رفضت قيادات قبطية معظم ما ذكره تقرير مركز سواسية لحقوق الانسان عن اسباب ابتعاد الاقباط عن العمل العام والمشاركة السياسية وتدني تمثيلهم في البرلمان، وأكد الاقباط ان التقرير افتقد في عرضه وتحليله للحياد والموضوعية، وغلب عليه طابع تصفية الحسابات بين الاخوان المسلمين والنظام السياسي، فضلا عن تعمده اظهار وجهات نظر وآراء بعينها، وتهميش اخري، وأكد الاقباط ان التقرير تعمد اخفاء دور الجماعات الاسلامية والاخوان المسلمين في عزلة الاقباط، وأكدوا ان هذه الجماعات والاخوان لعبوا الدور الاكبر في ذلك، وانهم ما زالوا يلعبونه حتي الان. من جانبه يقول القمص مرقص عزيز كاهن الكنيسة المعلقة بمصر القديمة الاقباط لم ينسحبوا وسيكون لهم دور كبير وايجابي خلال الفترة المقبلة، وان كانوا يشعرون بان كل ما يحيط بهم معتم لان الحكومة تتجاهلهم والاخوان المسلمين صرحوا بانه لا توجد مشاكل للاقباط في مصر وهو ما سيدفع الاقباط لمزيد من العمل وليس الي التقوقع. ويري القمص عزيز ان ازمة الاقباط في مصر بدأت قبل ثورة 23 يوليو بكثير، ولم تبدأ بعد الثورة كما اشار التقرير عندما ذكر ان مجلس قيادة الثورة خلا من قبطي واحد، ويقول مرقص لقد بدأت المشاكل منذ 150 عاما وهو عمر الخط الهمايوني في مصر، ويقول هذه الازمة ظهرت بعد الثورة . ويقول لقد عاب التقرير علي الاقباط لجوءهم للكنيسة، وانا اقول ماذا يفعل الاقباط؟ اذا لجأوا للكنيسة يواجهون بانهم خلقوا من الكنيسة دولة داخل الدولة وقيل لهم الجأوا للقنوات الشرعية سواء وزارة العدل او الداخلية لحل مشاكلكم. وقد حدث هذا بالفعل عندما حدثت مشكلة في احدي الكنائس بمصر القديمة وذهب 13 كاهنا لمقابلة وزير العدل ورفض طلبهم وبعد اصرار منهم قابلهم احد اللواءات واستمع الي شكواهم الا ان الشكوي ظلت حبيسة الادراج، ويقول مرقص من حقي ان اتساءل الي من يلجأ الاقباط فيما بعد؟ ويستنكر مرقص عزيز تجاهل التقرير الحديث عن دور الجماعات والتيارات الاسلامية في تهميش الاقباط، ويقول لقد قامت هذه الجماعات ومنها الاخوان المسلمين بدور كبير ومؤثر في ذلك، وللاسف فانها لا تزال تعلب هذا الدور، وما زالت التيارات الاسلامية تقاوم تواجد الاقباط وتعمل علي ابعادهم عن العمل العام. ويري الباحث القبطي هاني لبيب ان التقرير تعمد عند الحديث في قضية الاقباط ان يصدر فكرة الاغلبية والاقلية، كما غلب عليه اظهار اراء بعينها وتهميش اخري عند وصفه لاسباب غياب الاقباط فمثلا حاول التقرير ان يلقي بالكرة في ملعب الدولة والكنيسة، وهمش تماما او بالاحري لم يتحدث عن دور الجماعات الاسلامية، بمسمياتها المختلفة ومنها الاخوان المسلمين في هذا الشأن فعندما يذكر التقرير من ضمن الاسباب عدم وجود اي قبطي ضمن مجلس قيادة الثورة فان ذلك يدخل في نطاق تصفية الحسابات والقاء المسئولية علي الثورة ورجالها، ويقول هاني ان الانسحاب من الحياة السياسية لم يقتصر علي الاقباط فقط كما حاول التقرير ان يظهره وانما الانسحاب شمل جميع الفئات والتيارات السياسية. ويستطرد هاني في الرد علي ما جاء في التقرير قائلا ان حديث التقرير عن لجوء الاقباط للعمل الحر وتفسير ذلك بانهم نظروا اليه علي انه عمل آمن غير دقيق لانه كان هناك تهميش للاقباط في المناصب القيادية والسياسية فضلا عن التهميش الذي مورس ضدهم من قبل الاعلام القومي والحزبي طيلة فترة حكم الرئيس الراحل انور السادات، ويقول هاني ان التقرير ذكر شيئا غير مبرر علي الاطلاق عند حديثه عن النشاط القومي للاقباط داخل التنظيمات السرية والشيوعية، ويري هاني بخلاف ما ذكره التقرير عن اسباب انكماش الاقباط داخل الكنيسة ان السبب كان انسحاب الدولة من مسئولية حل مشاكلهم ولم يجد الاقباط احدا يسمع شكواهم الا الكنيسة، وعلي الجانب الاخر فقد اختزلت الدولة الاقباط خاصة في الشأن السياسي، واوقات التوترات الطائفية في الكنيسة، ويقول رغم ان هذه حقيقة واضحة الا ان التقرير تجاهلها وفسر الامر بالمنطق الاخواني عندما اكد ان ارتباط الموقف السياسي للاقباط بالكنيسة جاء علي اساس ان السلطة في مصر لا تتغير وان السلطة هي الدولة، واهمل التقرير هنا ان المسيحية المصرية لا تعمل بالسياسة لان ادبياتها ضد العمل السياسي ولا تمتلك برنامجا او خطابا سياسيا، فمن الممكن ان يكون لها موقف سياسي الا انها ليس لها نشاطا سياسي، فالكنيسة المصرية طوال تاريخها لم تصطدم بالسلطة الوطنية، بل الامر خلاف ذلك تماما لانها عند الصلاة تصلي للزرع والنيل والحاكم والرئيس، ويدلل هاني علي ذلك بان الكنيسة بعد تأييدها لمبارك في الانتخابات الرئاسية الاخيرة الجميع هاجمها، ويقول لقد ايدت الكنيسة مبارك في بيان رسمي صادر عن المجمع المقدس الذي يضم جميع الرتب القيادية بالكنيسة ولا يضم اي قبطي عادي، وهذا البيان كان ملزما لرجال الدين فقط لكنه لم يكن ملزما لعموم الاقباط. وينتقل هاني الي نقطة تمثيل الاقباط في البرلمان قائلا لا يمكن اعتبار عدد الاقباط في البرلمان سواء بالانتخاب او التعيين دالا علي عدد الاقباط في مصر او مدي تواجدهم الاجتماعي والسياسي وثقلهم لان الانتخابات تتحكم فيها عوامل بعيدة تماما عن المعايير الموضوعية مثل المال والقبلية والشللية، ولا يتم الانتخاب علي اساس برامج سياسية او حزبية حقيقية. وفي النهاية يقول ان غياب الاقباط عن الساحة السياسية لم يتسبب فيه الاقباط كما اكد التقرير، وانما هي مشكلة اطرافها عديدة منها الدولة والاحزاب السياسية والمجتمع المدني، ويري ان الحل ليس في مبادرة الاقباط بالانخراط في الحياة العامة وانما فيما يجده الاقباط من عوامل مساعدة علي ذلك ودعم من جميع القطاعات والمؤسسات الرسمية والحزبية والاهلية. وانتقد هاني عزيز مستشار الاتحاد العام للمصريين في الخارج، التقرير مؤكدا انه لم يكن منصفا في عرضه وتحليله للقضية واسبابها ، وقال ليس صحيحا انه لا توجد كوادر وقيادات قبطية في مصر تستطيع المشاركة وأخذ دور في الحياة العامة وعلي العكس تماما فهناك العديد والكثير من الكوادر القادرة علي ذلك، وانما المشكلة في انهم لا يحصلون علي فرصتهم في ذلك، فمثلا الحزب الوطني من جانب لم يهتم ببناء كوادر جديدة، ومن جانب اخر تجاهل الكوادر القبطية الموجودة ولم يعتمد عليهم او يضعهم علي اجندته وقوائمه الانتخابية، ويقول ان الوضع بالنسبة لباقي الاحزاب لا يختلف كثيرا خاصة انها احزاب ليست بالقوة المطلوبة ولا تستطيع الحصول علي حقوقها واثبات تواجدها فكيف تستطيع ان تبرز دور الاقباط؟ ويقول هذا بالاضافة الي الصعوبة الشديدة التي يراقبها من يتصدي للعمل العام كمستقل، وضيق الفرصة امامه. ويري د. هاني عزيز ان التقرير اخطأ عندما اتهم الاقباط باللجوء للكنيسة والاعتماد عليها واعتبر ذلك ظلما قائلا لم ينكمش الاقباط داخل الكنيسة بشكل كامل، ولم يختزلوا شخصياتهم ومواقفهم واراءهم فيها، وهناك نماذج كثيرة لاقباط بعيدين عن الكنيسة وكلهم اشخاص ناجحين ولهم تواجد في العمل والحياة العامة. ويري عزيز ان مسئولية غياب الاقباط مسئولية مشتركة بين الجميع سواء الدولة او الاقباط انفسهم او الاحزاب السياسية والمجتمع المدني، ويقول ان كان مطلوبا من الاقباط ان يبادروا بالعمل ويشتركوا في الحياة العامة فايضا مطلوب من الدولة ان تساعدهم ومطلوب من المجتمع الاهلي والاحزاب السياسية ان تتبني المبادرة وان تقدم لها الدعم، ويقول لا يجب ان نلقي بالمسئولية علي عاتق الاقباط لان اي فئة سواء الاقباط او غيرهم لا يمكنهم العمل بشكل فردي ودون دعم ومناخ يساعد علي العمل.