ذهبت الولاياتالمتحدة إلي الحرب في العراق، فدمرته واطاحت برئيسه، وأحدثت الفرقة الدينية والعرقية بين فئات الشعب الواحد، بحثا عن أسلحة دمار شامل مزعومة يقوم صدام حسين بإنتاجها. وبعد خراب العراق واشاعة القلق واثارة الرعب والارهاب السياسي والعسكري في المنطقة، ووسط التكهنات بقرب العثور علي اسلحة الدمار الشامل، وبعد أن صار العراق كله في قبضة بوش، لم يعثر الاخير علي الاسلحة التي كانت السبب الرئيسي "المعلن" لشن الحرب علي دولة ذات سيادة.. واليوم.. اعلنت ايران انها ثامن دولة نووية في العالم، وثاني قوة اسلامية تملك التكنولوجيا النووية بعد باكستان.. وصحيح أن الاعلان الرسمي الذي جاء علي لسان الرئيس الايراني المتحدي أحمدي نجاد حرص علي التأكيد علي الطبيعة البحثية والتكنولوجية للانجاز الايراني.. الا ان الغرب يدرك ان ايران باتت اخطر مما كانوا يتصورون.. وسبب هذا الادراك ان ايران وجهت اليهم لطمة قاسية اذ اجرت ابحاثها في طي الكتمان ولم تستطع كل قوي المخابرات الغربية ان ترصد الانجاز العلمي الايراني.. كما ان توقيت الاعلان عن تخصيب اليورانيوم كان مقصودا.. اذ سيضطر مجلس الامن الي النظر في اتخاذ خطوات ابعد.. ومهما كانت طبيعة الاجراءات.. ومهما كان الرهان علي الموقفين الروسي والصيني "يمكن ان يتغيرا، وفق لعبة المصالح مع الغرب".. فإن الامر الواقع فعلا هو ان ايران صارت قوة نووية في الخليج.. وهذا الاثر العسكري الاستراتيجي المتشح بالطابع العلمي الدعائي هو في حقيقة الامر نتاج طبيعي ومولود شرعي لفلسفة الفوضي الخلاقة التي بشرت بها ونفذتها وتنفذها مجموعة المتطرفين الحاكمة في البيت الابيض.. إن التطرف يولد التطرف.. واذا كان الغلاة السياسيون في الحكومة الامريكية قد نشروا عقيدتهم السياسية تحت عباءة الدين.. فماذا يمكن ان يكون رد الفعل؟! هل يقبل أحد التفريط في عقيدته الدينية مهما كان الثمن؟!. إن ايران صارت قوة نووية.. نتيجة سياسات الكيل بمكيالين.. ان الولاياتالمتحدة تعرف ان اسرائيل قوة نووية ضخمة ولديها اكثر من 200 رأس نووية.. وهي لا تريد لأي دولة في المنطقة العربية ان ترفع رأسها، نووية ولا حتي صلعاء، في مواجهة إسرائيل، حسنا.. هذا ما فعله بوش ورايس.. وهذا ما سيحدث في مناطق اخري كثيرة من العالم، لاثبات القدرة الوطنية علي تحدي الطموحات الامبراطورية الامريكية. ان الموقف الثابت للسياسة المصرية الخارجية هو ضرورة استقرار المنطقة.. ومن هذه الرؤية الدائمة لمصر، كان النشاط المصري الدؤوب في عملية السلام، وتهدئة الاوضاع بين الفلسطينيين والاسرائيليين والسير في عملية التفاوض وصولا للدولة الفلسطينية المستقلة والموقف الثابت لمصر هو وجوب اخلاء الشرق الاوسط كله من اسلحة الدمار الشامل، لكن الولاياتالمتحدة اختارت ان تمنح الترخيص النووي لإسرائيل.. تمارس البطش والارهاب والقتل والتجويع، وفي الوقت ذاته اختارت ان تمنع دول المنطقة من الشعور بكيانها الوطني وسيادتها القومية وان يكون لها سلاح رادع. الآن.. ينبغي ان تواجه امريكا الموقف بعقلانية اكبر.. إذ لن يفيد المنطقة قط الدخول في حرب جديدة ستكون عواقبها جحيمية ليس فقط لسكان الشرق الاوسط، بل ايضا للغرب.. وكما قلت فإن الظلم الامريكي الفادح للحقوق العربية والعدوان علي الدين الاسلامي وعدم احترام المشاعر العربية والاسلامية، دفع الشعوب وسوف يدفع بها الي اختيار قيادات تواجه قيادات التطرف الامريكي. نرفض تحويل الشرق الاوسط الي مزرعة نووية.. وعلي الاممالمتحدة ومجلس الامن الدولي ان يطلبا من اسرائيل ومن ايران ومن اية قوة اخري تعمل في السر او العلن تفكيك برنامجها النووي.. جاء الامريكان بالخراب.. والانفلات النووي.. والكل خاسر في حرب وقودها الناس والحضارة.