باب النجار مخلع.. وصف ينطبق علي منظمات العمل الأهلي في مصر فرغم انه لا يوجد حديث للمنظمات الحقوقية في مصر سوي عن الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وهي دعائم أي إصلاح سياسي في مصر، لكنها في الحقيقة تفتقد بداخلها لمثل هذا النوع من التداول السلمي للقيادة والسلطة بداخلها، فلا تزال هناك عشرة أسماء هم الذين يسيطرون علي الحديث باسم حقوق الإنسان والمجتمع المدني في مصر فيما يتواري الآخرون أو يحاولون الاقتراب منهم دون جدوي. المثير ان أغلب من يوجهون الانتقادات لاحتكار السلطة سواء علي مستوي الاحزاب أو الحكومة هم أول من يقاتلون ضد أي محاولة للتغيير داخل المنظمات وهم أول من يستبعد أي شخص قد يشعرون من ناحيته بالخطر علي مراكزهم الموجودة في قيادة المنظمات التي أنشأها بعضهم أو تولي آخرون قيادتها. والنتيجة ان الديمقراطية في الحقيقة غابت عن المنظمات الحقوقية وأصبح تداول السلطة فيها بعيد المنال فمن يصل إلي منصب قيادي بداخلها لا يحاول ترك منصبه ابدا وإذا كانت الضغوط كبيرة يحاول إنشاء منظمة أخري يتولي قيادتها حتي لا تغيب عنه أضواء الشهرة أو مكاسب النضال الحقوقي علي المستويين المحلي أو الدولي. وأكد شريف الهلالي مدير المؤسسة العربية لدعم منظمات المجتمع المدني ان نسبة تطبيق الديمقراطية الداخلية في منظمات المجتمع المدني لا تتعدي 50% من عدد المنظمات فيما يزيد علي 70% من المؤسسات الأهلية في مصر هي في الاصل شركات مدنية لا تهدف للربح وبالتالي بعيدة عن تطبيق تداول السلطة أو الديمقراطية بداخلها وغالبا ما يتولي مؤسسها منصب المدير ويقوم باختيار مجلس أمناء يضع خطة عمل ولكن بلا سلطات حقيقية وتظل الأمور تسير بداخلها دون امل في التغيير.. وهم غالبا ما يسعون لتأسيس هذه الشركات هربا من قانون الجمعيات الأهلية وسيطرة وزارة الشئون الاجتماعية التي كثيرا ما تتدخل ضد الجمعيات العمومية للجمعيات التي لا ترغب فيها. وأوضح الهلالي ان غياب الديمقراطية والحوار الداخلي في المؤسسات الأهلية جعل جمعياتها العمومية أو مجالس إدارتها المنتخبة مشلولة أو مجمدة إذا عارضت الأمين العام أو رئيس المؤسسة فهو غالبا ما يتحكم في الماليات ونوع الأنشطة وهو الذي يحدد القضايا التي تتناولها المنظمات مرجعا ذلك إلي عدم تقدير هذه القيادات لقيمة العمل الجماعي. وعن أبرز من احتكروا مناصبهم لمدة تجاوزت حدود عشر سنوات هناك محمد فائق أمين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان والدكتور سعد الدين إبراهيم مدير مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية والدكتورة ايمان بيبرس مديرة مركز نهوض وتنمية المرأة والدكتورة هدي بدران مديرة مؤسسة المرأة العربية وأمين فهيم المدير السابق لجمعية الصعيد للتنمية وعلي مستوي الشركات المدنية فهناك رؤساؤها الذين بقوا في مناصبهم لفترات طويلة ايضا مثل ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماه وبهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وعدد آخر من نشطاء حقوق الإنسان، ومن أمثلة التداول التي تمت مؤخرا كان تولي الدكتور وحيد عبد المجيد رئاسة جماعة تنمية الديمقراطية خلفا لنجاد البرعي وتولي ياسر زارع رئاسة جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء خلفا لمحمد زارع وجمعية المساعدة القانونية التي تغير رئيس مجلس إدارتها أكثر من مرة حيث تولي طارق خاطر الرئاسة خلفا لمحمد عبد المنعم بعد اجتماع للجمعية العمومية. وكان أبرز الخلافات الكبري التي وقعت حول تداول السلطة داخل المنظمات كان ما شهدته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عام 1993 حينما تحكمت الايديولوجيات السياسية في عملية تداول السلطة حيث وقع صراع بين تيار ماركسي مثله بهي الدين حسن الأمين العام وقتها وتيار الناصريين وممثله نجاد البرعي وقتها هو الصراع الذي حسم لصالح الناصريين بفوز نجاد والتيار الناصري علي المنظمة المصرية واتجاه احسن لتأسيس مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والذي تحول إلي مركز اقليمي بارز في قضايا الإصلاح ونشر ثقافة حقوق الإنسان. ويري عبد الناصر قنديل الخبير الحقوقي وأحد البارزين في مجال حقوق الإنسان ان هناك ازدواجية لدي المنظمات الحقوقية وايضا لدي التنظيمات السياسية الموجودة في مسألة تطبيق الديمقراطية فهي تطالب بالديمقراطية فيما تمارس الديكتاتورية بداخلها ولدي عدد منهم استعداد للقتال من أجل عدم التخلي عن هذا الكرسي مشيرا إلي ان هذه الازدواجية كانت السبب المباشر في ابتعاد رجل الشارع عنها وعدم محاولته الانضمام اليها لأنه شعر انها مجرد أدوار تمثيلية يلعبها أعضاء هذه الجمعيات. وقال قنديل ان شكل التداول السلمي للسلطة لا يتم بشكل كامل في العديد من الحالات وبسبب القيود الموجودة في قانون الجمعيات الأهلية فليس من السهل الخروج وتأسيس جمعيات أخري ويدافع أحمد سميح مدير مركز أندلس لدراسات التسامح عن وجود عدد كبير من النشطاء في اماكنهم منذ سنوات بقوله ان هناك جيلا من المؤسسين تحدي الظروف والتضييق الحكومي الذي كان يرفض هذا العمل من الأساس ولا تزال لديه الرغبة في تقديم المزيد من الافكار لخدمة قضايا المجتمع المدني في مصر لافتا إلي ان هناك من دفعوا ثمنا باهظا للدفاع عن حقوق الإنسان مثل حافظ أبو سعده الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان وسعد الدين إبراهيم مدير مركز ابن خلدون اللذين تم القبض عليهما واعتقالهما بسبب عملهما الحكومي. ويؤكد سعيد عبد الحافظ مدير ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الإنسان ان مؤسسات المجتمع المدني لها ديمقراطية تمثل نواة للمجتمعات الديمقراطية الصغيرة تمثلها الجمعيات العمومية لاعضائها وأغلبهم من المتطوعين وهم الذين يقومون بانتخاب مجلس الإدارة فضلا عن قيامهم بأعمال الرقابة الداخلية علي الأداء كما ان هذه المنظمات تعتمد علي العمل التطوعي وعدم السعي للحصول علي منافع مالية . وأوضح ان وجود أشخاص في مواقع صنع القرار داخل هذه المؤسسات لفترات طويلة هي شأن داخلي لهذه المنظمات وهو حق لأعضائها وجمعيتها العمومية ولا يجب للنشطاء أو للدولة ممارسة الوصاية عليهم في قراراتهم وهذا هو صميم حرية العمل الأهلي في مصر.