تحتل وسائل الإعلام أهمية خاصة بالنسبة للجمعيات الأهلية فالإعلام يساعد الجمعيات الأهلية علي مخاطبة المجتمع المحلي ككل، وشرح أهدافها للفئات المستفيدة ولشرائح المجتمع بشكل عام، أي أن الإعلام يعتبر الأداة التي تتواصل بها الجمعية مع المجتمع، ومن منطلق هذه الأهمية، فقد أدركنا كجميعات أهلية أهمية وجود شراكة حقيقية بيننا وبين الإعلام. ولبناء هذه الشراكة علي أساس موضوعي، كان من المهم في البداية أن نحلل الجمعيات الأهلية في الإعلام بجميع أبعادها. وفي هذا الإطار، قامت جمعية نهوض وتنمية المرأة بدراسة تحليلية لعدد من الأعمال الصحفية من حيث الشكل والمضمون والتي تم نشرها علي مدار ثلاث سنوات وهي "من 2004 إلي 2006"، وحاولت فيها أن تستخلص الصورة التي يطرحها الإعلام للجمعيات الأهلية ومدي مطابقة هذه الصورة للواقع. وكان من أهم الملاحظات خلال هذه الدراسة أن هناك صورة مغلوطة يقدمها الإعلام للجمعيات الأهلية، كما تبين لنا أن الشكل الصحفي "الخبر" قد احتل النسبة الأكبر بين الموضوعات التي ناقشت صورة الجمعيات الأهلية، حيث بلغت حوالي 76.2% من إجمالي الموضوعات التي تم رصدها خلال الفترة موضع الدراسة. وربما ترجع الصورة المغلوطة التي يقدمها الإعلام للجمعيات الأهلية إلي عدد من العوامل منها: ضعف قدرة الجمعيات الأهلية علي توصيل صوتها للرأي العام وضعف قدرتها الاتصالية. ضعف قواعد البيانات والمعلومات لدي بعض الجمعيات الأهلية، وغياب اللجان المتخصصة مثل لجنة الإعلام والعلاقات العامة في الغالبية العظمي منها مما أدي إلي التأثير بالسلب علي قدرتها علي الإعلان عن أنشطتها. ان الإعلام لا يهتم دائما بالعرض لما تقوم به الجمعيات الأهلية في الأقاليم. ان الإعلام يركز في نشره لأنشطة الجمعيات الأهلية علي أخبار صغيرة، وعند نشره للسلبيات فإنه ينشرها في شكل تحقيقات مطولة بمنشتات كبيرة. ضعف التوثيق في عمل الجمعيات الأهلية، وبالتالي ندرة المادة التي يحتاجها الإعلام. ومن هذا المنطلق، فقد وجدنا أنه يجب أن نصل معا كإعلام وكجمعيات أهلية إلي لغة مشتركة، حيث إن العلاقة بين الإعلام والجمعيات الأهلية هي علاقة في الاتجاهين، فكلاهما يغذي الآخر ويتفاعل معه. وقد كانت لنا بعض التوصيات والمقترحات من شأنها التوصل إلي هذه الشراكة التي نسعي إليها وهي: مطلوب من الإعلام أن يعرف الجمهور بأنشطة المجتمع المدني، وألا يكون ذلك في صورة إطار خبري محض، ولكن من خلال تغطية تحليلية نقدية تبين دورهم كجماعات مصالح ضاغطة. ضرورة تخصيص باب ثابت في الجرائد القومية والمستقلة والحزبية وكذلك بالنسبة للإذاعة والتليفزيون لمتابعة الأنشطة التي تقوم بها الجمعيات الأهلية، ليكون بمثابة النافذة التي تطل منها الجمعيات الأهلية. عمل لوبي في الوسط الإعلامي واستقطاب الإعلاميين كأفراد وليس كمؤسسات ليكونوا شركاء في العمل الإعلامي والتنموي. علي الإعلام أن يأخذ موقف المبادر، بدلا من مجرد عكس الوضع القائم، وذلك للمساعدة في تشكيل والتأثير علي الرأي العام أو صانعي القرار. إنشاءإدارات مستقلة للإعلام والعلاقات العامة في الجمعيات الأهلية، وعلي الجمعيات الأهلية أن تقوم بتوثيق نشاطاتها وخبرتها ليسهل الاطلاع الإعلامي عليها وأن تزيد الجمعيات الأهلية من اتصالها بالإعلام بطريقة منظمة "صحافة وإذاعة وتليفزيون" للاطلاع علي أنشطتها والقضايا التي تدافع عنها. إن الجمعيات الأهلية الآن تقوم بدور مهم ورئيسي في التنمية المستدامة لا بديل عنه، وذلك من خلال القضايا التي تتبناها.. وحتي تتمكن الجمعيات الأهلية من أداء دورها "كقطاع مواطنة" فلا بديل عن الشراكة الحقيقية مع الإعلام وذلك لتعبئة المواطنين نحو المشاركة في جهود التنمية. وأخيرا أعود فأؤكد علي أن الجمعيات الأهلية تحتاج إلي النشر عنها لا ليصفق لها أحد، ولكنها تريد النشر لأنها من المفترض أن تمثل جماعات مصالح ضاغطة، وجزء من دورها في هذا الإطار هو ما تنشره من آراء وأفكار وما تطالب به من خلال وسائل الإعلام، ولا نغفل هنا أن كثيرا من الجمعيات الأهلية نجحت بالفعل في تغيير قوانين، وخاصة فيما يتعلق بقضايا المرأة، مثل النجاح الذي حظيت به جمعية نهوض وتنمية المرأة في قضايا منح جنسية الأم المصرية لأبنائها، ونجاح رابطة المرأة العربية مع قضية دخول المرأة للقضاء