القاهرة الإخبارية: غارات أمريكية بريطانية تستهدف مواقع للحوثيين شمال صنعاء    هيئة الدواء تشارك افتراضيًا في المؤتمر السنوي لجمعية المعلومات الدوائية (DIA)    تصرفاته مثيرة للجدل.. الكنيسة الأرثوذكسية تصدر بيانًا بشأن القس دوماديوس إبراهيم    بعد تحذير بوتين.. كوريا الجنوبية تعيد النظر في توفير أسلحة فتاكة لأوكرانيا    بوتين: قصف بيلجورود بأسلحة بعيدة المدى عمل عدواني    القنوات المفتوحة الناقلة لمباراة الأرجنتين وكندا في كوبا أمريكا 2024    أميرة بهي الدين: حرق أقسام الشرطة والمحاكم كان يهدف لإسقاط الدولة لا النظام    سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 21 يونيو 2024    السياحة: الانتهاء من تفويج 10200حاج سياحة من مكة إلى المدينة    أخبار × 24 ساعة.. إجراء 2.2 مليون جراحة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    برلماني: 30 يونيو انطلقت بمصر إلى الأمام وأطلقت مرحلة جديدة من البناء والتعمير    "لا يمثل سوى شخصه".. الكنيسة القبطية تصدر بيان بخصوص القس دوماديوس الراهب    عيار 21 يسجل رقما جديدا.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 21 يونيو بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    إعلام إسرائيلي: 3 إصابات خطيرة في صفوف الجيش جراء المعارك في غزة    قائد سابق في الجيش الإسرائيلي: بقاء نتنياهو دون إنهاء الحرب قد يؤدي لانهيار استراتيجي    اتفاق سول ووارسو على توقيع صفقات توريد أسلحة كوريا جنوبية في سبتمبر    تقرير أمريكي: واشنطن قلقة من إمكانية تغلب حزب الله على القبة الحديدية الإسرائيلية في حرب شاملة    إزالة 11 حالة تعدي على الأراضي الزراعية ومخالفات البناء بالغربية    يورو 2024.. منتخب إسبانيا ثاني المتأهلين لدور ال16 بهدف ذاتي بشباك إيطاليا    جوميز يبلغ لاعبي الزمالك بعدم خوض مباراة الأهلي (خاص بالتفاصيل)    محمد الغازى حكما لمباراة الزمالك وفاركو فى الدورى المصرى    إنجلترا تواصل المعاناة في اليورو بعد تعادل اليوم ضد الدنمارك    تأكيدًا لانفراد الفجر الرياضي.. كاف يعلن اليوم إستضافة الدوحة للسوبر الافريقي بين الأهلي والزمالك    الحصول على 60% من قيمة العقد| شرط «بوطيب» لإنهاء أزمة إيقاف قيد الزمالك    «كولر مش عايزك».. الأهلي يخطر نجمه بالرحيل.. شوبير يكشف التفاصيل    إصابة 4 أشخاص من أسرة واحدة بتسمم غذائي في بنها    وحيد أبوه وأمه.. غرق شاب بقارب صيد أثناء عمله في أسيوط    بعثة الحج: لا توجد أي حالات مفقودة بين حجاج السياحة    الأرصاد تحذر من منخفض جوي يضرب مصر خلال أيام    مصرع شخص إثر حادث مرورى بدمياط    تونس تعلن وفاة 35 حاجا في مكة أثناء أداء مناسك الحج    سعر الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء في عطلة الأسبوع الجمعة 21 يونيو 2024    الاحتلال يعلن اعتراض هدف جوى أطلق من لبنان    «مش بتاع ستات بس».. أحمد سعد يثير الجدل بسبب تصريحاته حول ارتداء الحلق (فيديو)    شاهد.. فرقة "أعز الناس" تشعل ستوديو منى الشاذلى بأغنية للعندليب    بنجوم العالم.. محمد أنور يروج ل«جوازة توكسيك» على طريقة إعلان لاعبي الأهلي ل«ولاد رزق 3»    طارق فهمى: التحرك المصرى تجاه الحرب على غزة مسؤول    تامر أمين عن وفاة الطفل «يحيى» بعد نشر صورته في الحج: «ربنا يكفينا شر العين» (فيديو)    كيكة السميد الهشة.. طريقة التحضير بشكل سريع    دبحوه أول يوم العيد.. تفاصيل مقتل طالب وإلقاء جثته بنزلة الدائري الأوسطي بالبدرشين    إزالة مخالفات البناء والتعديات على الأراضي الزراعية في الغربية    لعدم الاحتفاظ بالشهادة الصحية.. تحرير 17 محضرًا تموينيًا ب شمال سيناء    مصطفى بكري: مصر موقفها واضح ومع حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره    خالد النبوي يوجه رسالة لطاقم عمل فيلم "أهل الكهف"    موعد نهاية إجازة عيد الأضحى 2024 للموظفين والعاملين بالدولة    احتفالات عيد الأضحى.. عروض الفنون الشعبية تزين ممشى أهل مصر بالسويس    ضربة الشمس القاتلة.. كيف تسببت درجات الحرارة في وفاة مئات الحجاج؟    انفراجة فى توافر الأدوية بالصيدليات.. تحرير سعر الصرف ساعد فى تأمين النواقص    الأقصر.. توقيع كشف طبي على المواطنين في أرمنت ضمن خدمات عيد الأضحى    ما حكم زيارة أهل البقيع بعد الانتهاء من أداء مناسك الحج؟.. الإفتاء توضح    تنسيق الجامعات.. تعرف على برنامج التصميم المعماري والعمراني المستدام بجامعة حلوان    رومانيا: تبرعنا لأوكرانيا بمنظومة باتريوت مشروط بحصولنا من الناتو على مثلها    إنهاء قوائم الانتظار.. إجراء مليونين و245 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة    إجراء اختبارات إلكترونية ب147 مقررًا بجامعة قناة السويس    مصدر: لا صحة لإعلان الحكومة الجديدة خلال ساعات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 20-6-2024    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. رفيق حبيب يكتب: الحراك السياسي والانتخابات
نشر في الدستور الأصلي يوم 28 - 08 - 2010

تمثل الانتخابات التشريعية مناسبة سياسية مهمة، رغم حالة الانسداد السياسي التي تعاني منها الحياة السياسية المصرية، فهي فترة تشهد قدرًا من الحراك أو الحركة السياسية، أكثر من غيرها من الفترات، وأكثر من غيرها من الانتخابات. لذا تعطي لها أهمية أكبر، خاصة وهي تمثل مناسبة كاشفة لنوايا الطبقة الحاكمة في مصر. ومع حالة الحراك السياسي الحادثة ببطء، تعد مرحلة الانتخابات التشريعية، مواجهة بين حالة الحراك وبين موقف النخبة الحاكمة. والبحث في أهمية المشاركة أو أهمية المقاطعة، يرتبط بالنتائج الممكن تحقيقها في كل حالة، فالوضع السياسي الراهن، ليس وضعًا عاديًا. ففي الحالة الديمقراطية، تكون المشاركة دليلاً علي توافق القوي السياسية علي قواعد العمل السياسي، وتصبح المقاطعة دليلاً علي وجود عدم توافق علي قواعد اللعبة السياسية، وتمثل احتجاجًا في وجه الحزب الحاكم. ولهذا فالمقاطعة هي أسلوب للتعبير عن رفض بعض ممارسات الحزب الحاكم، وعدم مشاركته للأحزاب الأخري في وضع قواعد العملية السياسية. وفي حالة الممارسة الديمقراطية، تكون المقاطعة سلاحًا للضغط علي الحزب الحاكم، لأنه لا يستطيع ممارسة العملية السياسية بمفرده، لذا تعتبر وسيلة للضغط عليه، وإلا يظهر بمظهر الحزب المنفرد بالسلطة.
ولكن في الحالة المصرية، فالأمر مختلف فلا يوجد حزب حاكم بالمعني الدقيق، بل توجد طبقة حاكمة تتوارث السلطة منذ ستة عقود، وتسمي نفسها أسماء مختلفة، وتسمي النظام أيضا أسماء مختلفة، ولهذا فالمشاركة في هذه الحالة، لا تمثل مشاركة في نظام له قواعده المتفق عليها بين الأحزاب، والمتوافق عليها مجتمعيًا، وتحوز رضا الأغلبية. ولهذا فهي ليست مشاركة في نظام سياسي له قواعد تسمح للجميع بالتنافس الحر. وعليه فلا توجد شروط موضوعية للمشاركة التي تعبر عن التنافس السياسي للوصول للحكم. ولا توجد أيضا أي احتمالات للتبادل السلمي للسلطة، مما يعني أن قواعد العمل السياسي التعددي الحر، غير موجودة أصلاً، وكل انتخابات معلومة النتيجة مسبقًا. وبهذا يمكن القول: إن الوضع السياسي الراهن لا يمثل حالة تسمح بالمشاركة بمعني المنافسة السياسية.
وفي الحالة المصرية أيضا، لا توجد الأسس اللازمة لجعل المقاطعة فعلاً سياسيًا مؤثرًا فالنظام الحاكم منفرد أصلاً بالحكم، ولا يريد مشاركة من أي قوة سياسية، ولا يسمح بأي عمل يقوم علي مشاركة أحزاب أخري له، كما أنه لا يرغب في المنافسة الحرة علي السلطة، ولا يفتح الباب أمام أي فرصة للتداول السلمي للسلطة. وعليه فإن الطبقة الحاكمة تريد الانفراد بالسلطة، والاستمرار كطبقة حاكمة وحيدة، وهي بهذا لا تريد مشاركة القوي السياسية الفاعلة في الانتخابات، ولا يؤثر فيها مقاطعة القوي السياسية للانتخابات، لأن تلك المقاطعة تريح النظام من المنافسة السياسية، وإذا كانت المقاطعة يقصد بها إحراج النظام وكشف انفراده بالسلطة، فالنظام بالفعل منفرد بالسلطة، ولن تضيف المقاطعة أي شيء جديد، وصورة النظام في الداخل والخارج واضحة، فهو يمثل صورة من صور الاستبداد بالحكم، حتي إن رفعت عنوانًا ديمقراطيًا.
يتضح مما سبق أن أسس المشاركة الطبيعية غير متوافرة، لأن قواعد العملية السياسية تسمح باستمرار الاستبداد، وتسمح باستمرار الطبقة الحاكمة دون أي تداول سلمي للسلطة، كما أن المقاطعة تقدم للطبقة الحاكمة ما تريده، وهو خروج القوي السياسية من العملية السياسية، مما يسهل علي النظام الانفراد بالسلطة، لذا فالوضع في مجمله لا يمثل حالة طبيعية لعملية سياسية منظمة، والانتخابات لا تمثل عملية سياسية منظمة تهدف إلي تحقيق التداول السلمي للسلطة. مما يجعل العملية الانتخابية ليست جزءا من حالة سياسية عادية، بل هي جزء من العملية السياسية التي تكرس الاستبداد. وإذا نظر للوضع بهذه الصورة، يمكن إعادة النظر في الانتخابات من خلال متطلبات الحراك السياسي. فهي انتخابات سابقة لوجود نظام سياسي مستقر ومتفق عليه، وسابقة لوجود ديمقراطية حقيقية تقوم علي التداول السلمي للسلطة. فهي انتخابات ما قبل الديمقراطية.
والحالة الديمقراطية المعروفة في البلاد المستقرة، تمثل عملية سياسية متفق عليها في نظام سياسي مستقر، تهدف إلي الحفاظ علي التوازن بين القوي السياسية، والسماح بالتداول السلمي للسلطة، كما تسمح بالتعدد السياسي، وتعطي للمجتمع الحق في اختيار من يريد للحكم. والديمقراطية بهذا المعني، وأيضا صناديق الانتخاب، لم توضع كوسيلة لتغيير النظام القائم، ولكن وضعت أساسًا كوسيلة للحفاظ علي النظام السياسي القائم والمستقر،فصناديق الانتخاب ليست وسيلة للتغيير، في النظم الديمقراطية، لهذا فالحالة المصرية تختلف، مثل غيرها من البلاد التي لم تعرف بعد التعدد والحرية السياسية، والتنافس الحر للوصول للسلطة. ومن هذا المنطلق، يمكن النظر للانتخابات، علي أنها مناسبة سياسية تحدث في وضع سياسي مأزوم، مثل غيرها من المناسبات الفارقة. ويمكن تحديد الموقف من الانتخابات، علي قاعدة الرؤية الهادفة للإصلاح والتغيير. وبعدها يمكن ممارسة الانتخابات أو مقاطعتها، بناء علي الهدف الأساسي للحراك السياسي.
فالحراك السياسي الهادف إلي إصلاح النظام السياسي القائم، يعتمد أساسًا علي تكوين قاعدة جماهيرية مساندة للإصلاح، ثم تحريك تلك القاعدة للضغط علي النظام الحاكم، حتي يقبل بالمطالب الجماهيرية. لذا يصبح الهدف من أي تحرك في المناسبات السياسية المهمة، هو تحريك الجماهير في مواجهة النظام، حتي يدرك أن هناك ضغطًا شعبيًا يمارس في مواجهته. وكلما تصاعد الضغط الشعبي، أصبح من الممكن فرض الإصلاح علي الطبقة الحاكمة. لأن المصدر الرئيسي لقوة تيار الإصلاح تأتي عندما يكون تيارًا شعبيًا مدعومًا من فئة عريضة من المجتمع. فالقاعدة الجماهيرية هي قوة حركة الإصلاح، في مواجهة النظام المستبد المعتمد علي قوة الدولة وسلاحها.
لهذا يمكن قياس أهمية المشاركة أو المقاطعة من خلال قدرة القوي السياسية المنتمية لحراك الإصلاح السياسي، علي تحريك الجماهير. فالقاعدة الأولي التي يجب النظر لها، هي مدي ما يمكن تحقيقه من حراك سياسي في مواجهة النظام الحاكم في ظل المشاركة أو المقاطعة، فالهدف ليس المشاركة في الانتخابات أو عدم المشاركة، ولكن الهدف هو تحريك الجماهير في مواجهة النظام، حتي تصل للمرحلة التي تتمكن فيها من فرض شروطها علي النظام الحاكم. فإذا استطاعت القوي السياسية تحريك الجماهير نحو صناديق الانتخاب، والدفع بالجماهير لحماية الصناديق من التزوير، ومنع التزوير بالفعل في بعض الدوائر، تكون الجماهير قد تحركت بالفعل أمام النظام، مما يجعل النظام يدرك أنه لن يستطيع الاستمرار في التزوير، وأن الجماهير سوف تمنعه من التزوير أو تمنعه من إعلان النتائج، في نهاية الأمر. وبهذا تصبح المشاركة، هي عملية مواجهة من أجل منع النظام الحاكم من تزوير إرادة المجتمع. وفي المقابل، فإذا استطاعت القوي السياسية حشد الجماهير وإعلان امتناعها عن التصويت، بحيث تحاصر الجماهير مقار اللجان الانتخابية، لتؤكد أن الكل غير راغب في التصويت، وأنه لا يوجد من يؤمن بنزاهة الانتخابات، تكون قد تصدت للنظام وأثبتت عمليًا أن الناس قاطعت الانتخابات. مما يجعل النظام يدرك أن الجماهير بدأت في مواجهته. ويصبح هدف المقاطعة، هو خروج الناس لتعلن رفضها للانتخابات، بما يؤكد أن الرافضين للانتخابات هم الأكثرية، وأن الشعب لم يشارك في الانتخابات، حتي يتم إبراز الصورة الحقيقية للنظام، وهو أنه لا يستند لأي دعم شعبي.
لذا فكل طريق لتحريك الجماهير، يمثل طريقًا مهمًا لحالة الحراك السياسي، ويصبح الاختيار بين المشاركة والمقاطعة، هو اختيار للوسيلة التي تحقق تحريكًا أفضل للجماهير في وجه النظام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.