أثارت الزيارات المتكررة من قبل وفود امريكية ويهودية واوروبية في الفترة الاخيرة الكثير من الجدل حول الدور الحقيقي الذي يلعبه المجلس القومي لحقوق الانسان في مصر خاصة فيما يتعلق بوضعية حقوق الانسان علي المستوي الداخلي حيث ظهر انشغال المجلس التام بلقاءات الوفود الاجنبية واكثرهم من الامريكيين عن قضايا حقوق الانسان المتفجرة في مصر وهو ما ارجعه المراقبون الي اهتمام المجلس بتجميل صورة الحكومة خارجيا علي حساب حقيقة اوضاع حقوق الانسان في مصر. ابرز مثال علي ذلك كان في تجاهل المجلس الاهتمام بحماية حقوق المصريين من جرائم التعذيب والتحقيق في الانتهاكات المتكررة من هذه الجريمة البشعة التي فاجأت المجتمع المصري في الاونة الاخيرة، ففي نفس اليوم التي تناقلت فيه الصحف قضيتي تعذيب قام بها الامن ضد المواطنين، تجاهل المجلس الامر برمته واستقبل وفدا من قيادات اللجنة الامريكية اليهودية والتي ترعي مصالح اليهود في الولاياتالمتحدة وفي العالم كله وتعد من اهم ادوات اللوبي اليهودي في التأثير علي القرارات السياسية للادارة الامريكية. وحسب بيان المجلس فإن اعضاء اللجنة قابلوا الدكتور احمد كمال ابو المجد نائب رئيس المجلس والدكتور فؤاد رياض رئيس لجنة العلاقات الدولية والسفير مخلص قطب الامين العام للمجلس. المثير في البيان ان المجلس ناقش مع اللجنة اليهودية المتشددة التداعيات السلبية والخطيرة للاعتداءات الاسرائيلية علي لبنان وغزة وحذروا من احتمال ان تمتد تداعيات ذلك علي وضع اليهود في العالم كله مؤكدين ان ذلك ينبع عن رغبة حقيقية في تجنب المصادمات والمواجهات التي تحمل مكونات دينية. الاخطر كان في اجابة اللجنة التي حرص المجلس علي لقائها تاركا ضحايا التعذيب الذين اكدوا ان القادة والعسكريين الاسرائيليين كانوا حريصين علي عدم اصابة المدنيين في لبنان وهو بالطبع امر طبيعي لوفد يهودي متشدد، الا ان الامر لم يتوقف عند هذا الحد بل ناقش المجلس معهم ايضا الوضع في العراق وفلسطين وهاجم الشرق الاوسط الكبير واذا كانت هذه هي القضايا الحقيقية التي دارت في المناقشات السرية التي رفض المجلس الافصاح عنها في حينه فلماذا كل هذا الحرص علي لقاء غير مجد مع يهود متطرفين بينما يعاني المواطنون المصريون من العديد من الانتهاكات المفزعة لم يحاول المجلس حتي الآن الاهتمام بها هذا اللقاء لم يكن الاول علي اجندة المجلس خلال الايام الماضية ولكنه كان الثاني بعد الوفد الثالث لمساعدي الكونجرس الامريكي والذين جاءوا علي نفقة المجلس ليتعرفوا علي انشطته ودوره في ارساء حقوق الانسان وسبقتها عدة لقاءات مع اعضاء المعونة الامريكية للحصول علي تمويل لبرامج ومواد درامية تتحدث عن حقوق الانسان وايضا مع الاتحاد الاوروبي للحصول علي تمويل آخر من اجل انشاء مكاتب للشكاوي في المحافظات بينما مكتب الشكاوي الاساسي بالمجلس لا يستطيع المواطن العادي الوصول اليه او الوصول لحل عادل لشكاواه في ظل التجاهل الحكومي للرد علي شكاوي المجلس وايضا تقصير المجلس في اجراء التحقيقات اللازمة في الشكاوي التي ترد اليه حيث لا يزال يعتمد فقط علي ارسال الشكوي الي الجهة وانتظار الرد دون القيام بالتحقيق مع الجهة في حقيقة الشكوي وهو الامر الذي اصاب المواطن المصري في النهاية بالاحباط. ومن جانبه انتقد بهي الدين حسن عضو المجلس القومي لحقوق الانسان اهتمام المجلس باللقاءات والاجتماعات بالوفود الاجنبية علي حساب قضايا حقوق الانسان الداخلية، وقال انه لاحظ خلال السنوات الثلاث من عمر المجلس ان لقاءات المجلس مع الوفود الخارجية اكثر من اجتماعاته مع المسئولين بالحكومة المصرية خاصة في قضايا مهمة منذ ظاهرة التعذيب وأوضاع المعتقلين أو حتي للحفاظ علي حقوق ضحايا عبارة الموت وقطاري قليوب وغيرها من القضايا الحقوقية المتفجرة. وأضاف أن أداء المجلس في الوقت الحالي ابتعد عن تحسين وضعية حقوق الإنسان في مصر كما مازالت نتائج الاجتماعات والتوصيات التي يصدرها المجلس لا تلقي أدني استجابة من قبل الحكومة. وأشار حسن إلي أن عدد لقاءات قيادات المجلس مع المسئولين بالحكومة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة مقارنة باللقاءات التي يعقدها المجلس مع شخصيات أجنبية لافتا إلي أنه في حالة عقد مثل هذه اللقاءات مع مسئولي الحكومة فإنها في الغالب تتم بحضور رئيس المجلس ونائبه بعيدا عن الأعضاء مؤكدا أنه أثار هذه القضية أكثر من مرة خلال اجتماعات المجلس ولكن دون جدوي. ومن جانبه دافع حسن يوسف رئيس جمعية شموع للدفاع عن حقوق المعاقين عن حق المجلس في مقابلة الوفود الأجنبية باعتباره حقا طبيعيا له حيث نص في قانونه علي أهمية قيامه بتحسين صورة حقوق الإنسان في مصر أمام العالم وكذلك الاتفاق مع الجهات المانحة علي الحصول علي تمويلات لدعم أنشطة دعم حقوق الإنسان في مصر. ولكن من حقنا كمنظمات أن نعرف ماذا دار في هذه المقابلات وإذا كانت عكست حقيقة أوضاع حقوق الإنسان في مصر أم لا وهو ما سنتأكد منه بعد ذلك خلال مقابلاتنا للوفود الأجنبية التي لا تسفر في النهاية أي شيء عن هذه اللقاءات وإذا ثبت أن المجلس لا يعكس الحقيقة فإن علينا أن نقوم بإضافة رصد أعمال المجلس لأجندة المنظمات بهدف تقويمه وإعادته للأهداف التي أنشئ من أجلها لافتا إلي أنه حتي التقارير السنوية لا تعكس حقيقة ما يقوم به المجلس وبالتالي فإن علينا أن نقوم بعمليات رقابة جادة لادائه خلال الفترة القادمة. وأوضح يوسف أن قيام المجلس بتوفير المعلومات الكاملة عما يدور في هذه اللقاءات ندخل في صميم عمل المجلس الذي من المفترض أن يعمل علي زيادة رقعة الشفافية وحرية تداول المعلومات في مصر إذا كانت هذه المعلومات تمس حقوق الإنسان. وانتقد يوسف تقاعس المجلس عن التحقيق في جرائم التعذيب الأخيرة لأنه يتحمل بقانون إنشائه حماية المواطنين المصريين من الانتهاكات والتحقيق فيها وبالتالي فإن استمرار هذه الجرائم يعني أننا نتراجع إلي الخلف ولا نتقدم للأمام وإذا استمرت ظاهرة التعذيب علي هذا النحو فإن علي أعضاء المجلس أن يقدموا استقالتهم فورا وإلغاء المجلس لأنه فشل في أداء دوره. ومن جانبه أكد ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة أن المجلس بدا في الفترة الأخيرة أنه مهتم بالظهور الإعلامي علي حساب دوره الحقيقي الذي أنشئ من أجله وظهر خلال الفترة السابقة بسعيه المحموم لتحسين صورة حقوق الإنسان في مصر عند الغرب بإصراره علي دعوة الوفود الأجنبية والتأكيد المستمر علي وجود دور له في تحسين أوضاع حقوق الإنسان وهو الأمر الذي يبتعد تماما عن الواقع بدليل الجرائم الأخيرة التي ارتكبت ضد مواطنين علي يد قوات الأمن. وتابع أمين أن هناك قصورا شديدا ظهر في أداء المجلس تجاه هذه القضايا بشكل يزيد الشكوك في حقيقة الدور الذي يقوم به المجلس لحقوق الإنسان المصري.