لا يعرف احد في مصر هدف الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الاوقاف من اصراره علي مشروع توحيد الأذان في المساجد المصرية رغم المعارضة الشديدة من جانب اغلب علماء الأزهر ورغم التكلفة الكبيرة التي لا مبرر لها لهذا المشروع والتي قد تصل إلي اكثر من عشرة ملايين جنيه علي مستوي الجمهورية بالاضافة إلي تكاليف التشغيل والصيانة والاشراف علي اجهزة الريسيفر التي ستزود بها المساجد لتستقبل من خلالها الاذان الموحد الذي سيتم بثه من الجامع الازهر. وإذا كان دكتور زقزوق ومؤيدوه يرون ان توحيد الاذان يؤدي إلي القضاء علي الفوضي ووضع حد لضجيج مكبرات الصوت ومنع الاصوات المنفرة من اداء هذه الشعيرة فإن المعارضين يقولون انه يقضي علي شعيرة دينية استقرت في المجتمعات الاسلامية منذ مجئ الاسلام كما يقضي علي المواهب لانه يقصر الاذان علي عدد محدود من المؤذنين وهذا يؤدي إلي الملل لدي المسلمين بالاضافة إلي انه يضر بالمؤذنين العاملين في المساجد في الوقت الحاضر والذين يتجاوز عددهم 20 ألفا وليس كما اعلن وزير الاوقاف من ان العدد لا يتجاوز بضع مئات وفوق ذلك كله ان الاذان ليس هو السبب الرئيسي في الضوضاء التي تعاني منها المدن الكبيرة خاصة القاهرة. والغريب في الامر ان تأتي معارضة مشروع وزير الاوقاف من جانب المجلس المحلي لمحافظة القاهرة الذي أعلن رفضه للمشروع وفشلت المفاوضات بين الوزير وبين المجلس ولم يستطع أي طرف اقناع الاخر بوجهة نظره بل حشد مجلس المحافظة عددا من العلماء المعارضين لتوحيد الاذان في ندوة نظمها مؤخرا لتأكيد موقفه الرافض للمشروع اعتمادا إلي اسانيد شرعية وادلة فقهية موثقة وتحولت القضية الي حرب بين الطرفين لان وزير الاوقاف لم يكن ليقف صامتا ازاء موقف المجلس المحلي لمحافظة القاهرة فقد عقد مؤتمرا صحفيا اعلن خلاله ان الاذان الموحد سوف يبدأ خلال ثمانية اشهر في نحو 4 آلاف مسجد من مساجد القاهرة واذا ثبت نجاح التجربة سوف يتم تعميمها علي بقية محافظات الجمهورية مشيرا إلي انه تم الاتفاق مع الهيئة العربية للتصنيع علي تصنيع اجهزة الريسيفر التي ستستقبل الاذان من الجامع الازهر بتكلفة 680 الف جنيه وبرر اصراره علي تنفيذ هذا المشروع بان الناس تشكو مر الشكوي من ضجيج مكبرات الصوت في المساجد مؤكدا ان توحيد الاذان يحقق راحة الناس وهدوء بالهم في منازلهم خاصة المرضي والطلبة الذين يستذكرون دروسهم وكبار السن والاطفال اضافة إلي المحافظة علي قدسية وجلال وروحانية الاذان وذلك من منطلق الاقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم الذي اختار اندي اصوات مكة وهو بلال بن رباح مؤذن الاسلام الاول ليؤذن للصلاة. ويدعم الدكتور زقزوق موقفه من الناحية الشرعية بالقول ان جميع العلماء والفقهاء متفقون علي توحيد الاذان باعتباره مسألة تنظيمية مستشهدا علي ذلك بفتاوي رسمية للدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الحالي والدكتور نصر فريد واصل المفتي السابق. لكن الضربة القاضية للمشروع جاءت من جانب مجمع الفقه الاسلامي الذي اعلن رفضه لفكرة توحيد الاذان وافتي بانه لا يجوز رفع الاذان في المساجد عن طريق المذياع أو الكاسيت واستند المجمع في فتواه إلي ما سار عليه المسلمون منذ تشريع الاذان في السنة الاولي للهجرة من الاذان لكل صلاة من الصلوات الخمس من كل مسجد وان تعددت المساجد في البلد الواحد وهذا ما يشير إليه حديث مالك بن الحويرث ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: "اذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم احدكم وليؤمكم اكبركم". واوضح المجمع ان النية شرط من شروط الاذان ولهذا لا يصح من المجنون ولا من السكران ونحوهما لعدم وجود النية وكذلك الحال في التسجيل كما ان الاذان عبادة بدنية وليس للرجل ان يبني علي اذان غيره مؤكدا ان توحيد الاذان يفتح علي المسلمين باب التلاعب بالدين ودخول البدع عليهم في عبادتهم وشعائرهم وقد يفضي إلي ترك الاذان بالكلية والاكتفاء بالتسجيل. وأكدت الفتوي ان الاكتفاء باذاعة الاذان في المساجد عند دخول وقت الصلاة بواسطة الة أو جهاز التسجيل ونحوه لا يجزي ولا يجوز في اداء هذه العبادة ولا يحصل به الاذان المشروع. وهكذا يقف الدكتور زقزوق وحيدا في ميدان معركة خاسرة لا تحتل اولوية لدي المسلمين لان هناك من المشكلات ما هو اعقد واكبر من ذلك ولا يتصدي لها وزير الاوقاف أو غيره واعتقد ان هذا المشروع حتي لو تم تنفيذه فسيكون مصيره الالغاء بمجرد مجئ وزير جديد للاوقاف في تغيير وزاري قادم لان وزارة الاوقاف تدار بنفس الطريقة التي تدار بها المحليات وبنفس الفكر الذي افسد علينا حياتنا وحرمنا من الاستمتاع بها