كثيراً ما كنا نسمع من ابائنا وأجدادنا عن ذكريات الزمن الجميل ومدي سهولة المعيشة وكيف أن الموظف الذي كان يتقاضي ثلاثة جنيهات شهرياً كان يستطيع أن ينفق علي نفسه وأسرته ويوفر لهم حياة كريمة ويترحمون علي زمن ولي ومضي من غير رجعة وبالرغم من ذلك كتب الشاعر حافظ إبراهيم قصيدة بعنوان غلاء الاسعار قال: أيها المصلحون ضاق بنا العيش ولم تحسنوا عليه القياما عزت السلعة الذليلة حتي بات مسح الحذاء خطباً جساماً وغدا القوت في يد الناس كالياقوت حي نوي الفقير الصياما فإذا كان شاعرنا الكبير في عشرينيات القرن العشرين يشكو غلاء الأسعار فماذا هو قائل اذا تواجد في هذا الزمن الردئ الذي يقتل فيه عامل فران بسبب رغيف قيمته 5 قروش أو راي امرأة تلقي برضيعها في البحر لعجزها عن المقدرة للأنفاق عليه أو ذلك الأب الذي انتحر لعدم مقدرته علي شراء حلوي المولد النبوي لأطفاله. ومن عجائب الأمور ان تفلت الحكومة من مأزق دستوري خطير يتمثل في إنفاق 8 مليارات جنيه بالمخالفة للموازنة العامة التي اقرها مجلس الشعب لأن البصمجية موافقون ابداً ودائماً علي كل شيء وأي شيء. فتلك المخالفة الدستورية لو حدثت في دولة فيها احترام حقيقي للدستور والقانون لتباري الكل في استجواب الحكومة وطلب سحب الثقة منها وإحالة القائمين علي ذلك الأمر إلي النيابة العامة لاتخاذ شئونها ولكن الأمر مر مرور الكرام ولا عزاء للدستور. الزيادات الفاحشة في الأسعار تؤكد ان زمام الأمور قد تفلتت من يد الحكومة وإعلان صريح بالعجز عن ضبط الاسواق وضرب الاحتكار فالأمر لم يعد فقط ينحصر في دعم أو عدم دعم السلع بل الأمر يتعلق بالسياسة الاحتكارية التي يمثلها أصحاب النفوذ والمصالح واحتكار الاستيراد وسيطرتهم علي المنتج المحلي. فقوانين ضبط الاسواق ومنع الاحتكار وحماية المستهلك في سبات عميق من النوم وتركت الحكومة المواطنين لغول الغلاء الفاحش يفترسهم والمحتكرون والمتلاعبون بأقوات العباد ينخرون في عظام الضعفاء حتي بلغت القلوب الحناجر وصدق قول الشاعر الكبير حافظ إبراهيم: ايها المصلحون رفقاً بقوم قيد العجز شيخهم والغلاما وأغيثوا من الغلاء نفوساً قد تمنت مع الغلاء الحماما الأمر لم يعد يمكن السكوت عليه بعد ان نفضت الحكومة يدها فيستلزم تحرك شعبي جاد تقوده منظمات حماية المستهلك والصحافة الوطنية ويتمثل اولي خطوات هذا التحرك مقاطعة أي سلعة يتم زيادتها زيادة غير مبررة وضع قائمة سوداء باسماء السلع والمستوردون والتجار الذين يتعين مقاطعتهم، والتحرك الشعبي المنظم نحو إنتزاع موافقة مجلس الشعب علي إصدار قانون حماية المستهلك وتفعيل قانون منع الاحتكار ولا عزاء للبطون الخاوية