زكي القاضي : الرئيس السيسي حريص على مشاركة المجتمع المدني في خدمة المواطنين ورعايتهم    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 7-6-2024 بعد آخر ارتفاع بالصاغة    أعلى عائد.. تحقيق 16 مليون جنيه صكوك أضاحي خلال 24 ساعة و«مختار جمعة»: شكرًا لثقتكم    هجوم حاد بإسرائيل على جوتيريش بعد إدراج جيشها في قائمة العار    إسرائيل تزعم مقتل قيادي بارز في حماس برفح الفلسطينية    باريس تسلم كييف طائرات ميراج المقاتلة.. زيلينسكى أمام البرلمان الفرنسى: أوروبا لا تنعم بالسلام.. وروسيا تتهم ماكرون بتأجيج التوترات    الأمم المتحدة تكشف عن موقف جوتيريش من المشاركة فى قمة السلام الأوكرانية بسويسرا    كرة سلة - الاتحاد يحسم المباراة الأولى بفوز مثير على الأهلي في نهائي دوري السوبر    الدجلاوية هانيا الحمامي تتأهل لنصف نهائي بطولة بريطانيا المفتوحة للإسكواش    غريق ثان في نيل الأقصر.. جهود للعثور على جثة شاب هرب من حرارة الجو    تنازل عن المحضر.. المطرب أحمد جمال يتصالح مع ضحية حادث التصادم على طريق الفيوم    حصاد وزارة التضامن الاجتماعي خلال الأسبوع الماضي    مصرع شاب صعقا بالكهرباء بمركز صدفا في أسيوط    غداً.. وزارة الثقافة تطلق الدورة ال 46 لمهرجان الأقاليم المسرحية    بدء حفلة عمر خيرت وسط حضور جماهيري كبير بقصر عابدين    حظك اليوم| برج السرطان السبت 8 يونيو .. أبواب الربح والنجاح تُفتح أمامك    دعاء 2 أيام العشر من ذي الحجة 1445ه    فحص 1099 مواطنا في قافلة طبية ضمن مبادرة حياة كريمة بدمياط    "هتتطبق يعني هتتطبق".. برلماني يعلق علي زيادة أسعار الأدوية    القاهرة الإخبارية: آليات الاحتلال تحاصر القرية السويدية واشتباكات برفح الفلسطينية    تعديلات قانون الإيجار القديم 2024 للشقق السكنية والمحلات    محافظ كفرالشيخ يتابع جهود الزراعة للمحاصيل الصيفية وندوات توعوية للمزارعين    مسؤول حماية مدنية فى السويس يقدم نصائح لتجنب حرائق الطقس شديد الحرارة    أحكام الأضحية.. ما هي مستحبات الذبح؟    وزير التربية والتعليم: بدأنا تطبيق التعليم الفني المزدوج بالمدارس التكنولوجية وسنتوسع فيها    مستشار الرئيس الفلسطيني: إدارة قطاع غزة حق للسلطة    جامعة طنطا تطلق قافلة تنموية شاملة بمحافظة البحيرة بالتعاون مع 4 جامعات    وزير الصناعة يستعرض مع وزير الزراعة الروسى إنشاء مركز لوجيستى للحبوب فى مصر    المتحدث باسم وزارة الزراعة: تخفيضات تصل ل30% استعدادًا لعيد الأضحى    نتيجة الإبتدائية والإعدادية الأزهرية 2024 بالاسم "هنا الرابط HERE URL"    استبعاد كوبارسي مدافع برشلونة من قائمة إسبانيا في يورو 2024    الأمم المتحدة: شن هجمات على أهداف مدنية يجب أن يكون متناسبا    "الهجرة": نحرص على المتابعة الدقيقة لتفاصيل النسخة الخامسة من مؤتمر المصريين بالخارج    أوقفوا الانتساب الموجه    كيف تحمي نفسك من مخاطر الفتة إذا كنت من مرضى الكوليسترول؟    الناقد السينمائي خالد محمود يدير ندوة وداعا جوليا بمهرجان جمعية الفيلم غدا    مفتى السعودية يحذر من الحج دون تصريح    الأوقاف: افتتاح أول إدارة للدعوة بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل نهاية الشهر الجاري    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    «التعليم العالي»: تحالف جامعات إقليم الدلتا يُطلق قافلة تنموية شاملة لمحافظة البحيرة    ميسي يعترف: ذهبت إلى طبيب نفسي.. ولا أحب رؤيتي    الانتخابات الأوروبية.. هولندا تشهد صراع على السلطة بين اليمين المتطرف ويسار الوسط    وزير الزراعة يعلن فتح اسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    الموسيقات العسكرية تشارك في المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية    "الإفتاء": صيام هذه الأيام في شهر ذي الحجة حرام شرعا    تفاصيل موعد جنازة وعزاء المخرج المسرحي محمد لبيب    في ذكرى ميلاد محمود مرسي.. تعرف على أهم أعماله الفنية    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في موسم ليفربول    ضبط المتهمين بالشروع في قتل سائق وسرقة مركبته في كفر الشيخ    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    عضو مجلس الزمالك: يجب إلغاء الدوري في الموسم الحالي.. ومصلحة المنتخب أهم    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    مفاجأة.. دولة عربية تعلن إجازة عيد الأضحى يومين فقط    الأوقاف تفتتح 25 مساجد.. اليوم الجمعة    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميل جيبسون والحرب علي لبنان
نشر في نهضة مصر يوم 16 - 08 - 2006

في وقت كان العدوان الإسرائيلي علي لبنان وفلسطين يبلغ ذروته حتي طفق الجيش الإسرائيلي يمعن في إزهاق أرواح المئات من الأطفال والنساء والشيوخ علي الصعيدين الفلسطيني واللبناني، وبينما كان العالم يستنكر الفتوي التي أصدرها كبار حاخامات اليهود، والتي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية الشهر الماضي.
وتقضي بجواز قتل الإسرائيليين للمدنيين الفلسطينيين أو اللبنانيين أو ما سواهم استنادا إلي تصور لديهم مؤداه أن لا وجود في العالم لحرب يمكن التمييز فيها بين الأبرياء من المدنيين كالأطفال والنساء من جهة وبين الجيوش المحاربة من جهة أخري، لاحت في الأفق الدولي قضية الممثل والمخرج الأمريكي، ذي الأصول الأسترالية، ميل جيبسون، الذي إتهم نهاية الشهر الماضي بإطلاق تصريحات معادية للسامية إبان توقيفه من قبل شرطة كاليفورنيا في مدينة ماليبو الساحلية علي بعد 25 كلم غرب لوس انجلوس، بسبب قيادته للسيارة وهو مخمور في ساعة مبكرة، حيث صرح جيبسون، بعد أن سأل الضابط عما إذا كان يهوديا أم لا، بأن اليهود السفلة هم المسئولون عن جميع الحروب والمنازعات التي يشهدها العالم.
وبالرغم من أن جيبسون قد أفاض في اعتذاره عن تلك التصريحات مؤكدا أنها صدرت منه وهو فاقد لإتزانه ووعيه، وأنه لم يقصد أبدا تجريح اليهود، الذين اعترف للمرة الأولي بالإساءة اللفظية لهم، و عرض تقديم أي قربان يرونه مناسبا وترضاه المنظمات اليهودية العالمية من أجل الصفح عنه، إلا أن النجم الهوليوودي لم ينج من المآل الذي يؤول إليه كل من تسول له نفس التجاسر علي انتقاد اليهود أو إدانة السياسات الإسرائيلية مهما بلغت تجاوزاتها.فإلي جانب الهجوم الذي قوبل به جيبسون علي خلفية تصريحاته من داخل الدوائر اليهودية داخل الولايات المتحدة، امتدت حملة الهجوم عليه لتشمل كل أرض يقطنها يهود، ففي إستراليا مسقط رأس ميل جيبسون، أدانت تصريحاته المناهضة لليهود جمعية استرالية يهودية، واتهمته بمعاداة للسامية، حتي أن فيك ألهاديف المسئول عن الجمعية ورئيس كتلة النواب اليهود في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية، أكد في حديث مع إحدي الإذاعات الاسترالية أن تصريحات ميل جيبسون حيال اليهود إنما تتسم بالعنصرية وتمعن في التحريض علي كراهية اليهود حول العالم.
وظني أن خطورة أو أهمية تصريحات ميل جيبسون بشأن اليهود لا تكمن في مضمونها أوما تنطوي عليه من إشارات مهمة و رسائل جديرة بالتوقف عندها فحسب، وإنما تتجلي أيضا في توقيت إطلاقها والسياق الذي صدرت في غضونه. إذ تزامنت تلك التصريحات مع العدوان الإسرائيلي الغاشم علي الفلسطينيين واللبنانيين، وتحديدا بعد إرتكاب الطيران الحربي الإسرائيلي لمجزرة ثانية في ضاحية قانا بالجنوب اللبناني مخلفا عشرات القتلي ومئات الجرحي الذين شكل الأطفال غالبيتهم .فضلا عن أن النجم الهوليودي الكاثوليكي قد تفوه بتلك التصريحات وهو ثمل، لكنه كان قادرا علي قيادة سيارته بدقة علي طريق ساحلية ملتوية تستوجب حدا أدني من اليقظة والتركيز والتوازن العصبي، ما يشي بأن جيبسون كان يعي جيدا ويعني إلي حد كبير ما تلفظ به من إتهامات لليهود بإشعال الحروب والنزاعات في كل زمان ومكان.
وأحسب أن الأمر لا يختلف كثيرا حالة ما إذا كان جيبسون ثملا بحيث لا تعدو تصريحاته أن تكون ضربا من الهذيان، فههنا يكون النجم الهوليودي معبرا بصدق عما يعتمل ويترسخ في دهاليزعقله الباطن، الأمر الذي يعتبره عالم النفس النمساوي الشهير سيجموند فرويد تفريغا للكبت الناجم عن إضطرار صاحبه لإخفاء بعض الحقائق أو الآراء التي يتبناها أو يعتقد فيها داخل عقله الباطن تجنبا للتداعيات السلبية التي قد تترتب علي المجاهرة بها، لكنها لم تلبث أن تخرج إلي العلن في حالات معينة من بينها الهذيان عند الثمالة مثلما حدث مع ميل جيبسون.ففي كلتا الحالتين، حاول جيبسون، باعتباره فنانا مثقفا صاحب رؤية وملما بما يدور حوله من أحداث عالمية علي كافة الأصعدة، أن يعبربشيء من الحذر عن ضيقه بالممارسات اللاإنسانية للدولة العبرية ولبعض اليهود حيال إخوانهم في الإنسانية.
يضاف إلي ذلك أن حادثة ميل جيبسون الحالية بما تستتبعه من مواجهات بينه وبين اليهود داخل أمريكا وخارجها، قد وقعت بعد مرور زهاء عامين فقط من الأزمة الكبري التي شهدتها هوليود وتخللتها مواجهات بين جيبسون واليهود في أعقاب تبني جيبسون إنتاج وإخراج فيلمه الشهير "آلام المسيح" في العام 2004، وهو الفيلم الذي إستعرض بإستفاضة وتفصيل متعمدين الساعات الأخيرة في حياة السيد المسيح متخذا القراءة الحرفية للإنجيل مرجعية لأحداث الفيلم وحواراته، وذلك بعد أن أبت هوليوود المشاركة في صناعة فيلم يحمل اليهود بشكل مباشر وصريح مسؤولية قتل المسيح بعد الإمعان في تعذيبه والتفنن في ملاحقته. حيث لم يشفع النجاح المدوي للفيلم حول العالم وكذا إيراداته الضخمة التي قاربت 700 مليون دولار لجيبسون لدي الرأي العام اليهودي، والذي لاحق ميل جيبسون متهما إياه بمعاداة السامية والتحريض علي كراهية اليهود. ومن هنا، تكتسب حادثة جيبسون الأخيرة أهمية خاصة لأنها تسكب المزيد من الزيت علي توتر العلاقات بين جيبسون واليهود، الذين يرتأونه كاثوليكيا متطرفا، مناهضا لليهود ومعاديا للسامية لأنه بدا وكأنه يتبني إتجاها فكريا وفنيا ثابتا يناهض من خلاله ممارسات اليهود ويحرض الرأي العام العالمي ضد سياسات الدولة العبرية.
ولعل جيبسون يتضرع إلي ربه هذه الأيام كيما يتجنب المصير الذي سبقه إليه الفنان الفرنسي الساخر ديو دونييه، الذي كان قدأعلن ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة، وذلك بعد أن احتلت أخبار تصريحاته المعادية لسياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إريل شارون أعمدة كبريات الصحف الفرنسية، وبعد أن شاع أمرمقارنته مأساة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية بما حدث للزنوج من تهجيرواستعباد ما بين أفريقيا والعالم الجديد خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، وهو الأمر الذي وضعه في مواجهة حكم بالإدانة أصدرته في حقه، للمرة الأولي، محكمة باريس بتهمة الحث علي التمييز والكراهية والعنف. وكان الفنان الفرنسي، الذي ينحدر من أصول أفريقية سوداء، قد صرح في مقابلة صحافية نشرت في باريس أوائل عام 2004، بأن إسرائيل قامت بتمويل النظام العنصري في جنوب أفريقيا ودعمت مشاريعه ومخططاته الرامية وقتئذ إلي التخلص من المواطنين السود، وأطلق دونييه عبارته الشهيرة" أن كل هؤلاء اليهود الذين انتقلوا من تجارة العبيد الي تملك المصارف ودور العرض، واليوم إلي العمل الإرهابي، هم من أنصار سياسة إرييل شارون". ولقاء ذلك، تلقي ديو دونييه حكما بدفع غرامة قدرها خمسة آلاف يورو، توجه إلي عدد من الجمعيات الفرنسية المناهضة للعنصرية وإلي اتحاد الطلبة اليهود في فرنسا، فضلا عن تحميله تكاليف نشر الحكم في أربع صحف فرنسية ليكون عبرة لمن يعتبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.