هل ستكون الولاياتالمتحدة أفضل حالا في حالة انتخاب إدارة ديمقراطية جديدة في عام 2008، وهل يمكن أن تنقذ هذه الإدارة الولاياتالمتحدة مما آلت إليه، وهل يعني هذا اقرارا بالفشل الجمهوري الذريع وتطلعا إلي حكم الديمقراطيين بعد 8 سنوات أغرقت فيها إدارة بوش الولاياتالمتحدة في مستنقعات متفرقة. الحزب الديمقراطي حدد أفكاره واستراتيجيته علي جميع الأصعدة الداخلية والخارجية في كتاب مهم تحت عنوان "كل قوتنا لدحر الجهادية بالدفاع عن الحرية". ففيما يتعلق بالداخل الأمريكي يدعو إلي تعظيم الاستفادة من الروح الوطنية التي سادت المجتمع بعد 11 سبتمبر، وإنشاء مؤسسة دفاعية جديدة وتقريب الفجوة بين الديمقراطيين والعسكر، إضافة إلي الاهتمام بالاقتصاد الذي تعرض إلي انتكاسة كبري بسبب الحروب التي خاضتها أمريكا. وعلي صعيد العلاقات الخارجية يتطلع الديمقراطيون إلي دور فاعل للأمم المتحدة، وإعادة بناء التحالف مع أوروبا مع اهتمام أكبر بالعولمة التي باتت ميدانا لمعركة غير واضحة المعالم، مع الاهتمام بقضية التهديدات النووية وأسلحة الدمار الشامل، وفيما يتعلق بالعالمين العربي والإسلامي يأتي الإسلام والعالم الإسلامي علي قمة الاهتمامات الديمقراطية، حيث تحتوي الوثيقة علي استراتيجية كبري للشرق الأوسط من منطلق أن الفقر يولد الإرهاب، وتعد الوثيقة بالعمل علي إنعاش اقتصاديات البلدان الإسلامية وزرع بذور الديمقراطية والليبرالية دون اللجوء إلي سياسة فرض خارجية للديمقراطية. أين القائد؟ ولعل التساؤل الأكثر إثارة في ضوء هذه القراءة هل وجد الديمقراطيون الوجه الناصع القادر علي مخاطبة الشعب الأمريكي في الانتخابات القادمة حتي يضمن لهذه السياسات الفوز في معركة القلوب والعقول التي سئمت من سقطات وكبوات الجمهوريين؟ واقع الحال يشير إلي ان الديمقراطيين رغم الايجابيات المتعددة في وثيقتهم الجديدة لا يملكون حتي الساعة قائدا مهيأ لهذه المهمة وان كانت هناك شخصيات في دائرة الضوء منها الزعيم الإفريقي الأصل بارك اوباما وزعيمة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ نانسي بيلوسي وهاري ريدر اكبر الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، غير ان الوجه الأكثر حضورا حتي الساعة هو السيناتور هيلاري كلينتون والتي يتساءل الأمريكيون اليوم هل يمكن ان تصبح أول رئيسة للولايات المتحدة؟ المؤكد ان هيلاري رغم أنها لم تعلن بشكل صريح أنها سترشح نفسها لانتخابات الرئاسة إلا ان هناك من يعتقد داخل الحزب الديمقراطي ان فرصتها في الترشيح قوية لأكثر من سبب أولها أنها تمتلك موارد مالية كبيرة لا سيما وأنها تعد الجواد الرابح لجماعات الضغط اليهودية وبخاصة في نيويورك التي تمثلها بالإضافة إلي الشهرة التي تحظي بها والتي لا تقل شهرة عن نجوم هووليود علاوة علي ذلك فان ترشح هيلاري كلينتون سيجد تأييدا كبيرا من شرائح عديدة تنظر بشكل ايجابي إلي السيناتور وزوجها مثل العمال والمدافعين عن حق الإجهاض والمنظمات البيئية والجماعات الأخري التي تسعي لتحقيق مصالحها مثل السود وغيرهم من الأقليات. وهناك بعد ذلك السمات التي ستجلبها هيلاري معها للسباق الانتخابي فهي امرأة ذكية ولديها مقدرة كبيرة علي العمل ومنضبطة وجسورة. وحول هذه النقطة الأخيرة يقول احد المراقبين عندما تبدأ الانتخابات فسيكتشف الكثير من الناخبين أنها تمتلك مواهب تفوق تلك الموجودة لدي المرشحين الآخرين وان زوجها بيل كلينتون هو أكثر مديري الحملات الانتخابية موهبة وأكثرهم اتصالا بذوي النفوذ في أمريكا. هل وثيقة الديمقراطيين الجديدة والجواد الرابح كانا السبب وراء تبريرات كاجان حول الحاجة إلي الديمقراطيين لتحسين أحوال أمريكا؟ يقول كاجان " نجحت السنوات الثماني لإدارة كلينتون في إخراج الديمقراطيين من صدمة حرب فيتنام وإعادة الحياة إلي نزعة التدخل الليبرالي في الشؤون العالمية لكن سنوات جورج بوش الراهنة أعادت الكثير إلي الوراء فقد تخلي الكلينتونيون الذين وجدوا أنفسهم بمواجهة إخفاقات إدارة بوش من جهة وانتقادات الجناح الساري في حزبهم من الجهة الأخري عما كانوا يؤمنون به يوما أنهم طأطأوا رؤوسهم وامتنعوا عن التصريح بشيء. وعليه فان أهمية مجيء إدارة ديمقراطية في الانتخابات المقبلة لا تتعلق فقط بإنقاذ الحزب الديمقراطي من السقوط في الانهزامية إنما تحتمها الحاجة إلي لملمة صفوف البلاد لمواجهة الأوقات العصيبة المقبلة. سيكون من صالح أمريكا إذن ان تنتقل السلطة إلي الحزب الآخر غير ان الأكثر أهمية هو ان تأتي انتخابات عام 2008 برئيس أمريكي موثوق يعهد إليه الأمريكيون باطمئنان بمقاليد السياسة الخارجية ذلك لان مزايا الرئيس الشخصية ونظرة العالم له غالبا ما تكون أهم في نظر المجتمع الأمريكي من الحزب الذي ينتمي له. ويتبقي في النهاية القول هل يعني ما تقدم نجاحا وفوزا مؤكدين للجمهوريين وسقوطا مروعا للديمقراطيين؟ احسب ان الإجابة تحتاج للتروي فلا يزال الوقت مبكرا لا سيما إذا نجحت إدارة بوش في التوصل إلي اتفاق سلمي مع إيران إضافة إلي الخروج بأقل الخسائر من مستنقع العراق وعدم ظهور فضائح جديدة تتعلق بانتهاك الحريات في الداخل وتحسن مؤشرات الأداء الاقتصادي والخروج من أزمة أسعار النفط وخلال العامين والنصف المتبقيين لإدارة بوش تبقي الاحتمالات مفتوحة علي كل الأبواب. أما إذا فشل الجمهوريون فيما تبقي لهم من وقت رئاسي فساعتها سيصبح الديمقراطيون هم الحل قولا وفعلا