لا شيء يعلو فوق صوت كرة القدم لمدة شهر كامل، الفيفا تحكم العالم ولن يكون بوسع أحد الاهتمام من الآن بأي قضايا دولية مهما كانت، ولابد أن زعماء وقادة الدول والزعماء السياسيين علي إدراك تام بهذا الواقع، فالعالم مشغول بمتابعة الكأس الذي تحمل اسمه، إنها كأس العالم كله، كأس كوكب الأرض، كأس الكرة الأرضية. زعيم الكوكب هذه الأيام هو نفسه رئيس الاتحاد جوزيف بلاتر، الذي سيجلس في المقصورة الرئيسية مساء يوم الجمعة القادم إلي جانب رئيس المانيا ورئيسة الوزراء وزعماء من جميع أنحاء العالم، إلي جانب كوفي عنان سكرتير عام الأممالمتحدة الذي لابد وأنه سيشعر بالغيرة. فها هو بلاتر يترأس الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي يضم عدد دول أكثر من تلك المنضمة للأمم المتحدة، ولا وجه للغرابة في ذلك، فالفيفا لا تشترط اشتراطات صعبة مثل التي تضعها الأممالمتحدة، لدرجة أن اتحادات كروية تم قبولها في الفيفا مثل الاتحاد الفلسطيني قبل أن تصبح دولة مستقلة. كما أن الفيفا أقدم عمراً من الأممالمتحدة، وعمرها ضعف عمر الأممالمتحدة وقوانينها تتطور دائماً وتحترم والعقوبات تنفذ في الملعب عبر الكروت الصفراء والحمراء، ولا تستند إلي الفصل السابع في ميثاق الأممالمتحدة الذي يجيز التدخل العسكري والحصار والضرب. في الفيفا لا يوجد كبير ولا صغير ولا يوجد مجلس للكبار، بل علي العكس كبار الكرة هم الدول الفقيرة من دول العالم الثالث تقدمها البرازيل والأرجنتين وبقية دول أمريكا اللاتينية التي تبهر العالم كروياً، بينما الولاياتالمتحدة متخلفة كروياً وروسيا غير موجودة علي الساحة الآن. التمثيل مضمون لكل دول العالم عبر التصنيفات القارية، وكل ألوان وأجناس الأرض ستكون موجودة في منافسات كأس العالم. من كل القارات والألوان احترام الدول المشاركة بعزف السلام الوطني لكل دولة، ثم تبدأ المنافسات وفقاً لقواعد اللعب النظيف.صحيح أن هناك صناعة هائلة وتجارة ضخمة تسيطر علي عالم كرة القدم، وشركات وفضائيات تكسب المليارات، وجعلت الفيفا أغني من الأممالمتحدة، إلا أنها مصدر سعادة الملايين الذين يذهبون إلي الملاعب أو يجلسون أمام التليفزيونات يهللون ويصرخون لدي كل هدف أو فرصة ضائعة.