تجليس أساقفة جدد في إيبارشيات وسط وجنوب مصر لدعم التنمية الروحية    كيف تحدد الإجازات الاستثنائية لأصحاب الأمراض المزمنة؟    التعليم تحبط محاولات اختراق إلكتروني لصفحتها الرسمية على «فيسبوك»    من 0.09% إلى 2.3%.. رحلة صعود الطاقة الشمسية في مصر    5 وزراء يجتمعون لمتابعة الموقف الحالي لمنظومة «الرقم القومي العقاري»    البولنديون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية حاسمة    اتحاد الكرة يطبيق معايير "مكافحة المنشطات" في المسابقات    ضبط المتهم بقتل وإصابة 3 أشقاء في نجع حمادي    سقوط أعمدة وعقارات.. الحكومة توضح خسائر عاصفة الإسكندرية    تنظم زيارة لوفد البنك الدولي للمنشآت والمشروعات الصحية في الإسكندرية    متحدث الصحة: رفع درجة الاستعداد القصوى في المستشفيات استعدادا لاستقبال عيد الأضحى    "مواجهة حاسمة".. ماسكيرانو يتحدث عن أهمية مباراة الأهلي في كأس العالم    بعد تداول امتحان دراسات الإعدادية بالقاهرة.. اسم اللجنة يفضح مصور البوكليت    62 عامًا من الوحدة    الصين تتهم وزير الدفاع الأمريكي بتجاهل دعوات السلام من دول المنطقة    حريق في غابات السفكون بريف االلاذقية    محافظ أسيوط يشهد الحفل الختامي لأنشطة مدارس المستقبل    قوات حرس الحدود توجه ضربة لمهربى المخدرات    بيراميدز يتحدى صن داونز لتحقيق حلم حصد لقب دوري أبطال إفريقيا    محمد شكرى يبدأ إجراءات استخراج تأشيرة أمريكا للسفر مع الأهلى للمشاركة في كأس العالم للأندية    التاريخ لن يقف أمام الصراعات.. بل سيذكر اسم البطل الكورة بتتكلم أهلى    حدث منذ قليل .. وزارة التعليم تتصدى لاختراق الصفحة الرسمية لها على فيس بوك    بدء تشغيل الأتوبيس الترددي على الطريق الدائري    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    إنفوجراف| «الأرصاد» تعلن حالة الطقس غدًا الإثنين 2 يونيو 2025    إجراءات مشددة لتأمين ضيوف الرحمن تيسير الحج    "روز اليوسف" تحقق: مفاجأة.. بيوت ثقافة موصى بغلقها تم تجديدها فى 2024 ورطة الوزير فى ثقافة الجماهير!    مصر أولا.. الثقافة.. ملف أمن قومى وليست أزمة إدارة الاستثمار الثقافى وتجريف الوعى المصرى!    أبرزها جبل الطير وحارة زويلة الكنيسة القبطية تحتفل برحلة العائلة المقدسة فى مصر    مصطفى حجاج يغني مع إسلام كابونجا "على وضع الطيران"    شريف مدكور: «نفسي أقدم برنامج ديني بدون مقابل»    ريهام عبدالغفور: تكريم جديد يكلل مسيرتي بدور استثنائي عن «ظلم المصطبة»    دعاء اليوم الخامس من شهر ذي الحجة 1446 والأعمال المستحبة في العشر الأوائل    «الإفتاء»: الأضحية من أعظم القربات إلى الله ويجب أن تكون مستوفية للشروط    دون تخوين أو تكفير.. قضايا الميراث تريد حلا    أحلف بسماها .. رموز مصرية فى المحافل الدولية    غدًا.. وزير العمل يترأس وفد مصر الثلاثي المشارك في فعاليات الدورة ال 113 لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    وزارة الصحة: التدخين يتسبب في وفاة أكثر من 8 ملايين شخص كل عام    2700 مستفيد من قافلة جامعة عين شمس التنموية الشاملة لمحافظة سوهاج    «مكافحة العدوى» تحتفل باليوم العالمي لغسيل الأيدي بمستشفيات «سوهاج»    رحلة العائلة المقدسة.. أكثر من ثلاثين دولة تخلدها على طوابع بريد    إصابة 13 شخصا إثر حادث انقلاب سيارة ربع نقل على طريق العلاقي بأسوان    روسيا: الجسر المنهار لحظة مرور قطار الركاب تعرض لتفجير    لهذا السبب.. خالد النبوي يتصدر تريند "جوجل"    هل يجوز الدعاء بشيء وأنا أعلم أنه شر لي؟.. الإفتاء تجيب    "استمر 3 ساعات".. السيطرة على حريق سوق السيراميك بالمرج- صور    ثالث المتأهلين.. باريس سان جيرمان يحجز مقعدًا في إنتركونتيننتال 2025    حماس: وافقنا على مقترح ويتكوف كأساس للتفاوض.. ورد إسرائيل لم يلبِ الحد الأدنى لمطالبنا    لحق بأبنائه.. استشهاد حمدى النجار والد الأطفال ال9 ضحايا قصف خان يونس    حسام باولو: عيب على مهاجمي الدوري تتويج إمام عاشور بلقب الهداف لهذا السبب    الإفتاء تحسم الجدل.. هل تسقط صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد؟    موقف حرج يتطلب منك الحزم.. حظ برج الدلو اليوم 1 يونيو    بسبب قطعة أرض، مقتل وإصابة 4 أشخاص والقبض على 13 في مشاجرة بسوهاج    قرار وزاري.. الدكتور السيد تاج الدين قائمًا بأعمال مدينة زويل    «شاغل نفسه ب الأهلي».. سيد عبد الحفيظ يهاجم بيراميدز لعدم الرد على الزمالك    الاحتلال ينسف منازل سكنية في القرارة شمال شرق خان يونس    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 1 يونيو 2025 بعد الانخفاض    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأحد 1 يونيو بعد الانخفاض بالصاغة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرة أخرى.. معاهدة الدفاع العربى المشترك
نشر في نهضة مصر يوم 27 - 07 - 2006

هذه ليست المرة الأولى التى أكتب فيها هذا المقال، فمن كثرة الأزمات العربية، ومن كثرة استخدام تعبير "تفعيل" اتفاقية الدفاع العربى المشترك من قبل جماعة المحللين الفضائيين العرب فى كل أزمة، فقد كان ضروريا فى كل مرة أن أعيد نشر هذا المقال أو الحجج الرئيسية فيه على الأقل. ولعشرات أو حتى مئات المرات ردد كثيرون الحديث عن هذه المعاهدة على أساس أنها تطلب من كل الدول العربية أن تذهب خفافا ثقالا لنصرة هذه الدولة العربية أو تلك التى تتعرض للاعتداء من نوع أو آخر وهذه المرة فإن النداء موجه من أجل لبنان التى تجتاحها الجيوش البربرية الإسرائيلية. ومع ذلك فإن تكرار الحديث عن المعاهدة لم يدفع أحدا أبدا للنظر للمعاهدة وما جاء فيها، والأهم ما جرى لها خلال نصف القرن الماضى، وعلى الأرجح أن أحدا لم يأخذ ما يقول به بشكل جاد من الأصل، وأن المسألة من أولها إلى آخرها هى محاولة لإحراج الدول العربية المختلفة ودفعها دفعا للتضحية بمصالح دولها وشعوبها وزجها فى أتون معركة لم تستعد لها ولم تحسب حسابها ووضعها على حساب أولويات أخرى قررتها.
ولأننا نتكلم كثيرا بينما نعرف قليلا فإن "معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادى بين دول الجامعة العربية"، والتى تم توقيعها فى دور الانعقاد العادى الثانى عشر لمجلس الجامعة بتاريخ 13 أبريل 1950 وانضمت لها الدول العربية على التوالى فيما بعد، تمثل تجربة فى العمل العربى المشترك تستحق التنويه. فمن ناحية فإن الاتفاقية جاءت استنادا إلى نص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة والتى تنص على حق الدول منفردة وجماعة على الدفاع عن نفسها ضد الاعتداء الخارجى. ومن ناحية أخرى فإن الاتفاقية استندت إلى التقاليد الخاصة بعمليات الدفاع الجماعى التى اتبعتها التحالفات الدولية المختلفة بحيث يمكن لها الانتصار وليس المقاومة أو الصمود أو التمثيل المشرف فى المواجهات العسكرية التى سوف تتعرض لها حالة ممارسة حق الدفاع الجماعى.
وصحيح أن المادة الثانية من الاتفاقية تقول صراحة "تعتبر الدول المتعاقدة كل اعتداء مسلح يقع على أية دولة أو أكثر منها، أو على قواتها، اعتداء عليها جميعا، ولذلك فإنها... تلتزم بأن تبادر إلى معونة الدولة أو الدول المعتدى عليها، وبأن تتخذ على الفور منفردة ومجتمعة جميع التدابير وتستخدم جميع ما لديها من وسائل بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لرد الاعتداء...". ولكن هذه المادة لا تقف معلقة فى الهواء، فقد سبقتها المادة الأولى التى تقول صراحة "تؤكد الدول المتعاقدة، حرصا منها على دوام الأمن والسلام واستقرارها، عزمها على فض جميع منازعاتها بالطرق السلمية، سواء فى علاقاتها المتبادلة فيما بينها أو فى علاقاتها مع الدول الأخرى". ومعنى ذلك أن الجهود السلمية التى كانت تقوم بها مصر وغيرها من الدول العربية وحتى السلطة الوطنية الفلسطينية كانت كلها جزءا أساسيا من تطبيق معاهدة الدفاع العربى المشترك بل إنها تشكل المادة الأولى فيها. ولحقت بالمادة الثانية الشهيرة المادة الثالثة التى تقول بأن تتشاور الدول المتعاقدة فيما بينها وهو ما لم يحدث مع لبنان أو حزب الله فيها، وكذلك مع دول عربية أخرى، فيما يخص التهديدات التى تهدد سلامة أراضيها. والحقيقة أن حزب الله لم يتشاور ليس فقط مع الدول العربية فى عملية خطف الجنديين الإسرائيليين، بل إنه لم يتشاور مع أى من السلطات اللبنانية بما فيها الوزارة التى يشارك فيها ولا البرلمان الممثل فيه ولا حتى وزارة الدفاع التى سوف يكون عليها المشاركة معه مواجهة رد الفعل الإسرائيلى المتوقع.
والأهم من ذلك أن المادة الرابعة تقول بضرورة تعاون الدول المتعاقدة فيما بينها لدعم مقوماتها العسكرية وتعزيزها وتشترك "بحسب مواردها وحاجاتها، فى تهيئة وسائلها الدفاعية الخاصة والجماعية لمقاومة أى اعتداء مسلح". ومعنى ذلك أنه لا تستطيع دولة عربية، أو مجموعة عربية من المفكرين والكتاب وأصحاب الأصوات الزاعقة فى الفضائيات العربية بتطبيق اتفاقية الدفاع العربى المشترك ما لم يكن هناك استخدام للطرق السلمية، وتشاور بشأن التهديدات، وتعاون من أجل زيادة القدرات العسكرية. ولا يجوز وفق أى منطق قانونى أو سياسى أن تطالب دول عربية بالدخول فى حروب خاسرة تندفع لها، أو تستدرج إليها، نظم وجماعات وحركات عربية ثورية وراديكالية تحترف الدخول فى معارك غير متكافئة وتسعى دوما لجر بقية الأمة وراءها.
ومن المدهش أن الأغلبية الساحقة من المعلقين العرب المتحدثين عن "النظام العربى" ومعاهدة الدفاع العربى المشترك لم يطلعوا لا على الاتفاقية ولا على ملحقها العسكرى وكلاهما ينصان على تشكيل لجنة عسكرية دائمة، ومجلس للدفاع المشترك، وكلاهما يعد الخطط العسكرية لمواجهة جميع الأخطار المتوقعة، ويقدم المقترحات لتنظيم قوات الدول المتعاقدة وزيادة كفاية قواتها من حيث تسليحها وتدريبها لتتمشى مع أحدث الأساليب والتطورات العسكرية. فهل سمع أحد مؤخرا عن اللجنة والمجلس وعمليات التنظيم والتدريب ورفع كفاية القوات المسلحة، وإذا كنا لم نسمع ونعرف تماما الأحوال فلماذا إذاً تصرخ قوى لا تكف عن الصراخ بيننا مطالبة بتطبيق اتفاقية يعلمون جيدا أنها لم يتم تطبيقها خلال السنوات الماضية. فهل اتضحت الأمور فيما يخص معاهدة الدفاع العربى المشترك وآن لمن يريد الحديث فيها أو غيرها أن يقول كلاما جادا؟!!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.