ستكون مهمة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في زيارته الأوروبية ذات صعوبات وستواجه بكثير من العقبات فعليه أن يقنع قادة بريطانيا وفرنسا بالمنطق الذي يغلف خطة الانطواء ولا يتمكن من إظهار وعرض الأفضليات التي تكمن في هذه الخطة من أجل كسر حالة الجمود بين إسرائيل والسلطة. فمنذ حلف قسم حكومة أولمرت تراجعت هذه الخطة من جدول أعمال الحكومة وكذلك من أذهان الجمهور الإسرائيلي وبدلا منها فإن حالة التصعيد العسكري هي التي حلت محلها، وكذلك المخاوف من انهيار حالة وقف إطلاق النار مع إقناع الجمهور الإسرائيلي، والمجتمع الدولي بضرورة تنفيذ خطوة جديدة مماثلة في الضفة الغربية. إن حكومة أولمرت بيرتس تواصل حاليا سياستها الأمنية التي ورثتها عن سابقتها ولم توفق وتوجه جهودها لاستخدام القوة التي تملكها نحو أهداف سياسية. وكذلك الأمر في الساحة السياسية فقد فقدت إسرائيل مبادرتها أمام الضغط الدولي بضرورة العودة للمفاوضات السياسية مع رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس وكذلك مع التأكيد الأمريكي ل أبومازن لجهوده حول موضوع وثيقة الأسري ودفعها باتجاه الاستفتاء العام بين الفلسطينيين وكذلك بهدف إيجاد الشريك الشرعي للتفاوض مع أولمرت. النتيجة هي أن أولمرت يبدو أقل اهتماما وشجاعة كلما مر الوقت فعليه أن يظهر بوضوح أن إسرائيل معنية باستئناف المفاوضات مع السلطة لكنها لن تربط ذلك بالانسحاب الضروري وبإخلاء المستوطنات لقد حاول أولمرت في الآونة الأخيرة أن يشوش ويتوه الآخرين بتصريحاته وأن إعلانه بأن إسرائيل ستنسحب إلي حدود دائمة سوف تحظي باعتراف دولي قد اندثرت وتلاشت في حديثه عن حدود آمنة ولصالحه سوف يقال فإنه تراجع كذلك عن إعلانه السابق بأنه ينوي تكثيف الكتل الاستيطانية وحول قوله ووعوده بإقامة حي A1 الاستيطاني بين القدس ومستوطنة معاليه أدوميم أن عملية جر الرجلين توضح تماما بأن هذه الحكومة لم تقم بعد بإجراء أي نقاش جدي رسمي حول موضوع فك الارتباط وبرامجها السياسية وأنها لم تبدأ بعد بالبحث في موضوع الانطواء وهو الأمر الذي ينهار تدريجيا بالنسبة لتأييد الجمهور. الاستطلاع الذي أجرته صحيفة هاآرتس في نهاية الأسبوع الماضي يظهر بأن 56% من الجمهور الإسرائيلي يعارض الانطواء وبالنسبة للرأي العام العالمي فإن التفسير والفكرة الفلسطينية هي المقبولة عندهم والتي تقول بأن الانطواء ليس إلا خطة لتعميق الاحتلال. يجب علي أولمرت أن يظهر قيادته وأن يوضح بأنه علي الرغم من الصعاب الكامنة في الطريق فإن حكومته ستتوجه نحو الهدف المركزي الذي أعلنته: إنهاء الاحتلال والانفصال عن السكان الفلسطينيين في الضفة وذلك لكي تحافظ إسرائيل علي وجهها اليهودي وأن يتمكن الفلسطينيون من إقامة وإدارة دولتهم. فالمستوطنات خارج الجدار لم تعد بعد ورقة مماحكة وأن علي الحكومة أن تركز قواها في عملية إخلاء هذه المستوطنات وليس في محاولات جديدة لانتساخ الصيغة القديمة أراض مقابل السلام.. فالمفاوضات مع السلطة الفلسطينية يجب أن تجري حول الترتيبات الأمنية وحول خور الأردن والمناطق التي ستظل مختلفا عليها، وليس حول إيتمار أو يتسهار. لقد أثبت رئيس الوزراء خلال زيارته الأخيرة في واشنطن أنه يمتلك قدرة جيدة علي الظهور ويمكنه التأثير في المنابر الدولية وأن زياراته في لندن وباريس ستكون فرصة له ليركز في رسائله وبهذه الطريقة فقط يمكنه إقناع مضيفيه وكذلك جمهوره في البلاد.