في محاولة جديدة لفتح قنوات اتصال بين جماعة الاخوان المسلمين والاقباط في مصر قام بها مركز سواسية لحقوق الانسان ومكافحة التمييز وثيقة الصلة بالجماعة من خلال التقرير الذي اصدره المركز عن نتائج الانتخابات البرلمانية السابقة وافرد فيه فصلا عن اسباب الغياب السياسي للاقباط وعدم قدرتهم في الوصول الي التمثيل المناسب لهم في البرلمان، وحمل التقرير الغياب السياسي للاقباط وعدم قدرتهم في الوصول الي التمثيل المناسب لهم في البرلمان، وحمل التقرير الغياب السياسي للاقباط الي ثورة يوليو . وقال ان غياب التواجد السياسي للاقباط يبدأ من غياب اي عضو قبطي في مجلس قيادة الثورة ولا ينتهي عند تصور البعض لوجود بعد اسلامي في بنيان نظام يوليو، رغم غيبة هذا البعد في ممارسة النظام الممتد عبر فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر وانور السادات وحسني مبارك. وكشف التقرير ان نتائج الانتخابات في نصف القرن الاخير ويلاحظ ان عدد النواب الاقباط قد وصلت نسبتهم ما بين صفر% الي اقل من 3% تقريبا في عهد الرئيس جمال عبد الناصر من عدد النواب المسلمين اما في عهد الرئيس انور السادات فقد وصل عدد النواب الاقباط الي 3% تقريبا من عدد النواب المسلمين في مجالس ،71 ،76 ،79 وفي عهد الرئيس حسني مبارك اصبح عدد النواب الاقباط يقل عن 2% من عدد النواب. واستخلص التقرير من ذلك انخفاض في نسبة الاقباط بين اعضاء البرلمان المصري عموما، حتي مع اضافة المعينين، لافتا الي تزايد عدد المعينين الاقباط في عهد لرئيس انور السادات، ورغم ما يقال عن تحيزه للشعارات او الحركات الاسلامية. واضاف التقرير بعدا جديدا لهذه الحقائق وهي تزايد عدد المرشحين الاقباط في انتخابات عام ،2000 حيث وصل الي 69 مرشحا، وفي عام 2005 حيث وصل الي 60 مرشحا، وكانت نتيجة الانتخابات الاخيرة هي فوز مرشحو قبطي واحد في الانتخابات، وهو في النهاية وزير في الحكومة المصرية، وتعيين 5 اقباط ليبقي عدد الاقباط عند الرقم ،6 بنسبة تقل عن 2% من اعضاء البرلمان. وارجع التقرير اسباب الغياب السياسي للاقباط للمناخ العام المعادي للحياة السياسية وغياب الحياة الاهلية لافتا الي الفترة السابقة علي ثورة يوليو والتي تسمي بالفترة شبه الليبرالية شهدت قدرا من الحيوية في النشاط الاهلي بمختلف روافده لم تعرفه مصر بعد ذلك، فقد نشطت الحركات والتشكيلات والجمعيات بكل الصور المختلفة وفي ظل هذه الحالة نشط الاقباط في عدد من التيارات السياسية مثل حزب الوفد، والحركة الشيوعية، كما ظهرت العديد من القيادات القبطية السياسية، والتي تهتم بالعمل العام، وكان لها رصيد جماهيري لدي جموع الاقباط. وقال التقرير ان المتتبع لبداية الغياب القبطي يري انه بعد الثورة غاب النشاط الاقتصادي الخاص، كما غاب النشاط الاهلي الخاص، وضربت شريحة من المجتمع، تمثلت في الاعيان والاقطاع، وكان من هذه الشريحة يأتي رموز الاقباط في مجال السياسة، وبعد الثورة غلب علي النشاط السياسي الطابع الرسمي المرتبط بالنظام الحاكم، بجانب التنظيمات السرية اليسارية والشيوعية، والتي شهدت نشاطا من الاقباط، ولكن سرعان ما حلت نفسها لصالح النظام الحاكم. وأكد التقرير ان نشاط الاقباط ارتبط في جزء مهم منه بوجود حالة من الحراك الاجتماعي والسياسي، كما يرتبط ايضا بوجودمساحة للعمل الاهلي الحر، وانه في ظل النظام السياسي الاستبدادي، والذي يرتبط فيه النشاط السياسي بالعلاقة مع نظام الحكم، يلاحظ التراجع وربما الغياب السياسي للاقباط. واضاف التقرير ان هذا الامر يفهم من خلاله فهم منطق الجماعات الاقل عددا في قراراتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فقد تميل هذه الجماعات للعمل من خلال النطاق الحر الامن، فتظهر اتجاهاتها وقياداتها في المناخ الذي يتيح العمل الحر الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وربما يفسر هذا سر اهتمام الاقباط بالمهن الحرة، وغلبة تواجدهم في القطاع الخاص عن غيره من القطاعات. كما يرتبط بهذا ايضا اهتمام الجماعات الاقل عددا بالتميز المهني، كما يرتبط بالاهتمام بالتعليم، وكل هذه العناصر معا تؤكد ان الاقباط اميل للعمل الحر الذي يتيح التميز والتفوق، وانهم اكثر نشاطا في المجال الاهلي من المجال الحكومي، خاصة في النظم القائمة علي حكم الفرد. وزاد التقرير ان الاقباط فقدوا بعد ثورة يوليو قياداتهم المدنية والسياسية، كما فقدوا الدور المتميز للجمعيات الاهلية القبطية، والتي كانت تمثل الفناء الفني للمواقف السياسية التي تسود بين الاقباط، مشيرا الي ان صحة هذا التصور فسر ظاهرة تزايد عدد المرشحين الاقباط في الانتخابات البرلمانية في عامي ،2000 2005 حيث ظهر واضحا في عام 2000 وبعد الاقرار بالاشراف القضائي علي الانتخابات، ان هناك مساحة جديدة من العمل السياسي الحر، وهو ما شجع بعض الاقباط علي خوض الانتخابات، وتكرر هذا في عام 2005 مع تزايد حالة الحراك السياسي. ولكن النتيجة النهائية لانتخابات عامي 2000 و2005 لم تكن ايجابية بالنسبة للاقباط، بل ان نتيجة انتخابات عام 2005 كانت اكثر سلبية من نتيجة انتخابات عام ،2000 ونري هنا مدي تأثير الغياب السياسي للاقباط، لدرجة لم تعد هناك قيادات قبطية معروفة من عامة الناس، بل لم تعد هناك قيادات قبطية سياسية لها قاعدة جماهيرية بين الاقباط انفسهم، ولم يبق في الساحة الا بعض الاسماء القبطية، والتي تمثل رجال الاعمال المرتبطين بالنظام السياسي. وقال التقرير إنه مع هذا الغياب الواضح، نري قدرا من الغياب الملحوظ للاقباط في مختلف التيارات السياسية، بل في مختلف النشاطات العامة، وهذا الوضع يعقد مسألة الغياب السياسي القبطي فلم يعد هناك من بين الاقباط رموز سياسية يمكنها ان تمارس العمل السياسي في الاحزاب السياسية المختلفة، وكأننا في مرحلة تحتاج الي اعادة تحريك السياسة بين الاقباط. ووضع التقرير تصورا للخروج من هذه الازمة يتمثل في خروج المجتمع ككل من حالة الجمود السياسي والركود الاجتماعي الحالي، وربما تكون حالة الجمود في نهاية الامر اكثر تأثيرا علي الجماعات الاقل عددا، والتي تنسحب من الحياة العامة بصورة ملحوظة وربما يفسر هذا الغياب الكبير من الحياة العامة، سر تجمع الاقباط في ظل الكنيسة وتركز نشاطهم في العقود الاخيرة علي النشاط الكنسي او النشاط داخل الكنيسة، وربما يكون هذا تعويضا عن انسحابهم من مجالات النشاط العام المختلفة. ويري التقرير ان تفعيل دور الاقباط السياسي وتزايد تواجدهم ومشاركتهم السياسية، مرتبط اساسا بما يمكن تحقيقه من حراك سياسي واجتماعي، ومن المهم التأكيد علي تفعيل النشاط الاهلي الاجتماعي في الجمعيات الاهلية، ومنها الجمعيات الخيرية القبطية بما يمثل بعدا مهما، حيث يكون نطاقا لظهور القيادات الجماهيرية، والتي تحصل علي تأييد الاقباط والمسلمين، ويكون لها تواجدها الاجتماعي، والذي يؤسس لتواجدها السياسي، مؤكدا انه من الضروري مع تصاعد حالة الحراك السياسي، والعمل علي تحفيز الاقباط علي الخروج من حالة الانسحاب السياسي الراهنة، وبالطبع نتوقع استجابة الاقباط، لحالة الحراك السياسي بصورة تدريجية وربما بدرجة اقل من استجابة المجتمع عامة، مع ان علي الكنيسة دورا مهما فبعد احتماء الاقباط بالكنيسة، سيكون علي قادة الكنيسة ادراك عدم قدرتها علي تمثيل كل مجالات النشاط للاقباط، وعدم قدرتها علي سد الفراغ الناتج عن الغياب السياسي للاقباط، كما ستدرك الكنيسة في النهاية، ان حالة الحراك السياسي تتطلب تفاعلا من الاقباط في المجال السياسي ومع القوي السياسية المختلفة، وهو امر لا تقدر عليه الكنيسة ولا يناسبها.