فيما اقترفه غيرهم من اثارة الدول الاخري، عقد امتياز شركة قناة السويس كان امامه حوالي 11سنة فقط لانهاء فترة العقد وتعود بعدها قناة السويس ملكية مصرية بالكامل، خسرنا الكثير بالحرب من بشر ودمار واموال وتعويضات فسخ العقد وخسرنا سيناء التي عادت الينا فيما بعد بالتدخل الامريكي برئاسة ايزن هاور، وفي الوقت الذي قام فيه عبد الناصر بتاميم القناة وعرضنا للاعتداء، كانت هناك دولة عمالقة كانجلترا تستعمر جزيرة صينية وهي هونج كونج منذ عام 1841 وضمت اليها انجلترا اراضي جديدة عام 1898 قامت بتاجيرها من الصين لمدة 99 عاما وبالرغم من اختلاف المنظومتين السياسية والاقتصادية لكل من الدولتين .. ها هي هونج كونج تكسر الدنيا كما يقولون وتحقق طفرات اقتصادية و مالية واجتماعية لم يكن لها مثيل وقتها، وها هي هونج كونج عادت للصين الام عام 1997 باحتفالات شاركت فيها الدولتان وليس بالحروب . هل كان من الافضل ما كان ولا كانوا يدخلون حربا شعواء يعيشون فيها العمر كله ويدمروا بدلا من ان يعمروا كما عمروا .... وده الفرق الرئيسي بين ثقافة الحرب والدمار وثقافة السلام وبناء مستقبل افضل للجميع. التاريخ خير دليل لمستقبل افضل للجميع فاذا لم يستفد العقلاء من تجارب الآخرين عبر العصور المختلفة لن يعدوا من العقلاء، وها هو نصر الله يعترف بانه لو كان يعلم بما سيحدث للبنان من دمار ما كان اقدم علي خطف الجنديين الاسرائيليين من داخل الاراضي الاسرائيلية، وان كانت سوريا مستمرة في تهريب السلاح الايراني له، وهذا ما يحاول الجيش اللبناني التصدي له والقضاء عليه ليعيش لبنان حرا مستقلا، مما سيدفع لبنان حتما لعقد اتفاقية سلام مع اسرائيل قريبا تنعم وينعم فيه كل اللبنانيين بالسلام، وليس مسرحا للصراع المسلح بين سوريا واسرائيل كما قال خدام، وهذا ما تخشي منه سوريا اذ ستكون هي الدولة الوحيدة في المنطقة تعيش فيما يسمي باللا حرب واللا سلم فهي غير قادرة علي تحرير اراضيها المحتلة منذ 40 عاما، و في الوقت الذي يسعي فيه لبنان الي السلام، يدعوا البعض في مصر للاسف رغم كل هذا الي الغاء اتفاقية كامب ديفيد، وكانهم لا يعلمون ان الغاء هذه الاتفاقية سيؤدي حتما لحرب مؤكدة مع اسرائيل وضياع سيناء ثالث مرة، بالتاكيد هذه الحرب لن تكون في صالح مصر والمصريين، كما لم تكن حرب لبنان لصالح لبنان واللبنانيين، والله اعلم هل ستكون هذه الحرب لصالح سوريا ؟ ام ايران ؟ ام من ؟ .