تخصيص عشرة مليون جنيه من ريع الأوقاف للمشروع على حساب صيانة المساجد ومعونة الأرامل واليتامى! المشروع بدأ بدعوة من فاروق حسني والأوقاف استجابت لعدم ازعاج الملاهي والكازينوهات! وزير الأوقاف بعث بمنشور للمساجد باعتبار الأذان بالميكرفونات من ملوثات البيئة المسير ومنيع عبد الحليم محمود وعبد الصبور شاهين والمطعني وعطية وشاكر على رأس المعارضين تحذير من توحيد خطبة الجمعة بعد توحيد الأذان! علماء الدين: المريض والطالب في أمس الحاجة لسماع صوت الأذان
كتب/ علي القماش
انتهت وزارة الأوقاف من التعاقد الرسمي مع المصانع الحربية لتوريد 4 آلاف جهاز ريسفر لتنفيذ مشروع الأذان الموحد.. وجاءت تكلفة الجهاز الواحد 800 جنيهًا أي بواقع نحو 3.5 مليون جنيه لأجهزة مدينة القاهرة وحدها حيث يليها تطبيق المشروع على عدد من المحافظات الأخرى بتكلفة تقدر ب10.5 مليون جنيه هذه المبالغ الطائلة تتحملها الوزارة من ريع الأوقاف الخاصة بالأهالي دون الرجوع إليهم وباستقطاعها من بنود أكثر أهمية من المشروع الذي تقوم به الوزارة تنفيذًا لأراء بعض ممن يطيقون سماع الأذان.. فنسبة توزيع ريع الأوقاف يستقطع منها 10% لأجور العاملين بهيئة الأوقاف ومكفآت وحوافز وغيرها وكذلك نسبة للصيانة ونسبة تدخل في مساعدة الأسر الفقيرة ومكافآت مسابقة حافظي القرآن وقد تم تقليص النسب الأخيرة أي عدا الحوافز والمكافآت(!!) واستقطاع نسبة من الريع لمشروع الأذان الموحد. بداية فكرة المشروع جاءت منذ سنوات عندما اعترض فاروق حسني وزير الثقافة وطالب بفكرة عمل أذان موحد بصوت مؤذن من مؤذني الإذاعة ورد عليه علماء الأزهر وقتها برد بليغ وهو نحن لا نتدخل في أمور وزارة الثقافة وعلى وزير الثقافة ألا يتدخل في شئون المساجد! إلا أن عدد من الصحفيين أيد دعوة وزير الثقافة وكانوا أصحاب الصوت العالي في الموضوع.. بعضهم عرض لنقاط تظهر التعاطف مع وجهة نظره مثل إذاعة التواشيح قبل الفجر في الميكروفون دون الاكتفاء بالأذان وهو ما انتهى إلى تنبيه الوزارة بعدم إذاعة التواشيح في الميكروفونات.. إلا أن الحملة لم تهدأ بحجة أن الأذان يؤلم المريض أو الطالب أثناء مذاكرته.. وبالفعل أرهبت الحملة وزارة الأوقاف وكان صداها أعلى ممن ردوا عليها إن كثير من المرضى يطيب قلوبهم بسماع صوت الأذان وكثير من الطلاب يتوجهون للمساجد حتى في أذان الفجر.. وبالفعل خضعت وزارة الأوقاف لوجهة نظر عدم استخدام الميكروفون ولكنها اكتفت باستخدامه في الأذان وعدم استخدامه في إقامة الصلاة وأداء الصلاة ورغم حدوث مشكلات عملية خاصة في المساجد الكبرى لعدم سماع المصلين لصوت الإمام وانتهى الأمر إلى استخدام السماعات الداخلية بتلك المساجد. وعادت الحملة ضد الميكرفونات من جديد وقادتها جريدة الأخبار في كثير من الأعمدة والمقالات والتي نادت بشعار من أراد أن يصلي فعليه أن يعرف مواعد الصلاة. وعليه خضع الوزير لهذه الحملة وبصورة أقوى من التي سبقتها حتى أنه اعتبر صوت الأذان في الميكرفونات من ملوثات البيئة ضمن التلوث السمعي وهو ما جاء في نص المنشور الذي بعث به مكتب وزير الأوقاف للمساجد وجاء فيه: من جانبها وفي إطار خطتها الموضوعية للتصدي للملوثات البيئية ومنها التلوث الضوضائي أحد مصادر التلوث الخطيرة على صحة الفرد والمجتمع ككل .. أصدرت وزارة الأوقاف منشورًا جديدًا منذ أيام وبناء على تعليمات مشددة من الدكتور الوزير محمود حمدي زقزوق بعدم التهاون في محاربة فوضى استخدام مكبرات الصوت باعتبارها سلوك ومظهر غير حضاري من جهة وليست من الدين في شيء على الإطلاق من جهة أخرى.. ويطالب أئمة المساجد بعد إساءة استخدام مكبر الصوت الخارجي للمسجد بقصره على إذاعة الأذان الشرعي لأوقات الصلاة الخمس يوميًا وصلاة الجمعة فقط التي هي بمثابة درس أسبوعي لرواد المسجد والحي.. وأن يكون الأذان في جميع الأحوال مناسبًا غير مبالغ فتكون فيه إساءة للدين وشعائره ومعتنقيه.. وذكر المنشور الذي تم توزيعه على أئمة المساجد أن الاكتفاء بالسماعات الداخلية في غير الأذان تكفي حيث أن المقصود الأول إفادة الجمهور الحاضر داخل المسجد إما للصلاة أو للاستماع إلى الدروس والتوجيه الديني في هدوء وإطمئنان واستقرار نفسي وتحقيقًا لراحة جيران المسجد بعيدًا عن الأصوات المرتفعة والصاخبة بلا أدنى داع حقيقي.. فضلاً عن أن من خارج المسجد من جمهور أخر مشغولون بأعمالهم وغير منصتون لما يقال بالداخل وأوضح الدكتور زقزوق أن ذلك اتخذ للقضاء على أسباب الشكوى المتكررة والفوضى التي باتت تنفر الناس من المسجد أكثر من أن تحببهم فيه وتجذبهم إليه مما أصبح يشكل مردودًا خطيرًا لا يمكن الاستمرار في ارتكابه أو مجرد قبوله أو حتى السكوت عليه ورحمة بالمسنيين والمرضى والطلاب وكل طالب للراحة وقال الوزير وهنا أؤكد أننا ضد الحالات الصارخة والمستفذة والتي تسيء إلى الدين فقط ولا نقترب من أذان غير مبالغ فيه ينبه المسلمين لحلول الأوقات ليقوموا إلى ربهم يؤدون صلاتهم وفروضهم ثم يعودون إلى أعمالهم مرة أخرى كل ذلك في هدوء وسكينة كاملين وبمظهر حضاري مطلوب ومرغوب فيه وواجب على كل منا ووقار ملائم للتقوى والتدين الصحيح. ورغم هذا المنشور التحذيري للمؤذنين بالمساجد والذين يتقاضون مكافآتهم من الوزارة إلا أن الغلبية لم تقم بتنفيذه لأسباب عديدة أهمها الاستجابة لرغبة جمهور المصلين.. إضافة إلى اعتقادهم بأن أجر وثواب المؤذن عند الله يصل بقدر أقصى ما يصل إليه صوته وأنه صوته يعلو لإعلاء كلمة الله والنداء للصلاة. وأضاف البعض أن القدوة في المسجد النبوي الشريف والحرم المكي حيث يؤذن أذانان للفجر ليس أذان واحد.. وكذلك الجمعة في كل المساجد وقد جاءت الحكمة في عهد الصحابة حيث لاحظ الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه عدم سماع صوت المؤذن خاصة للذين يقيمون بعيدًا عن المسجد فأمر بأن يؤذن أذان في منطقة الزوراء وهي على مسافة من المسجد حتى يسمعه من بخارجه والمتواجدين بالأسواق والأذان الثاني بين يدي خطيب المسجد.. وإذا كان هذا حدث في عهد الخليفة عثمان وكان المسلمون أكثر تمسكًا بالدين وأداء الصلاة فمن الأولى أن يكون ذلك مع مشاغل الناس الآن وعدم تمسكهم مثل المسلمين الأوائل. وهدأت وزارة الأوقاف ثانية إلا أنه كان هدوء يشبه العاصفة إذ عاد الوزير ثانية لتنفيذ الفكرة والدفاع عنها مستشهدًا بتأثره بها عندما كان يعمل بالتدريس في قطر! وعاد التصدي لدعوة الوزير المتجددة والتي تحورت من منع الأذان بالميكرفون إلى الأذان الموحد وبالطبع مع قصر استخدام الميكرفون على الأذان دون إقامة الصلاة أو أداء الصلاة.. وزعمت وزارة الأوقاف إجراء مسابقة لتصفية المتسابقين إلى عدد محدود تم اختياره لينبعث الأذان الأصلي من الجامع الأزهر ويتناقل عبر الأثير لأجهزة الريسيفر الموضوعة في المساجد الأخرى والبالغ عددها في بداية التجربة 3500 مسجد يتم زيادتها لاحقًا.
اعتراض العلماء واعترض عدد من كبار العلماء المشهود لهم بالعلم والفقه وعلى رأسهم د. محمد المسير أستاذ أصول الدين أن الأذان واجب على المسلم حتى لو كان في الصحراء كنوع من تذكير النفس وإعلان هذه الشعيرة وحتى لو كان المكان خاليًا من البشر وقد سبق رفض الفكرة بعد مناقشات طويلة انتهت إلى وقوع خطأ فقهي في مسألة توحيد الأذان باعتبار أن العبادات لا تمارس بميكنة وأنها مرتبطة بإرادة البشر وأن الصلاة في المكان الذي يقام فيه الأذان وأن ما يصل من الأذان الموحد ما هو إلا ذبذبات وليس صوتًا حقيقيًا للمؤذن.. وقال المسير أن توحيد الأذان ليس انتقاء للصوت وإنما احتكار للصوت وإلغاء أصوات كثيرة قد تكون متميزة وأن التعلل بالمرض والطلاب غير مبرر وأن هاتين الفئتين في أمس الحاجة لسماع صوت الأذان الذي يذكر فيه الله أكبر كما أن الضجيج المفتعل غير مبرر لأن الأذان لا يزيد عن ثلاث دقائق في وقت لا تقوم فيه الدنيا على الملوثات السمعية الأخرى. وهاجم د. عبد العظيم المطعني الأستاذ بجامعة الأزهر تطبيق الأذان الموحد ويصفه بالبدعة يتحمل مسئوليته وزير الأوقاف مشيرًا إلى أن الوزير تمارس عليه ضغوط من المبشرين ورواد الملاهي والكازينوهات والذين يزعجهم ويؤلمهم سماع الأصوات المختلفة للمؤذنين ونخشى أن تكون هذه بادرة لتوحيد خطبة الجمعة. ويحذر د. منيع عبد الحليم محمود عميد كلية أصول الدين من المشكلات التي ستأتي بسبب الأذان الموحد خاصة أن هناك اختلافًا واضحًا وواقعيًا في التوقيتات من مكان وأخر مؤكدًا أن هذا القرار اجتهاد من وزير الأوقاف وليس فيه شيء مقتبس من القرآن أو السنة أو حتى السلف الصالح ويجب العودة إلى الصواب. ويرى د. عبد الصبور شاهين العالم المعروف أن قرار وزير الأوقاف بتوحيد الأذان حرمان لكافة الناس من ممارسة وأداء هذه الشعيرة وانقراضها من المجتمع الإسلامي بسبب قرار الوزير.. وأن هذا يخالف السنة فالرسول صلى الله عليه وسلم وهو القدوة الحسنة كان بلال مؤذن للرسول عليه الصلاة والسلام في مسجد المدينة وهناك مؤذن أخر في المسجد الحرام.. وأن إذاعة القرآن الكريم لا تذيع بصوت مؤذن واحد حتى لا يتسرب الملل إلى أذان المستمعين في سماع صوت واحد ويؤكد ويؤيد نفس وجة النظر د. مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر فيقول أن هذا القرار يرفضه الشرع لتعلقه بشعيرة نحن في أشد الحاجة إليها ويضيف د. محمد فؤاد شاكر أستاذ الحديث بجامعة عين شمس أن ما يحدث على الساحة الدينية لا يرضي أحدًا وهو ما يخالف ما اتفقت عليه كتب السنة من الحفاظ على قدسية الشعائر الدينية خاصة في هذا الزمن الذي يحارب فيه الدين من كل جانب من جانب أعداء الإسلام.. وبجانب العلماء رفض المجلس الشعبي المحلي بمحافظة القاهرة والذي يقال أنه ممثل للأجهزة الشعبية.. رفض فكرة الأذان الموحد. ولكن في الواقع أنه لا صوت لمثل هذا المجلس أو كبار العلماء أو رجل الشارع لتراجع وزير الأوقاف عن قراره فهو رجل ديموقراطي على طريقة الحكومة التي تعلن أيضًا في الميكرفونات ليل نهار عن الديمقراطية بينما تتمسك بقانون الطوارئ وتواصل الاعتقالات وتمنع التظاهر وتزيف الانتخابات وتغلق الصحف وتعصف بالحريات.. وعليه جاء تعاقد الوزير لشراء أجهزة الريسيفر لتطبيق الأذان الموحد من أموال الأوقاف ولم ينجح وزير الأوقاف وحده في تطبيق الفكرة بل نجح من سبقه بالدعوة إليها وهو الإمام فاروق حسني وزير الثقافة والذي يعتز بفن الملاهي التي يزعجها صوت الأذان!