لا جدال في إيماننا بالعلم كأساس لتتطور البشرية وفهم الكثير من الظواهر الغامضة عبر أجيال، ورغم ذلك فإن النفس البشرية تتوق دائما للبحث في ما ورائيات الطبيعة لتجنح بسفن الخيال. فالخيال يشبع احتياجات نفسية كثيرة فهل يعد ارتباطنا بالخرافات والخزعبلات محاولة منا للهروب من رتابة الواقع؟ أم أننا نحاول إلقاء همومنا في طريق المجهول؟ وهل عجزنا عن تفسير كل ما يغمض علينا علميا أو واقعيا لجهلنا فك رموزه نحوله إلي أسطورة؟! فلو تخيلنا أن شخصا ما قد نام ألفي عام كقصة أهل الكهف مثلا وصحي فجأة ليجد أمامه جهاز تلفاز فهل سيحاول تحليل هذا الجهاز علميا واستكشاف كيفية عمله أم سيعتقد أنه مندل لساحر عظيم؟! أنا طبعا لا أشكك أبدا بوجود بعض الغيبيات التي أمنا بها ولم نرها بالعين المجردة كالملائكة والشياطين والجن الذي ذكروا في القرآن الكريم وكيف أنهم كانوا يسترقون السمع حتي نزل القرآن الكريم وجعل لهم بالسماء رصدا يمنعهم باستراق السمع مرة أخري بعد نزول الرسالة المحمدية، وهذا ما تعلمناه في دروس الدين التي كان يعطينا إياها أساتذتنا في المدرسة كل هذا أمنا به من منطلق أساس ديني قبله العقل والقلب من خلال ورود ذكره في القرآن الكريم. فمن المسلمات أن نؤمن بكل الكتاب ولا نكون كالذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض. ولكن هناك ظواهر أخري يصعب تفسيرها وعجز العلم عن توضيح أسباب حدوها، فعلي سبيل المثال إذا نظرنا إلي مثلث برمودا في غرب المحيط الأطلنطي في الساحل الجنوبي الشرقي للولايات المتحدةالأمريكية، فمن المعروف عن هذا المثلث بأنه مثلث الموت حيث توجد ظواهر غريبة جدا لاختفاء الطائرات والسفن التي تمر بهذه المنطقة وبعض السفن تختفي وتعود لتظهر بعد مدة ولكن دون الركاب الذين كانوا علي متنها ودون أن يستطيع أحد تحليل وتفسير هذا الأمر بالرغم من محاولة بعض العلماء لايجاد تفسيرات كانت بعيدة عن استيعابنا، والأكثر غرابة وجود نظير لمثلث برمودا وهو مثلث بحر الشيطان "البحر الياباني" الذي تتكرر به حوادث مشابهة. منذ اكتشاف هذه الظواهر الغريبة والناس تحاول إيجاد أسباب فلا يجدون سوي تحميلها علي الجن والعفاريت والوحوش، فبعضهم ذهب للاعتقاد بأن بيت الشيطان يقع في هذه المنطقة بالذات، وحتي أبسط الأمور نجد قلة ثقافتنا ومعرفتنا واطلاعنا وقراءاتنا جعلتنا نحللها تحليلات بعيدة عن الواقع فنلاحظ أن في بعض الأماكن أو الأحياء الشعبية يعالجون أولادهم بالزار وذبح الدجاج وتلطيخ الطفل بدمائه وبعض العادات الغريبة التي يتبعونها ظنا منهم أن ولدهم مريض بمس من الجن بينما لو اختصروا المسافة وذهبوا بابنهم للطبيب لوجدوا العلاج المناسب دون اللجوء للخرافات والخزعبلات ولجنبوا أنفسهم نصب الدجالين والعرافين والذين يستغلون عقول البسطاء وجيوبهم في آن واحد. وكما يعتقد البعض أن الأطباق الطائرة وسيلة نقل العفاريت من كوكب لآخر! حيث إنني شخصيا لا استبعد فكرة وجود كائنات أخري تعيش في هذا العالم ربما علي كوكب آخر غير الأرض. ولكنني لم أتعود أن أجزم بأي أمر بلا دلائل أو وقائع حقيقية لذلك تبقي هذه الفكرة مجرد شك ظريف قابل للا أو نعم. وبالرغم من فضولي كغيري من الناس لمعرفة ما يحدث بالفضاء وبالكواكب الأخري ولكني ضد إنفاق المبالغ الطائلة علي أبحاث علوم الفضاء لأنني أري أن فقراء العالم والمصابين في الكوارث والمجاعات والأطفال المشردين والمرضي بالأمراض المستعصية أولي بهذه الأموال ليعيشوا حياة كريمة، وهذا في رأيي أبسط حقوق الإنسان. فلنبدأ بأنفسنا أولا ونحل مشاكلنا قبل الخوض في معمعة أخري.